جدد الرئيس الاميركي جورج بوش تحذير سوريا من مغبة عدم وقفها تدفق المقاتلين الاجانب عبر اراضيها الى العراق. واكد ان عزلة سوريا ستزداد اكثر فاكثر لرفضها التعاون مع الحكومة العراقية ولانها "ليست شفافة بالنسبة الى ما فعلته في لبنان"، في اشارة الى احتمال تورط دمشق في اغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري.

واشار، خلال مؤتمر صحافي مشترك عقده والرئيس العراقي جلال طالباني عقب محادثاتهما في البيت الابيض، بالهجوم "القوي" الذي شنه السفير الاميركي لدى العراق زالماي خليل زاد الاثنين على سوريا بسبب دعمها للارهابيين في العراق. وقال انه يتعين على الرئيس السوري بشار الاسد ان يدرك ان الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد اخفاقه في هذا المجال، مشيرا الى ان ادارته ستتشاور مع حلفائها "للتركيز على تغيير السلوك السوري وخصوصا في ما يتعلق بالديموقراطية ومحاولة منع الديموقراطيات من النمو".

ووجه طالباني انتقادا شديدا وضمنيا الى سوريا وغيرها من جيران العراق، وقال: "على جيراننا، وعلى الاقل بعضهم، ان يتوقفوا عن مهاجمة الديموقراطية العراقية ونريدهم ان يشاركوننا في مكافحة الارهاب. كما نريد من اشقائنا العرب ان يوقفوا وسائل الاعلام على الاقل الرسمية منها من دعم الارهاب". ومع انه لم يذكر سوريا بالاسم، الا ان مصادر في الوفد العراقي اوضحت انه كان يقصدها تحديدا، ولكنه لم يشأ تسميتها لانه يعتزم زيارة دمشق مستقبلا.

وسئل بوش عن تصريحات خليل زاد، فأجاب ان سفيره "تحدث بقوة عن سوريا لانه يدرك ان الحكومة السورية تستطيع ان تفعل اكثر مما تفعله الآن لمنع تدفق المقاتلين الاجانب الى العراق". وقال: "هؤلاء الناس يأتون عبر سوريا الى العراق ويقتلون العديد من الابرياء ويقتلون ايضا جنودنا. وبالطبع تحدث بقوة عن هذا الامر وعلى الزعيم السوري ان يدرك اننا نأخذ على محمل الجد اخفاقه في التحرك" لوقف هذه الممارسات.

وفي اشارة الى ان الوضع في سوريا وسلوك سوريا في العراق ولبنان سيكونان من القضايا المهمة التي سيناقشها مع حلفائه الاوروبيين والعرب على هامش قمة الجمعية العمومية للامم المتحدة، قال بوش: "سنعمل مع اصدقائنا، وهذا سيكون موضوع نقاش بالطبع مع الحلفاء في اماكن مثل نيويورك، وفي احيان اخرى اتصل بالحلفاء في هذا الشأن، للتركيز على تغيير السلوك السوري".

عقوبات

وأفادت مصادر أميركية وعراقية انه اذا لم تتحرك سوريا بسرعة لتغيير سياستها حيال العراق، فانها ستتعرض لعقوبات ديبلوماسية واقتصادية وحتى عسكرية.

ويلفت المسؤولون الاميركيون الى ان تصريحات السفير خليل زاد كانت مدروسة ومقصودة كي تكون مؤشراً "لطبيعة الاشياء المقبلة"، استناداً الى مسؤول بارز في البيت الأبيض.

طالباني

والتقى الرئيسان الأميركي والعراقي على رفض تحديد جدول زمني لسحب القوات الاميركية من العراق، وان يكن طالباني أمل ان يؤدي تدريب القوات العراقية وزيادة عديدها الى قيامها بمسؤوليات أمنية أكبر مع نهاية السنة المقبلة، "لتحمل المسؤوليات من العديد من القوات الاميركية لاننا لا نريد اعطاء الانطباع للارهابيين ان ارادتنا لالحاق الهزيمة بهم قد ضعفت، او انهم قادرون على هزيمتنا". وشدد على "اننا لن نحدد جدولا زمنيا للانسحاب، لان هذا الجدول سوف يساعد الارهابيين ويشجعهم على الاعتقاد انهم قادرون على هزيمة قوة عظمى وعلى هزيمة الشعب العراقي".

وجاء موقف الرئيس العراقي مناقضا بعض الشيء لما قاله لصحيفة "الواشنطن بوست" قبل لقائه نظيره الأميركي، اذ رأى انه يمكن سحب نحو 50 ألف جندي أميركي في نهاية السنة لان هناك قوات عراقية جديدة قادرة على الحلول محلهم.

ولكن، حتى قبل نشر كلام طالباني، حاول مساعدوه ومسؤولون اميركيون احتواء الضرر المحتمل لمثل هذا التصريح داخليا وخارجيا، بالاتصال بالصحيفة للتأكيد ان كلامه ليس بمثابة تحديد جدول زمني للانسحاب. ومن هنا يكتسب كلامه رسميا وعلنيا وفي حضور بوش عن عدم تحديد جدول زمني اهمية خاصة.

ولاحظت مصادر اميركية وعراقية انها لا تريد ان يساء تفسير تصريحات طالباني وخصوصاً انها لا تنسجم مع التفكير الاميركي الراهن، لدى معارضي الحرب في الداخل الذين سيقولون انه اذا كان الرئيس العراقي يتحدث عن انسحابات بهذا الحجم لماذا يصر الرئيس بوش على رفض تحديد جدول زمني؟

واشاد بوش وطالباني بالدستور العراقي الجديد، واعتبره بوش معلما تاريخيا، بينما قال طالباني انه "ليس مثاليا، لكنه احد افضل الدساتير في الشرق الاوسط". وبعدما ذكر بمحاولات حكومته لاقناع جميع فئات الشعب العراقي وخصوصا السنة العرب بالمشاركة في العملية السياسية والاستفتاء على الدستور منتصف الشهر المقبل، اضاف انه "يمكن تعديل الدستور في المستقبل اذا اراد الشعب العراقي ذلك".

ووجه طالباني كلمة الى الاميركيين الذين يتساءلون عما اذا كانت الحرب هي القرار الصحيح، ودعاهم لزيارة "القبور الجماعية" التي خلفها نظام صدام حسين "الذي فرض استقرار القبور الجماعية".

دمشق

وسارعت دمشق الى الرد على تصريحات بوش مؤكدة انها اتخذت اجراءات وبذلت جهودا لحماية الحدود مع العراق ونفذت كل ما يتعلق بها من القرار الدولي 1559.

وافادت الوكالة العربية السورية للانباء "سانا" ان "الرئيس الاميركي بوش كرر اتهاماته لسوريا بعدم التعاون لضبط الحدود مع العراق على رغم الاجراءات التي اتخذتها سوريا والجهود التي تبذلها لحماية الحدود ومساندة العراق في توطيد امنه واستقراره وحماية وحدته وسلامة اراضيه". واضافت انه "جدد توجيه التهم الى سوريا بعدم الشفافية في لبنان على رغم تنفيذها كل ما يتعلق بها من القرار 1559 وتعاونها الكامل مع لجنة التحقيق الدولية وتقديم كل التسهيلات لجلاء الحقيقة في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبناني السابق رفيق الحريري".

وكانت دمشق نفت الاثنين اتهامات خليل زاد بأنها تساعد ناشطين على التسلل الى العراق عبر اراضيها، مشيرة الى ان التهديدات الاميركية باللجوء الى القوة هي جزء من الضغوط عليها.

مصادر
النهار (لبنان)