بعدما قطف رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون الاسبوع الماضي في نيويورك ثمار الانسحاب الاسرائيلي التاريخي من قطاع غزة باجرائه اتصالات لا سابق لها مع قادة للعالم الاسلامي على هامش قمة الامم المتحدة، وحاز اطراء دوليا على خطابه امام القمة العالمية، شرع بالتدخل مباشرة في الشأن الفلسطيني الداخلي من باب الانتخابات التشريعية التي هدد بعرقلتها في الضفة الغربية اذا شاركت "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) فيها.

واللافت ان تصريحات شارون هذه تأتي بعد اعلانه وتأكيد السلطة الفلسطينية عقده لقاء في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل للبحث في اطلاق عملية السلام. وقد ازعجت تدخلات شارون هذه الفلسطينيين، فرفضها الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة، كما دانتها "حماس"، مهددة في الوقت ذاته بتحويل الشريط الامني الذي اعلنت اسرائيل انشاءه في قطاع غزة بعمق 150 مترا داخل الاراضي الفلسطينية، الى مزارع شبعا فلسطينياً، تيمناً بما يقوم به "حزب الله" في مزارع شبعا اللبنانية.

وقال شارون في تصريحات نشرت امس ان اسرائيل يمكن ان تعرقل التصويت في الضفة الغربية المحتلة اثناء الانتخابات التشريعية الفلسطينية التي ستجري في كانون الثاني (يناير) اذا شارك فيها مرشحون من "حماس".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن شارون قوله لصحافيين في اجتماع عقد في نيويورك "سنبذل كل جهد ممكن لعدم مساعدة" الفلسطينيين.اضاف، "لا اعتقد انه يمكنهم اجراء انتخابات بدون مساعدتنا".

ونقلت الصحيفة عن شارون قوله ان اسرائيل قد لا تزيل حواجز الطرق في الضفة الغربية لتجعل من الصعب على الفلسطينيين هناك الادلاء بأصواتهم اذا شاركت "حماس" في الانتخابات.
وردا على تصريحات شارون، اعتبر القيادي البارز في "حماس" محمود الزهار أنها "تستهدف ليس فقط توجيه ضربات الى حماس بل تنبه الى دولة غزة في إطار مخططه للاستيلاء على الضفة الغربية". وقال "ان شارون يخشى ان تفوز حماس كما فازت في مواجهتها معه في قطاع غزة على المستويين السياسي والأمني.. وهو يريد ألا يخسر سياسيا في الضفة الغربية".

وطالب الزهار المجتمع الدولي بمنع شارون من التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني وفي الانتخابات التشريعية المقبلة، داعيا السلطة الوطنية الى اتخاذ موقف حاسم يمنع اي تدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي.

وأكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية تعقيباً على تصريحات شارون، "أن لكل مواطن حق المشاركة في الحياة السياسية، لاسيما في الانتخابات التشريعية المقررة في 25 كانون الثاني (يناير) المقبل". وقال "إن الديموقراطية تتطلب تعددية سياسية".
ووسط هذا السجال السياسي، يسجل ملف المسائل العالقة بين الفلسطينيين والاسرائيليين في قطاع غزة، لا سيما المعابر، تأزماً، لا سيما بعدما اعلنت اسرائيل نيتها انشاء شريط امني بعرض 150 مترا داخل الاراضي الفلسطينية في شمال القطاع.

وردا على ذلك، هددت "كتائب عز الدين القسام"، الذراع العسكري لـ"حماس" بتحويل تلك المنطقة الأمنية الى "مزارع شبعا". وقالت الكتائب في بيان لها امس إنها "تنظر بخطورة بالغة لهذا الإعلان مؤكدة ان إقدام إسرائيل على هذه الخطوة يعني استمرار المقاومة ودك جنود الاحتلال بنيران القسام صباح مساء وبكل الوسائل".
وأوضحت أنها "لن تدع العدو الإسرائيلي يأمن في هذه المنطقة المزعومة مؤكدة انها ستحيلها الى بؤرة دمار لجنوده وآلياته".
واعتبرت حماس في بيانها أي "تدخل اسرائيلي على حدود قطاع غزة ومنافذه أو في جوه أو بحره هو شبعا مزروعة في خاصرة العدو وعليه ان يتحمل عواقبها".

وفي شأن المعابر في غزة، اعلن ابو ردينة امس ان هناك اقتراحا عمليا لحل مشكلة معبر رفح، على ان يكون فلسطينياً مصرياً حتى التوصل الى اتفاق بشأنه. وقال "هناك اقتراح عملي وجهود مكثفة تبذل من اجل حل مشكلة المعبر وتشغيله". وتوقع الوصول الى اتفاق بشأن المعبر "في الايام القريبة المقبلة". واوضح ان الاقتراح يقضي بأن يستأنف العمل في المعبر الحالي فلسطينياً مصرياً دون مزيد من التفاصيل.

وقال مسؤول فلسطيني رفض ذكر اسمه ان الاقتراح "يقضي بسفر الافراد الفلسطينيين الذين يحملون بطاقات هوية (ارقام وطنية) ذهاباً واياباً عبر المعبر لكن غير الحاصلين على بطاقات هوية (مثل اللاجئين والنازحين) يمكن دخولهم بعد التوصل الى اتفاق".

وقد نشرت قوات الامن الوطني الفلسطينية صباح امس 4 كتائب على الحدود بين قطاع غزة ومصر لمنع حركة العبور غير الشرعية من والى مصر التي شهدتها المنطقة منذ انسحاب الجيش الاسرائيلي الاثنين الماضي.
وفي الضفة الغربية، سجل امس خروج قوات الاحتلال الاسرائيلي من مستوطنة "حوميش" المقامة على اراضي جنين شمال الضفة الغربية، وهي احدى المستوطنات الأربع التي تم إخلاؤها من المستوطنين وتدمير منازلهم والأبراج العسكرية فيها.

وقالت مصادر فلسطينية محلية فى جنين ان الفلسطينيين دخلوا المستوطنة بعد انسحاب الجيش الاسرائيلي منها من دون ان تدخل قوات الأمن الفلسطينية.

ومن المقرر ان يلتقي رئيس الوزراء الاسرائيلي والرئيس الفلسطيني في بداية تشرين الاول (اكتوبر) في محاولة لتحريك عملية السلام في حين يواجه كلاهما صعوبات داخلية خطيرة.

واوضح الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة ان اللقاء "سيعقد في قطاع غزة او في اسرائيل وسيتم خلاله البحث في الخطوات الاسرائيلية المقبلة وسبل تطبيق خارطة الطريق".
وفي السياق السياسي ايضا، يتوقع ان تبدأ اللجنة الرباعية الدولية بالضغط على شارون الثلاثاء المقبل للاستفادة من آلية الانسحاب من غزة، الذي تصفه إسرائيل بـ"فك الارتباط"، لإحياء خطة "خارطة الطريق".

واجتمعت "الرباعية" في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى مبعوثها جيمس ولفنسون، لبحث خطط إعمار قطاع غزة الذي يعتمد أساسا على التمويل من الاتحاد الأوروبي.

وقال ناطق باسم موفد الاتحاد الأوروبي إلى اللجنة الرباعية إن أحد المواضيع التي سيتم بحثها مع شارون هو عدد المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية الذي لفت إلى انه "يتزايد باستمرار".
وستبحث "الرباعية" مع شارون أيضا في تسهيل حرية حركة الفلسطينيين كي يتمكنوا من العمل والانتقال.

مصادر
المستقبل (لبنان)