قبل يوم واحد من افتتاح مركز الليكود وجد رئيس الحكومة آرييل شارون نفسه أمام كل عيوبه السياسية والأمنية. فبعد أسبوع على الاستقبال الحار الذي حظي به في الأمم المتحدة، يتّضح أنه لا يوجد جملة أكثر إثارة للسخرية من القول أن "فك الارتباط سيحسّن وضعنا الأمني"، وهي الجملة التي قالها شارون وكلبه المدلل موفاز طوال السنة الماضية.

شارون في مصيدة. فالعملية البرية في قطاع غزة لا تبدو واقعية. والجيش الإسرائيلي لن يسارع الى إعادة فتح حاجز كيسوفيم بعد أن أغلقه بصخب قبل أسبوعين فقط. فالعملية البرية معناها الوقوع في ورطة ليس واضحاً كيف يمكن الخروج منها. فهل يستطيع شارون الوقوف أمام الأهالي المحزونين للجنود الذين سيُقتلون في مثل هذه العملية بعد أن كان أوضح بنفسه مدى أهمية الانسحاب من القطاع؟ وهل سيمنح الرأي العام الدولي لشارون الغطاء اللازم لدخول قوات الجيش الإسرائيلي الى القطاع مجدداً بعد أن أغدق الثناء عليه لخروجه من هناك؟ بقي الخيار الجوي. هو خيار واقعي، لكن نتائجه معروفة سلفاً ومعناها: إطلاق النار سيستمر في المستقبل أيضاً. فلا يمكن كسب الحرب من خلال الهجمات الجوية فقط.

بيدَ أن التبرير القائل "عندما كنا في غزة حصل إطلاق لصواريخ القسام أيضاً هو تبرير تافه جداً. أولاً، إذا كان الأمر كذلك فعلاً، فهذا يعني أن الانسحاب لم يغير شيئاً. إذاً لما خربنا غوش قطيف؟ وثانياً، عندما كنا في القطاع، كانت لدينا أدوات لمكافحة صواريخ القسام. ومع أننا لم نستخدمها دائماً، إلا أنه كان لقسم منها على الأقل فعالية معينة عندما جرى استخدامها. فاليوم، مثلاً، لا يمكن تقسيم القطاع الى ثلاثة أجزاء. كما أن الوسائل القتالية التي تدخل اليوم من مصر الى القطاع عبر محور فيلادلفي، من دون أي حاجة لبذل الجهد عبر الأنفاق، تصل اليوم من دون أي عائق لكل منطقة في قطاع غزة، بما في ذلك المناطق القريبة لخط الحدود مع إسرائيل.

إن أحداث نهاية الأسبوع تخدم نتنياهو ورافضي خطة فك الارتباط. فبسرعة كبيرة جداً اتضح لشارون الى أي حد كان الانسحاب الأحادي الجانب من القطاع خطوة مغامرة خطيرة، عرّض من خلالها أمن سكان النقب للخطر. وسيجد شارون صعوبة بالغة في أن يشرح غداً لأعضاء حزبه ما هي الفائدة والجدوى الناجمة عن الفرار الأحادي الجانب من القطاع، عن تخريب منطقة الاستيطان المزدهرة وطرد جميع سكانها، في الوقت الذي بات فيه الوضع الأمني في شمال النقب أسوأ بكثير.

مصادر
هتسوفيه (الدولة العبرية)