لم تملأ الدراما التلفزيونية السورية رمضان هذا العام الدنيا مع أنها شغلت الناس، فهذه الدراما وصلت إلى غايتها وتوقفت، وبقي عليها سداد فواتير ما اقترفته في حق نفسها عبر بينونة طلاقها للحداثة التي أنجبتها بالثلاث.

لم تتوقف الدراما التلفزيونية السورية، منذ طفرتها أو فورتها، يوما لتنظر إلى الخلف لتدرس أو تقييم ما أنجزته ومدى مقاربته لهذا الفن المعاصر الذي ينقل الفن إلى غرف النوم والمطابخ في أقصى بقاع الأرض، بل انطلقت موغلة في فردية التوازي مستبدلة العمل الجماعي بالعمل الجمهوري حيث تتحول المهن الفنية إلى سلطات تتوازى وتتعايش على حساب تقاطع وتراكب وتكامل المواهب والمعارف للوصول إلى إنتاج لا يمكن وعلى الأقل رميه بتسميم الذائقة والأفكار.

وكأنها واتتها الفرصة لتستعيد كل ما في المجتمع من تصلب تجاه العصر، وكل ما فيه من تعصب تجاه الأفكار الجديدة لتصبها في قالب ( نختار من القادم إلينا ما يناسبنا ونترك الباقي ) ليتحول القالب نفسه بذريعة الدفاع عن الذات والخصوصيات إلى ممارسة معكوسة من حيث صلاحيتها للحياة المعاصرة، لنتحول إلى قياس الحداثة على مقياس الماضي، بدلا عن قياس هذا الماضي بمقياس الحداثة المسببة أصلا لوجود هذا الفن، بحيث نضحك من الفن والفيزياء والكيمياء معتبرين أنفسنا أذكى من صيرورة الحياة ببعدها المعرفي وقادرين على تسخير منجزها لكل ما يحلو لنا، وعندما تتحول هذه الدراما بعد عملية التلقي إلى أنانية وتعصب وعنف سوف نجد ملايين الذرائع من مؤامرات وعداء إعلامي إعلاني في انتظار تلميع فشلنا في صنع دراما حديثة ومعاصرة شكلا ومضمونا.

في حصاد هذا العام هل يمكننا القول أننا وصلنا إلى النهاية ؟؟؟ هل هناك شيء جديد قيل ؟ إذا كانت علتنا الثقافية الأساسية هي شعورنا بالاكتمال المعرفي، أو ما يسمى ان العلم وضع وانتهى في الماضي، فلماذا نعمم هذا المرض، بل ونبشر الآخرين به …آ ؟؟؟؟؟؟