بعث الرئيس السوري بشار الأسد رسائل الى قادة عدد من دول العالم والدول الأعضاء في مجلس الأمن بخصوص التحقيق الدولي حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري الذي اتهمت لجنة التحقيق مسؤولين سوريين بالضلوع فيه، ونقلت مصادر عن الأسد قوله لوفود زارت دمشق للإعراب عن التضامن مع بلاده ان سوريا حسمت خياراتها وسترفض الانصياع لأي طلب تراه يتعارض مع حقها في أن تكون “سيدة نفسها” وأعرب عن اعتقاده أن بلاده تتوقع حصاراً اقتصادياً ولا تستبعد عملاً عسكرياً.

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية: إن الأسد بعث رسائل الى عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة والدول الأعضاء في مجلس الأمن والرئيس الحالي للقمة العربية، الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، ورئيس الدورة الحالية لقمتي المؤتمر الاسلامي وقمة دول عدم الانحياز رئيس الوزراء الماليزي عبدالله أحمد بدوي، والأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، حول التعاون السوري مع لجنة التحقيق الدولية في اغتيال الحريري.

ونقلت صحيفة “السفير” اللبنانية عن الأسد قوله لوفود عربية وأجنبية وصلت الى دمشق لإعلان تضامنها مع بلاده: ان القرار بمحاصرة سوريا وضربها اتخذ قبل اغتيال الحريري، لأن سوريا تقع على تقاطع استراتيجي يخص ملفات ساخنة للغرب و”إسرائيل”. وأكد أن دمشق لا تخجل من موقفها الداعم للمقاومة المشروعة في العراق وفلسطين، وتميز جيداً بين الإرهاب والمقاومة المشروعة ضد أي احتلال، وأشار الى أن سفراء الدول الغربية في بيروت كانوا يتجهون الى اتهام حزب الله اللبناني بأنه وراء جريمة اغتيال الحريري ولما تأكد لهم أن مثل هذا الاتهام سيتسبب بفتنة كبرى واضطراب في لبنان غيروا الاتهام الى سوريا. وقال: إن سوريا أعربت عن استعدادها للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية التي اتضح أن الغرض منها ليس الوصول الى الحقيقة بل “إذلال سوريا” وهو أمر مرفوض. وشدد على أن دمشق لن تقبل أي شيء يمس بكرامة وسيادة واستقلال البلاد.

وقال: إن الولايات المتحدة تريد أن تكون لجنة التحقيق الدولية ورئيسها ديتليف ميليس أداة للضغط على سوريا، وأشار الى أن دمشق تعرف أن الضغوط لا سقف ولا أفق لها، وشدد على أن دمشق تعرف أيضاً أن كلفة الصمود أقل من كلفة التنازلات.

وقال: “نتوقع حصاراً اقتصادياً، ودولياً ومالياً وسياسياً، ولا نستبعد حتى قيام البعض بضربات عسكرية ضد أهداف رسمية أو عسكرية في سوريا، ولكن لدينا تجربتنا في هذا المجال، وسبق أن واجهنا حصاراً وفي ظروف أصعب”.

وقال الأسد: إن سوريا لا تريد السير باتجاه مشكلة مع أحد، لكنها لا تقبل بأي شيء يخالف قناعاتها وستواجه بكل إمكاناتها والقوى المحبة للسلام والرأي العام، ما يدبر لها بليل ضدها. ولفت الى أن حصار سوريا ستكون له انعكاساته على كل محيطها من العراق ولبنان الى تركيا والأردن.

وأكد الأسد أن سوريا على استعداد ومرونة لإدارة حوار مع الجميع في لبنان، رغم الهجوم الشديد خلال الفترة الأخيرة على كل ما هو سوري من العمال الى الحكومة والشعب والجيش السوري، وتم تحميل دمشق كل أوزار مصائب لبنان.

واعترف الأسد بارتكاب أخطاء في لبنان خاصة في بناء تحالفات وعلاقات مع كثيرين استسهلوا الآن الانضمام الى المعسكر المضاد. وقال: “هذه مسؤولية تقع على عاتقنا، وهؤلاء كانوا وراء الفساد في لبنان ووراء نقل الفساد الى سوريا أيضاً”.

وقال الأسد: إن الحكومة السورية تعمل على تحصين الجبهة الداخلية وتوسيع الحوار مع القوى كافة داخل وخارج الحكم، وتسعى للتصالح مع القوى التي كانت على خلاف مع النظام. وأضاف: “الوضع يشبه من يقود سيارة قديمة، لكنه يعرف قدرتها على السير وعلى التحمل” في إشارة الى السرعة التي تجري بها عملية توسعة الحوار والمصالحة والإصلاح. وقال: “لسنا في مشكلة مع من يعارض سياسياً، ولكن المشكلة مع من يضع يده في يد الأعداء ضد سوريا”.

الى جانب ذلك قال معن بشور الأمين العام للمؤتمر القومي العربي عقب عودته الى بيروت إثر ختام اجتماعات الدورة ال 28 للأمانة العامة للمؤتمر في دمشق انه وأعضاء الأمانة العامة التقوا على مدى 3 ساعات الرئيس السوري، حيث جرى نقاش شامل لمختلف القضايا والملفات المطروحة. وأشار الى أن اللقاء بحث تحصين الجبهة الداخلية السورية ومجابهة الضغوط الخارجية عبر تعزيز الحوار وتفعيل آلياته مع كل القوى والشخصيات السياسية الوطنية السورية التي اتخذت موقفاً حازماً من المخططات الأجنبية. وذكر أن الأسد كان واضحاً لجهة تأكيد أن سوريا لكل أبنائها وأنها تبقى منفتحة على كل مواطن أو جماعة، وملتزمة بتعزيز مسيرة البناء والتحديث والتطوير والإصلاح.

وأضاف بشور: ان أعضاء الأمانة العامة رحبوا بخيار المقاومة والصمود الذي تعتمده سوريا في مواجهة التحديات ورفضها خيار الفوضى التي تخطط لها جهات معروفة لا تخفي استراتيجيتها الواضحة في هذا الإطار.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)