مع تمظهر الحراك الفني بشكل فواصل ترفيهية، ولكن الموضوع ليس هكذا على الاطلاق، فمن علاقة المشاهد مع دراما التلفزيون ونقده لها وعدم تناولها على العمياني، الى الاحتشاد لحضور مسرحيات وحفلات موسيقيه وغناء قدمها مبادرون، لا نرى حرص الإنسان على تناول الفن كوجبة جمالية ضرورية فقط، بل حرصه على تقدير جهود الآخرين، كجهود ذات فائدة أساسية وليس تقديرا هتافيا للفن والفنانين وإنما عملية تفاعل جدية معه:

ـ الحضور الكثيف في حفلة جوقة الفرح مع أنها غناء جماعي والتي قدمت على خشبة دار الأوبرا، مع أن حفلات الفرقة متوفرة على الكاسيت والسي دي والفيديو، ولكن الناس حضروا وكأنهم يأدون واجب تجاه أنفسهم

ـ المسرحية التي قدمت في قاعة مسرح السواعد في ساحة العباسيين ( كوستي خوري وعزيز قولنج) أثبتت أن الناس تريد مسرحا. ربما أضاءت هذه المسرحية والحضور الكثيف إليها شأنا مدنيا ضروريا هو حاجة المناطق الى خشبات مسرح شغالة فمركز المدينة لم يعد يغري بالذهاب الى المسرح …انها العودة للتفكير بإنشاء مسارح في أماكن خارج مركز المدينة ، وربما التفكير بإعادة المسرح المدرسي !!!

ـ مسرحية قيام سكوت جلوس (زهير عبد الكريم .. محمود عبد الكريم عن نصوص لمحمد الماغوط) هي الأخرى صادفت نجاحا على الرغم من جو التوتر العام وعلى الرغم من تقاطع عروضها مع عجقة مواعيد حضور مهرجان السينما، واقصد بالنجاح هنا حضور الناس الى الصالة.. فمن المهم ان يأتوا للحصول على حقهم بمبادرة هؤلاء الفنانين.

ـ مهرجان السينما واعتقد انه سوف ينجح هذه السنة أيضا، ولا اقصد هنا خطابات الافتتاح المطولة، ولا الجوائز ولجان التحكيم، بل اقصد حضور الناس للحصول على حقهم بجرعة فنية جمالية يعتبرونها ضرورية لتجميل حياتهم وجعلها أكثر متعة وإنسانية، اليوم وفي الساعة السابعة (تماما) سوف يتم الافتتاح، وأرجو ومن كل قلبي أن يتم الاستغناء عن الأطناب والكلمات الكبيرة والألفاظ المقعرة وإطلاق الأعيرة السياسية وإعلان الشعارات، أمنيتي أن يتم شكر راعي المهرجان وشكر الحضور وإعلان الافتتاح فورا لأنه وببساطة مهرجان للسينما وليس لإثبات تفوه الخطباء، وأخيرا أرجو تجاوز فقرة لعن العولمة فهي لا تقدم ولا تؤخر.

الفن هو جزء أساسي من بنية الإنسان، ليس عملا خيريا يقوم به عاطلون أو من يملكون أوقات فراغ يتسلون فيها بإنتاجه، انه عمل عضوي إذا لم نعيه بالعقل والإدراك قادتنا روحنا نحوه… فلا مهرب ولا تأجيل منه ومن الزمان.