انعقد على مدار يومي السابع والثامن من الشهر الحالي في عاصمة البحرين المنامة المؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل الذي نظمت أعماله لجنة من الجماعات الأهلية والحقوقية في البحرين، وشارك في اعماله مندوبون عن اكثر من اربعين منظمة اهلية ومدنية وحقوقية عربية وشرق اوسطية اضافة إلى نشطاء من جماعات مدنية وحقوقية دولية، رغبوا في المشاركة في اعمال المؤتمر، والمساهمة في نقاش موضوعاته، التي تشكل بعضاً من موضوعات منتدى المستقبل الذي عقد لاحقاً في العاصمة البحرينية.

ورغم ان المشاركين في أعمال المؤتمر الذين زادوا عن مائة وعشرين عضواً، توزعوا على جنسيات مختلفة، فقد كانت أكثرية المشاركين من العرب المنتمين إلى تسعة عشر بلداً، اضيف اليهم عدد كبير من النشطاء البحرينيين، وكله جعل القضايا المطروحة في المؤتمرتأخذ بعداً عربياً، يكاد يكون صرفاً، فكانت الأوراق والمعطيات عربية وطريقة النقاش في اغلبيها كذلك، وكانت النتائج تتعلق بعمومها بالواقع العربي أكثر مما تتعلق بالاطار الاقليمي أو الدولي.
ورغم ان جدول اعمال المؤتمر، تضمن نقاطاً ستاً، فقد بدا ان التركيز انحصر في اربع نقاط اساسية، شملت موضوعات الشباب والنساء والديموقراطية وحقوق الانسان والحكم الصالح، وهي موضوعات تشغل بال الانسان العربي، وتشغل في آن معاً بال الانسان في العالم كله.
وقاد توصيف واقع حال النساء والشباب إلى الأسئلة التي تكفل خروج هاتين الفئتين من تردياتهما، وهي أسئلة كثيرة، وقد بدا ان الأجوبة عليها اكثر، لكن الأهم في محصلة النقاش حول الأسئلة والأجوبة كان في قول، ان حل مشاكل النساء والشباب العرب بما يشكلانه من نسبة تقارب ثلثي المجتمع العربي، سوف يساعد في اخراج تلك المجتمعات من مشاكلها الرئيسية، ويدفعها للتفكير بالمشاكل الأخرى والانتقال إلى معالجتها، وأكد النقاش حول الموضوعين، ان الطريق إلى معالجة الأوضاع المحيطة بهما، يتم عبر نهجين أحدهما قانوني، والآخر اجرائي. أما القانوني فأساسه الغاء كل ما يعيق تقدم النساء والشباب على طريق المستقبل من قوانين وأنظمة سارية المفعول على مستوى الدول العربية بما فيها مواد موجودة في دساتير بعض الدول العربية، ثم الانتقال إلى اصدار قوانين وأنظمة بديلة، تضع النساء والشباب على قاعدة حضور وتقدم ومشاركة أوسع في مناحي الحياة العامة.

أما النهج الآخر في الطريق إلى معالجة أوضاع النساء والشباب، فهو نهج اجرائي أساسه تكريس طرق جديدة في التعاطي مع قضايا النساء والشباب من خلال الاهتمام العملي بها، والتفاعل معها، وتحسين مستوى الاداء الاداري في مؤسسات الدولة المختلفة وفي القطاع الخاص وصولاً إلى ذلك في الجماعات والمنظمات الأهلية والمدنية، الأمر الذي ينمي حساً مجتمعياً واسعاً بقضايا النساء والشباب وينقلها من قضايا تهم قطاعات بعينها إلى قضايا تشغل المجتمع والدولة في آن معاً.

وقد ربط كثير من المشاركين في النقاش بين السير باتجاه معالجة قضايا النساء والشباب ومسألتي حقوق الانسان والديموقراطية، وهو ربط صحيح إلى أبعد الحدود، لأنه ما لم يجر الاهتمام بحقوق الانسان ويتم العمل على تنميتها فلا يمكن الغاء التمييز داخل المجتمع ولا سيما ضد الفئات المهمشة فيه، وما لم تتحقق الديموقراطية، فانه من الصعب ضمان المشاركة والغاء حالة ضعف حضور النساء والشباب وواقع التهميش الذي يحيط بوجودهما ودورهما في المجتمع وميادينه المختلفة.

وحسب العديد من خلاصات النقاش في المؤتمر، فان معالجة أوضاع المجتمع العربي وفئاته الضعيفة وخاصة النساء والشباب، والاهتمام بحقوق الانسان واشاعة النظام الديموقراطي، لا بد وان توصل جميعها إلى الحكم الصالح والذي في مواصفاته الأساسية الاهتمام بقضايا المجتمع وتوفير السبل القانونية والاجرائية اللازمة للتقدم على طريق حلها، اضافة إلى توفير ارادة سياسية قوية وفعالة، تضمن التقدم الحثيث على أسس قوية وثابتة لا تقبل التراجع، ولعل ما يكفل وجود هذه الأسس بصورة حقيقية، يتمثل في الذهاب إلى حقوق الانسان وتبني الديموقراطية نهجاً وممارسة في العلاقة بين الحاكم والمحكوم بين الدولة والمجتمع.