تلقت المساعي لمنع "القنبلة الإيرانية" أهمية رضافية في أعقاب دعوة الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد "لشطب اسرائيل عن الخارطة". فقد اوضح التصريح المتطرف خطورة التهديد الذي يحدق بإسرائيل واثار موجة من الشجب في العالم. لكن لا يمكن لإسرائيلي ان تكتفي بالاعراب عن العطف حين تقف ازاء عدو يهدد بابادتها ويسعى إلى التزود بالوسائل اللازمة لذلك.

في العام الأخير ازداد الوعي الدولي بالخطر المتنامي من جانب إيران، وانخرطت دول الغرب في حملة الضغوط عليها كي تكف عن تخصيب الاورانيوم الذي يمكن استخدامه لانتاج قنابل نووية. وأدت المفاوضات قبل سنة الى التوقيع على اتفاق تأجيل، لم تلتزم ايران بشروطه. وفي نهاية الاسبوع الماضي ردت طهران مشروع "حل وسط" آخر يقضي بأن ينقل الاورانيوم الخاص بها للتخصيب في روسيا، بينما يصر حكام ايران على "حقهم" المنصوص عليه في المواثيق الدولية، في تخصيب الاورانيوم في نطاق دولتهم.

ووصلت الازمة الان الى نقطة حسم أخرى، يوم الخميس القادم سينعقد مرة أخرى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية للبحث في نقل معالجة الموضوع الإيراني الى مجلس الامن في الامم المتحدة ليتمكن من فرض العقوبات عليها، وتصر روسيا على معارضتها لذلك وتعاند في ضرورة منح فرصة اخرى للجهود الدبلوماسية. وترفض روسيا التقديرات الاسرائيلية في ان ايران تقترب من نقطة "اللاعودة" التي ستمكنها من ان تنتج بنفسها المادة المشعة وتحقق القدرة النووية.
رئيس الحكومة اريئيل شارون قرر سياسة البقاء في الظل وترك المعالجة للتهديد الايراني الى الاولايات المتحدة واصدقائها في اوروبا. وشارون يخشى من وقوف إسرائيل في جبهة الصراع سيحوله الى مواجهة مباشرة مع إيران ويعطي الاوروبيين الذريعة المريحة للكف عن تدخلهم. وبالتالي فان اسرائيل تكتفي بالتعزيز الهادئ لقدرتها على الردع وبالمحادثات مع الاميركيين، الاوروبيين والروس، ثمة منطق في هذا الموقف. ولكن لا يجب السماح بأن يفسر كموافقة صامتة على جهد دبلوماسي عديم المضمون. من المهم لإسرائيل التوضيح بأن الزمن يضغط وان على الدبلوماسية ان يكون لها تاريخ هدف واضح ونهائي.
تعزيز الموقف هذا قدمه الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في تصريحات اطلقها في اثناء زيارته الحالية الى القدس. فقد قال كلينتون ان المساعي الدبلوماسية لا يمكنها ان تستمر الى الابد، ومن المهم تشديدها وصولا الى فرض العقوبات عليايران، حتى لو كان من الصعب اخضاع دولة قوية وغنية بالنفط مثلها بهذه الوسيلة. كما انه تطرق ايضا الى امكانية ضربة عسكرية للمنشآت النووية الايرانية ولم يستبعدها ـ رغم تقديره بان هذا تحد عسكري اعقد بكثير من القصف الاسرائيلي للمفاعلالعراقي في 1981 ومن احتلال الجيش الاميركي للعراق.

وتشعر ايران اليوم بأنها قوية في ضوء ارتفاع اسعارالنفط والمصاعب السياسية التي علقها فيها زعماء الولايات المتحدة وفرنسا ولا ريب انه في مثل هذه الظروف سيكون من الاصعب الضغط عليها ولكن لا يجب التخفيف من حدة هذه المساعي، فالقنبلة النووية يجب ان توقف، قبل ان تصبح عملانية وتغير ميزان القوى في الشرق الأوسط بشكل أساسي.