وسط تكتم تام وشديد تواصل دمشق دراسة نتائج محادثات برشلونة بين المستشار القانوني للخارجية السورية الدكتور رياض الداوودي والمحقق الدولي في اغتيال رفيق الحريري ديتليف ميليس، حيث لمست «الشرق الأوسط» نيةً سورية في عدم إطلاق أي تصريح حول محادثات برشلونة إلى أن يتم إنجاز دراسة فحوى هذه المحادثات تمهيداً لإعلان موقف رسمي منها. وجاء ذلك بينما نقلت رويترز عن مصادر لبنانية رفض ميليس اقتراح دمشق باستجواب المسؤولين السوريين في الجولان، لكنه لم يعد متمسكا باستجوابهم في بيروت. وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية لـ«الشرق الأوسط»، إن حصيلة المحادثات التي جرت في برشلونة بين الداوودي وميليس يوم الجمعة الماضي لا تزال قيد الدراسة، مما يعني أن الموقف الرسمي السوري من نتائج تلك المحادثات لن يعلن الآن ولم يتحدد لإعلانه أي موعد بعد.

وكانت «الشرق الأوسط» قد أشارت قبل يومين إلى أن محادثات الداوودي وميليس في برشلونة تركزت على وضع الآليات التي سيتم التعاون بموجبها بين سورية ولجنة التحقيق الدولية، كما أشارت إلى أن سورية اقترحت على ميليس أن يكون موقع الأندوف مكاناً لاستجواب الضباط السوريين الستة.

وفي بيروت قالت مصادر لبنانية أمس ان رئيس فريق التحقيق الدولي ديتليف ميليس رفض اقتراحا سوريا باستجواب ستة مسؤولين سوريين في مقر الامم المتحدة في مرتفعات الجولان بشأن مقتل رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري.

ومع اقتراب نفاد الوقت المتاح لسورية كي تثبت تعاونها مع التحقيق الدولي والا واجهت عقوبات غير محددة، قالت مصادر سياسية ان ميليس وسورية يتدبران امكانية اجراء الاستجواب في دولة محايدة.

وكان المحقق الالماني ميليس الذي يرأس لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الحريري في 14 فبراير (شباط) في بيروت قد طلب استجواب ستة من مسؤولي الأمن السوريين في مركز اللجنة في لبنان، ومن ضمن الستة صهر الرئيس السوري بشار الاسد اللواء اصف شوكت رئيس شعبة المخابرات العسكرية. ويأتي طلب ميليس بعد ان طالب قرار لمجلس الأمن صدر بالاجماع الشهر الماضي سورية بالتعاون الكامل مع التحقيق الدولي والا واجهت اجراء غير محدد الذي قد يكون عقوبات اقتصادية.

وامام ميليس مهلة حتى 15 ديسمبر (كانون الاول) لتقديم تقريره النهائي، لكن مصادر دبلوماسية قالت ان ميليس قد يعود الى مجلس الأمن قبل ذلك اذا ما يئس من تعاون سورية في التحقيق.
وقال احد المصادر السياسية «ميليس لم يعد مصرا على لبنان كمقر للاستجواب ولكنه رفض فكرة الجولان.. ويتم تداول افكار حول دولة محايدة مثل المانيا او سويسرا او قبرص ولكن لم يتم التوصل الى اتفاق حتى الان». وكان الامين العام للامم المتحدة كوفي أنان قد اجرى الاسبوع الماضي اتصالين هاتفيين بالاسد في محاولة لايجاد مخرج من المأزق.

وقالت المصادر اللبنانية ان النقاط الاخرى محل الخلاف هي آلية الاستجواب ودائرة الاختصاص القضائي التي بموجبها قد يتم احتجازهم او توجيه التهم اليهم.
وقال احد المصادر «ما الذي سيحدث اذا قرر ميليس اتهام كل المسؤولين او بعضهم، من الذي سيأمر بذلك وينفذه واين سيتم احتجازهم؟».