النهار

قبل خمسة ايام من موعد صدور التقرير الثاني لديتليف ميليس رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري والذي سيقدمه الى الامين العام للامم المتحدة كوفي انان في 12 من الجاري، عاد حبس الانفاس ليطغى على مجمل الاوساط السياسية والاجواء السائدة في لبنان.

واذ يتوقع ان يغادر ميليس بيروت الى نيويورك في موعد وشيك، تبين امس ان الطلب الذي قدمه لبنان الى الامم المتحدة لتمديد مدة عمل لجنة التحقيق الدولية ستة اشهر اخرى اعتبارا من 15 كانون الاول الجاري قد لحظ موضوع تنحي ميليس عن رئاسة اللجنة وطلب اتخاذ الاجراءات الضرورية للمرحلة الانتقالية بين ميليس ومن سيخلفه.

وفي الرسالة الموجهة الى الامين العام والمؤرخة في 5 كانون الأول طلب رئيس الحكومة فؤاد السنيورة تمديد عمل اللجنة مدة ستة اشهر مع امكان تمديد آخر في ضوء التقدم الذي تحرزه التحقيقات في الجريمة. وقال السنيورة تبريراً لطلب حكومته "من شأن هذا التمديد ان يمكن اللجنة من مواصلة تقديمها المساعدة للسلطات اللبنانية المختصة في التحقيقات الجارية في الجريمة استناداً الى تقرير المفوض ديتليف ميليس الذي سيقدم الى مجلس الامن في منتصف كانون الاول الجاري

وبحث تدابير المتابعة الممكنة للاستنتاجات والتوصيات الواردة في ذلك التقرير من اجل تقديم مرتكبي هذه الجريمة الى العدالة".

وحض السنيورة الامين العام على اقناع ميليس بمواصلة عمله اذا أمكن. واذا لم يكن ذلك ممكنا، أعرب السنيورة عن أمله "في أن يكون لدى ميليس متسع للمشاورة من أجل كفالة انتقال عمل اللجنة الى المفوض الجديد"، كما حضه على اتخاذ الخطوات اللازمة لضمان عدم حدوث فجوة في عمل اللجنة اذا ما قرر مجلس الامن ان يمدد ولايتها.

وتوقعت أوساط واسعة الاطلاع في بيروت ان يأتي التقرير الثاني لميليس "قويا" جدا لجهة تضمنه مزيدا من الأدلة والقرائن التي تثبت مطابقة أقوال شهود لبنانيين وسوريين مع تحقيقات حسية أخرى من بينها مكالمات هاتفية ووسائل استقصاء مختلفة.

أما بالنسبة الى الاتجاهات الرئيسية للتقرير، فان معطيات ديبلوماسية تبلغتها مراجع محلية تفيد أن ميليس يتجه الى تضمين تقريره ثلاثة خلاصات هي: ان سوريا لم تتعاون مع لجنة التحقيق الدولية على نحو يؤكد احترامها لتعهداتها، ويوصي بملاحقة عدد من الضباط والسياسيين اللبنانيين والسوريين، وكذلك يوصي بتأليف محكمة دولية. (راجع ص3)

ووصل امس الى بيروت نائب رئيس لجنة التحقيق الدولية جيرالد ليمن بطريق عمان لمتابعة أعمال التحقيق الجارية، في حين استمع امس قاضي التحقيق العدلي الياس عيد الى افادتي شاهدين.

وسجل في الساعات الاخيرة تطوران بارزان من شأنهما تكذيب أقوال أساسية صدرت عن شاهدين سوريين في جريمة اغتيال الحريري هما لؤي السقا المسجون في تركيا، وهسام طاهر هسام الملقب "الشاهد المقنّع" والذي عاد عن افادته بعد فراره الى سوريا.

فقد نقل امس الصحافي التركي جنكيز دار الى تلفزيون "المستقبل" عن وزير العدل التركي جميل شيشك "ان كل المعلومات التي ادلى بها لؤي السقا هي كذب". وقال الصحافي التركي: "اخبرني ان لؤي السقا المتهم السوري في السجون التركية قد وزع اتهامات بأن اناسا اتصلوا به وعرضوا عليه المال في مقابل ان يذكر اسم اللواء آصف شوكت، كما ان السقا يقول ان عناصر استخبارات اميركية واسرائيلية اتصلت به. وزير العدل قال لي ان كل المعلومات التي وردت من محامي السقا هي كذب فقد قابله اربعة افراد فقط داخل السجن منذ اعتقاله في شهر آب وهؤلاء هم اهله وقدموا من سوريا ولم يقابله احد غيرهم لا لبناني ولا اميركي ولا اسرائيلي ولا اتصل به احد".

واوضح ان وزير العدل التركي اكد له ان هناك وثائق بحوزته مستعد لاظهارها، عمن قابل السقا ومتى واين، وهي تدحض اقواله. وهناك اتصالات وتسجيلات موثقة مع المسؤولين في وزارتي العدل والداخلية، تثبت ان السقا كاذب. وكشف ان وزير الخارجية التركي عبد الله غول اتصل بوزير العدل حين كان في طريقه لزيارة سوريا في 18 تشرين الثاني الماضي للاستفسار عن المعلومات التي يجري الحديث عنها واكد ان المسؤولين السوريين يعلمون ان المعلومات التي صدرت عن السقا غير صحيحة لأن هذا مؤكد من وزيري العدل والخارجية التركيين.

ويشار الى ان السقا المشتبه فيه بجريمة اغتيال الحريري كان تحدث عن ضغوط وتهديدات اميركية تعرض لها للادلاء باعترافات عن تورط سوريا في الجريمة.

اما التطوّر الثاني فكشفته صحيفة "الشرق الاوسط" امس اذ اوردت ان ثروت الحجيري خطيبة هسام طاهر هسام تحدثت في افادتها امام لجنة التحقيق عن واقعة مهمة مفادها انه قبيل الانفجار الذي استهدف موكب الحريري بربع ساعة، وفيما كانت تتنزه برفقة خطيبها هسام في منطقة عين المريسة، تلقى خطيبها اتصالاً على هاتفه الجوال طلب فيه المتصل ان يغادر هسام المنطقة فوراً لان "انفجاراً مزلزلاً" سيقع على مقربة منه. وبعد انتهاء المكالمة اخذ هسام بيدها وركضا مسرعين صعوداً في اتجاه الحمراء، وعندما وصلا الى محلة "طلعة جنبلاط" دوى الانفجار وعندها أبلغها هسام ان العميد السوري جامع جامع هو الذي اتصل به وانه انقذ حياتهما.