أنور بيجو

حين تعطي لنفسك حقّ الحكم ، فيجب أن تملك أولاً صلاحية الحكم ، ويجب أن تملك ثانياً المعرفة الكافية والدلائل القاطعة لتطلق الحكم ، فمالذي يملكه وليد جنبلاط من كل ذلك قبل وأثناء وبعد وقوع أي حدث ، كحدث اغتيال جبران تويني ؟؟ وما الدور الذي يلعبه وليد جنبلاط في هذه اللعبة الجهنمية التي تتناول مصير أوطان وشعوب ؟؟

في 1 –12 – 2005 كتبنا عن سياسة اللعب بالنار التي ينتهجها وليد جنبلاط ، كتبنا عن سياسته الشمشونية ، وكنّا نقصد بدقة أنها سياسة عليّ وعلى أعدائي يا ( إسرائيل ) .
كتبنا بالحرف الواحد (( ... من جديد ، يعود وحيداً شمشون الأقرع بسياسته الشمشونية ، ويصرّح بالمعلومات الخطيرة التي لديه ، أن سوريا ستقوم بتحريك أجهزتها لزعزعة الوضع الداخلي اللبناني عن طريق التخريب ، دون أن يكشف عن مصدر هذه المعلومات الكبيرة ، هل هي من جهاز استخبارات حزبه المخترق لجهاز الأمن السوري ؟؟ أم هي من استخبارات دولة ما يتعامل معها ؟؟ وهل هي دولة قريبة من المنطقة أم هي دولة بعيدة ؟؟ أو ..... المهم أن شمشون الأقرع يحمّل سوريا سلفاً و ( مستبقاً وقائع التخريب قبل بدء التخريب ) حيث لم يتعلم من تجربة استباق وقائع التحقيق قبل نهاية التحقيق !!! محملاً إيّاها أي تخريب !!! فهل سيدبر شمشون الأقرع من جديد أية زعزعة جديدة ، والفاعل سلفاً هو سوريا ، فيخرج شمشون ويقول ( الموضوع بسيط .... حصل ما قلته لكم ، لا أكثر ولا أقل ) )) .

اليوم في صباح 12 – 12 – 2005 اغتيل جبران تويني ......

ويبقى السؤال ، من أين يأخذ وليد جنبلاط المرة تلو المرة المعلومات عن الزعزعة والاغتيالات والتفجيرات ، لقد قال العماد عون في اتصال هاتفي مع المحطة اللبنانية للإرسال ( LBC ) ، بعد أن ذكرت المذيعة له أن وليد جنبلاط حذر من التخريب ، قال ( يبدو أنه محق ) ( أي جنبلاط ) وقال يجب أن يقدم وليد جنبلاط ما لديه من معلومات للتحقيق ، وفي مقابلة أخرى مع العماد عون ومع قناة ثانية قال أن هذه المعلومات يجب أن يكون مكانها عند المحققين فقط ، نعم هذا مطلب أساسي ، ومحق العماد عون به ، يجب أن يكشف وليد جنبلاط عن مصدر معلوماته فقط للمحققين ، هذا إذا كان فعلاً يملك معلومات ، ونعتقد بصورة عالية أن في كلام العماد عون تلميح وانتقاد مبطن لسلوك جنبلاط الإعلامي ، لأنها ليست المرة الأولى التي يستبق فيها وليد جنبلاط الأحداث ، لكن المهم لماذا يفعل ذلك ؟؟ ولصالح من يفعل ذلك ؟؟ ولماذا يجري استثمار مثل هذه الحوادث بجاهزية عالية ؟؟؟ وما معنى هذه الجاهزية المتحفزة للاستثمار ؟؟ يجب أن يناقش هذا الموضوع بأهمية قصوى ، فإما أن سوريا ( متآمرة ) معه وتنفذ له تنبؤاته !!!!!! ، أو أن جهة أخرى تطلب منه التمهيد للنيل من سوريا ، وهذا ما نعتقده دون مواربة ، فالرجل لم يقتحم الميدان الأخير بعلاقته بسوريا ، شاهراً بوضوح كل ما لديه من حقد ، ومتخلياً عن أسلوبه العريق المناور ، ومعتبراً أن لا طريق للعودة ، الرجل لم يفعل كل ذلك بدون معلومات عن ( المستقبل ) ، وعن خارطة طريق للمنطقة ، لكن ممّن ؟؟؟ ودون تهكم وبجدية تامّة إلى متى سيبقى المواطن في لبنان وفي الشام بل في المنطقة بصورة عامة نهباً لسياسة هذا الشمشون وهذه السياسة الشمشونية ؟؟؟ وهل هذه مغامرة أم مقامرة ... أم مؤامرة ؟؟؟ وبعيداً عمن هو القاتل أو القتلة ، لماذا يتهم العماد عون بصفقة مع سوريا إذا لم يتهمها بما يحصل من اغتيالات ، متصرفاً ضمن حدود المنطق والأصول والقانون منتظراً نتائج التحقيق ، ولماذا لا يتهم وليد جنبلاط بالتآمر على سوريا حين يتهمها قبل وأثناء وبعد كل حادث اغتيال ، متصرفاً خارج حدود المنطق والأصول والقانون ؟؟؟

إذا كان كل الناس يعلمون خريطة القوى السياسية في سوريا ، وطاقاتها وقدراتها ، ووليد جنبلاط يعرف هذه الخريطة ، ويعرف كما يعرف كل مواطن في الشام أن إسقاط النظام سينتج فوضى عارمة ، وربما تنتج عراقاً آخر .... فمالذي يتمناه وليد جنبلاط لنا ، ولصالح من هذا الذي يتمناه ؟؟؟ وضمن أي مشروع يصبّ ؟؟

على هذا الأساس ، فإن على حزب الله إذا كان لا بد من الحذر أن يحذر من وليد جنبلاط قيل وبعد أي شيء آخر ، وخاصة فيما يتعلق بسلاح المقاومة ، إذ كيف تتوافق مقولة الحفاظ على سلاح المقاومة ، مع مقولة أن تعمّ الفوضى العارمة في سوريا ؟؟؟ بل كيف تتوافق نظرة حزب الله لسوريا ونظام سوريا ودور سوريا ، مع نظرة وليد جنبلاط ؟؟؟

إن أبسط مواطن في أية قرية في سوريا ، وبعيداً عمّن اغتال الحريري أو جبران تويني أو غيرهما ، يعرف أن وطنه مستهدف ، ويعرف من يستهدف وطنه ، وأن المخطط يسير بخطوات جهنمية ، ويعرف هذا المواطن إلى ماذا ستؤول حياته إذا نجح هذا المخطط اللعين ، ويعرف هذا المواطن البسيط أنه لا سبيل لمواجهة هذا المخطط ، إلا بوحدته الوطنية وبشراكة متينة بين الشعب والدولة ، وأن الديموقراطية والحرية والاقتصاد ..... شأن سوري محض ، وليس من حقّ أحد أن يتلاعب بما هو داخلي إلا إذا أراد الانتقام ، وكل هذا يعرفه وليد جنبلاط وأمثاله ، فكفى نفاقاً على هذا المواطن وادعاء المحبة له ، فهذا المواطن يعرف أن سوريا أوقفت حروب أمراء الطوائف التي استنزفت دم المواطن اللبناني ، ويعرف أن بلده ارتكبت أخطاء في لبنان ، ولكنه يعرف قبل كل شيء أن سوريا خرجت من لبنان وتركت للبنانيين وطناً محرراً ودولة وجيشاً قوياً ، فمالذي يريد نظام الغالبية المزورة في لبنان ، ومهما كانت الأخطاء التي نقرّ بها ، أن يرده لسوريا ولشعبها ودولتها وجيشها ؟؟

كفى نفاقاً .