الرأي العام

اشار القاضي الالماني ديتليف ميليس في تقريره حول اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، امس، الى وجود ادلة جديدة على ضلوع مسؤولين سوريين في عملية الاغتيال وشكك في التعاون السوري في التحقيق.

واكد ميليس في التقرير الذي سلم الى مجلس الامن ونشر نصه في نيويورك وجود «عدد من الشهود الجدد» تم استجوابهم في الاسابيع الماضية وقدموا «معلومات يمكن ان تكون جوهرية» في شأن الاغتيال.

وجاء في التقرير ان هذه الشهادات تضمنت «معلومات مفصلة تشير في شكل مباشر الى منفذي ومخططي العملية المنسقة التي هدفت الى اغتيال الحريري والواقفين وراءها، بما في ذلك قيام اجهزة الاستخبارات اللبنانية والسورية بتجنيد عملاء», وتابع ان «افادات الشهود تعزز الادلة المتوافرة حتى الان ضد الضباط اللبنانيين قيد الاعتقال وكذلك ضد مسؤولين سوريين رفيعي المستوى».

ودعا ميليس الى تمديد مهمة لجنة التحقيق لمدة ستة اشهر على اقل تقدير تجاوبا مع طلب الحكومة اللبنانية.

واورد التقرير، انه نظرا الى ان التحقيق «لا يزال بعيدا عن الاكتمال، ونظرا للوتيرة البطيئة التي بدأت السلطات السورية فيها بتنفيذ التزاماتها نحو المجلس، فان اللجنة توصي بتمديد لا يقل عن ستة اشهر».

وتابع انه في حال اقرار التمديد فان اللجنة «تعول على تعاون السلطات السورية الكامل وغير المشروط في المرحلة المقبلة من تحقيقاتها حتى يتم تأكيد كل جوانب هذه القضية», وذكر التقرير: «حتى الان احرزت اللجنة تقدما كبيرا في الشق اللبناني ويبقى ان يوازيه الشق السوري».

وطالب القرار 1636 الصادر في 31 اكتوبر الماضي، سورية بتعاون كامل مع التحقيق، ملوحا بفرض عقوبات دولية، وذكر التقرير ان على سورية بموجب هذا القرار اعتقال السوريين الذين تعتبرهم اللجنة مشتبها فيهم في عملية الاغتيال.

وعرض التقرير في مقدمته الصعوبات في التعاون من جانب دمشق بعد صدور القرار 1636، واشار بصورة خاصة الى «مهل طويلة» للحصول على رد على طلبات اللجنة وعن «مناورات اجرائية ومعلومات متناقضة احيانا من جانب السلطات السورية».

واوضح انه تم استدعاء ستة سوريين اعتبروا من المشتبه فيهم ولم تكشف اسماؤهم لاستجوابهم في فيينا الا ان خمسة فقط ارسلوا للاستجواب فيما ارجئ استجواب السادس, وذكر التقرير انه «رغم تمنعها ومماطلتها، فان السلطات السورية اتاحت استجواب خمسة ضباط سوريين تم استدعاؤهم بشروط اللجنة».

كما اكد التقرير ان استنتاجات التقرير المرحلي الاول الذي سلمته اللجنة في اكتوبر، واشار الى ضلوع اجهزة الامن اللبنانية والسورية في عملية الاغتيال، «تبقى صالحة»، وقد اشارت الى ضلوع اجهزة الامن السورية واللبنانية في اغتيال الحريري.

وجاء في التقرير «من المهم ان يتواصل التحقيق في شكل نشط (,,,) وان تحظى اللجنة في اي وقت بتعاون تام وغير مشروط من السلطات السورية».

وذكر ميليس أن افادات أدلى بها اثنان من المشتبه فيهم في فيينا أشارت الى أن «وثائق المخابرات السورية في شأن لبنان أحرقت».

واتهم سورية بالاستمرار في نشر الفوضى في لبنان في أعقاب اغتيال الحريري, وقال: «علمت اللجنة أنه بعد اغتيال السيد الحريري قام مسؤول سوري رفيع المستوى بتزويد جماعات وأفراد في لبنان بأسلحة وذخيرة من أجل خلق حالة من الفوضى العامة كرد فعل على أي اتهام بضلوع سورية في اغتيال الحريري».

وذكر ميليس ان التحقيقات الاولية تشير الى ان السلطات السورية «تحرك» الشاهد السوري هسام هسام الذي تراجع عن افادته بعد عودته الى دمشق, وجاء في التقرير، ان اللجنة تلقت «معلومات ذات مصداقية» تشير الى انه «قبل تراجع هسام علنا عن افادته للجنة التحقيق الدولية قام مسؤولون سوريون باعتقال وتهديد بعض اقربائه في سورية».

واضاف التقرير ان «التحقيقات الاولية قادت الى استنتاج بان السلطات السورية تحرك هسام», واعتبر ان قضية هسام «تثير تساؤلات جدية عما اذا كانت اللجنة القضائية السورية ملتزمة باجراء تحقيق مستقل وشفاف ومهني في هذه الجريمة».

وكان السوري الكردي هسام اعلن في 28 نوفمبر، انه اجبر تحت ضغط التهديد على الادلاء بشهادة كاذبة حول ضلوع مسؤولين سوريين رفيعي المستوى في اغتيال الحريري.

واستجوبت اللجنة اكثر من 500 شاهد واكدت وجود لائحة بـ 19 مشتبها فيهم، وحللت كما هائلا من المواد وجمعت 37 الف صفحة من الوثائق، وفق ما جاء في مقدمة التقرير.

وشكك التقرير في ما اذا كانت اللجنة القضائية السورية «ملتزمة اجراء تحقيق مستقل وشفاف ويتسم بالمهنية في هذه الجريمة».

وقتل الحريري مع 20 شخصا اخر في 14 فبراير في انفجار سيارة مفخخة في وسط بيروت.

وأكد التقرير ان اللجنة «واستمرت في التعاون مع السلطات اللبنانية والنائب العام، وحصلت لقاءات اسبوعية في شكل وثيق مع المحققين».

واعلن ميليس ان اللجنة تستمر في تتبع الخيوط والعمل على مختلف الجوانب وتحليل مواد المتفجرات ومكان الجريمة وتستمر اللجنة في استجواب المشتبه فيهم الـ 19 والتأكد من صحة المعلومات، وأضاف ان التحقيق يشمل الاستماع الى مكالمات هاتفية قبل الاغتيال او بعده.

كما كشف تحقيق اللجنة ان طه، رفيق ابو عدس ذهب الى سورية, كما تقدمت اللجنة من سورية بطلب عن سبب توقيف زياد رمضان، وان السلطات السورية لم تبد أي رد حول سبب توقيفه وتم استجواب رمضان لاحقاً, وقال التقرير انه كان يعمل مع أبو عدس في الاتصالات وتساءل رمضان عن سبب اختفاء أبو عدس امام محمد الذي تعرف عليه في جامع, وتم توقيف رمضان في سورية وتم استجوابه ست مرات.

وعلمت اللجنة ان رمضان يشكل الخيط المهم».

وذكر التقرير ان الاستخبارات اللبنانية قامت بالتنصت على مكالمات الحريري وتم ارسال نسخة الى المسؤولين السوريين واللبنانيين.

وطلبت اللجنة تسجيلا كاملا للمكالمات والمراقبة، وافاد التقرير ان تحليل هذه المعلومات والسجلات «سيوفر وقتاً طويلاً كونها يبرز سير عمل الأجهزة اللبنانية والسورية مع بعضها البعض».

كما حصلت اللجنة على قرص مدمج لعمليات التنصت لمسؤولين لبنانيين يحتوي على محادثات في ديسمبر العام 2004 وحتى مارس 2005 واتصال من والده احمد أبو عدس «توفر افادات كبيرة تشير الى علم السلطات اللبنانية بتحركات المسؤولين اللبنانيين», وتذكر اللجنة انها تملك الصلاحية للسماع للشهود في الخارج من دون أي ضغوط او شروط وضرورة ان يحصل التعاون فوراً.

واضاف التقرير ان السلطات اللبنانية احتجزت 4 مسؤولين من جهاز الأمن والمخابرات عملاً بتوصيات اللجنة ومازالوا محتجزين, لكن لم يعد استجوابهم في الفترة الماضية بانتظار مزيد من التحليلات والاثباتات, واستمرت اللجنة بالتحقيق مع من يملكون معلومات اساسية, ويبقى دور احمد عبدالعال والاحباش عملية اساسية على ضوء الاتصالات الهاتفية، واستمرت اللجنة بالتحقيق معهم والروابط الموجودة بين الاحباش والمشتبه فيهم اجريت عليهم الاستجوابات بوجود محام سوري ومترجم محلف وبعد الاستجواب وقع المستجوبون افاداتهم واخذت عينات من الـ «دي ان اي» منهم.

وركز التحقيق مع من تم الاتصال بهم من قبل «الاحباش» ما ادى الى اتهام مصطفى حمدان.

وبالنسبة للمشتبه فيهم المسؤولين السوريين تم استجوابهم بوجود محام سوري ومترجم محلف وبعد الاستجواب وقع المستجوبون افاداتهم واخذت منهم عينات من الـ «دي ان اي» واشارت الافادات الى ان كل الوثائق السورية المتعلقة بلبنان تم احراقها, وتقدم الصديق كشاهد سري واعطى معلومات مفصلة وبالاستناد الى افادته تم تحديده على انه مشتبه فيه,وفي 12 اكتوبر تم اصدار مذكرة توقيف دولية بحق الصديق بطلب من الحكومة اللبنانية, وتم توقيفه في فرنسا في 16 اكتوبر ومنذ ذلك الحين تقدمت اللجنة بطلب للحصول على اذن لاستجوابه من فرنسا, وبغية الاستمرار في استجوابه والتأكد من صحة افادته حصلت اللجنة على عينات «دي ان اي» لزوجته واولاده ليتحدد ما اذا كانت النتائج تتطابق مع الادلة التي اخذت من شقة في ضاحية بيروت، حيث اشار الصديق انه حضر اجتماعات في تلك الشقة ولكن النتائج جاءت سلبية, بالنسبة للشهود الاخرين فإن المعلومات التي يتقدم بها شهود على معرفة شخصية بعملية التحقيق هي معلومات اساسية.

وجاء في تقرير ميليس أيضا، ان لجنة التحقيق تتبعت الخيوط التي ادت الى انهيار «بنك المدينة» في منتصف عام 2003 ,

وأشار التقرير «كما جاء في التقرير السابق الذي رفع الى مجلس الامن، إلى أن الاحتيال والفساد وتبييض الاموال قد تكون شكلت دوافع لافراد للمشاركة في العملية التي انتهت باغتيال الحريري وفي سياق تحقيقها تتبعت اللجنة الخيوط التي ادت الى انهيار بنك المدينة في منتصف عام 2003 بما في ذلك صلات تشير الى مسؤولين لبنانيين وسوريين اضافة الى الحريري»,

وقالت اللجنة ان مثل هذه الامور «قد تلقي الضوء على دوافع عدد من الافراد الذين يدخلون في نطاق تحقيقها خصوصا وان اللجنة تلقت معلومات بأن الحريري اعلن انه سيتخذ اجراءات للتحقيق في فضيحة البنك في شكل اكثر دقة في حال عاد الى السلطة».

كما اشارت اللجنة الى انها تلقت معلومات منذ نشر تقريرها الاخير تفيد ان «مشتبها فيه هو المدير العام السابق للامن العام (اللواء جميل السيد) كان يدير صندوقا غير شرعي من مكتبه مول عمليات سرية وقد يكون قد استخدم في تمويل اغتيال الحريري, واستنادا الى هذه المعلومات صادر المحققون 21 مجلد وثائق وسجلات وادلة اخرى من الامن العام واستجوبوا عدة شهود, ويتواصل تحليل هذه المواد ومقارنتها مع خيوط اخرى في التحقيق».

وأعلنت لجنة التحقيق الدولية ان «مسرح الجريمة حيث اغتيل الحريري لا يزال موضع تحقيقات»، أضافت: «تم تحليل نحو600 عنصر مادي جمعت من مسرح الجريمة بينها مئات القطع من حطام سيارات وتبقى آلية تفجير العبوة ووجود سيارة مسروقة في قلب التحقيقات».

وفي دمشق، افاد مصدر مطلع امس، ان التقرير «ستتم قراءته من كل جوانبه القانونية والسياسية لاتخاذ ما يلزم من القرارات التي (تخدم) مصالح سورية».

واكد ان بلاده تفضل انتظار اجتماع مجلس الامن اليوم في شأن التقرير قبل التعليق، مشددا على انه «لا يوجد اي مبرر لاتخاذ اي اجراء ضد سورية الا اذا كان هناك عملية تسييس» لتقرير ميليس.

واكد فايز الصايغ، المدير العام للتلفزيون السوري امس، ان «لدى سورية شهادات جديدة غير شهادة هسام والصديق وغيرها لم تكشف عنها لدحض تقرير ميليس الذي يندرج في اطار الضغوط ضد سورية ولبنان», اضاف ان طلب توقيف اي مسؤولين سوريين «يفترض ان يحال الى سورية وبدورها تحيله على لجنة التحقيق السورية وهي المخولة بطلب الادلة والقرائن ومناقشتها»، مؤكدا أن «تقرير ميليس لا يشير الى اي دليل جنائي يتطلب توقيف الشهود السوريين»