الشرق الأوسط / توماس فريدمان

أود أن اشكر الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد على ملاحظته من أن الهولوكوست النازية ضد اليهود كانت مجرد «خرافة». فالمرء لم يعد يرى زعماء العالم يعبرون عن أنفسهم على هذا النحو الصريح، ليس بشأن الهولوكوست وانما حول معاداتهم السامية والسمة الحقيقية لأنظمتهم.

ولكن منذ أن طرح الرئيس الايراني موضوع «الخرافات».. فلماذا التوقف عند الهولوكوست؟ لنتحدث عن ايران. ولنبدأ بخرافة ان ايران «نظام ديمقراطي» إسلامي، وأن أحمدي نجاد منتخب ديمقراطيا.

من المؤكد أنه انتخب، بعد أن أغلقت صحف جميع الاصلاحيين الايرانيين وفرض حظر على الأحزاب والمرشحين من جانب رجال الدين غير المنتخبين الذين يديرون العرض فعلا في طهران.

آسف يا احمدي نجاد، فانه ليس من «الديمقراطية» في شيء عندما تمنع خصومك الأكثر شعبية من الترشيح. ولهذا فانك لست اكثر من حاكم ايراني «شاه» يرتدي عمامة.

وما دمنا نتحدث عن الخرافات، فإليك خرافة أخرى: ان لرجال الدين في ايران شعبية في أوساط مختلف الشباب الايرانيين. ففي الأسبوع الحالي كشف أحمدي نجاد عن أنه هو نفسه خرافة عندما منع مختلف انواع الموسيقى الغربية في محطات الاذاعة والتلفزيون الرسمية في ايران. وعندما يتعين على نظام أن يمنع موسيقى أو أدبا معينا، فان هذا يعني أنه فقد سيطرته على شبابه. فهو لا يستطيع الثقة بأنهم يمكن أن يتخذوا القرارات «السليمة» بمفردهم. وبالتالي يجب على الدولة أن تفعل ذلك لهم. واذا كانت رؤية احمدي نجاد لإيران مقنعة تماما، فلماذا يتعين عليه أن يمنع بيتهوفن والبيتلز؟

وقبل ان نترك موضوع الخرافات دعوني اضيف خرافة اخرى: خرافة ان أي امرئ يمكن ان يعطي اقل ما يمكن من الانتباه لافتراءات الرئيس الايراني لو أن بلده لم يكن فيه هذا الفيض من النفط والغاز. ان في ايران سكانا حيويين ومتعلمين ولكن قابلية الايرانيين على تحقيق طاقاتهم الكاملة منعت من النمو منذ الثورة الايرانية. فصادرات ايران الأشهر اليوم، باستثناء النفط، هي السجاد والفستق، وهي كما كانت عام 1979عندما استولى رجال الدين على السلطة.

انه لأمر محزن؛ فشباب ايران موهوبون شأن الشباب الهنود والصينيين، ولكنهم لا يتمتعون بفرصة لإظهار ذلك. فايران تبيع مواردها الطبيعية الى الهند والصين حتى يتمكن الشباب الصينيون والهنود من ابتكار المستقبل بينما يظل شباب ايران أسرى شباك الماضي.

ولا عجب أن يحاول احمدي نجاد، شأن مهرج القصر, صرف أنظار الشباب الايرانيين عن إخفاقاته بإثارة الصخب والهجوم اللاذع المناهض لليهود ومنع موسيقى الروك آند رول.

وتتمثل الحقيقة في الخطر الذي يمكن أن يطرحه شخص مثل احمدي نجاد اذا ما طور بلده سلاحا نوويا. ولكن ذلك هو ما تتجه اليه الأمور. فلإيران الكثير من اموال النفط لتنثرها على أوروبا بحيث انها لا تشعر بالقلق من أن الأوروبيين يمكن أن يفرضوا عقوبات فعلية على طهران جراء رفضها الافصاح عن برنامجها النووي.

ويشير غال لوفت، خبير الطاقة في معهد تحليل الأمن العالمي، إلى ان «الغرب فقد نفوذه». فأوروبا مدمنة نفط ايران ومشترياتها من السلع الأوروبية. وفي الوقت نفسه، فان النظام الايراني ذكي جدا في دبلوماسية النفط.

وأضاف لوفت انه بعد غزو الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق «أدرك الايرانيون انهم بحاجة الى بوليصة تأمين. ولذا فعلوا أمرين؛ ركزوا على تطوير قنبلة ومضوا في عقد صفقات غاز مع ثلث البشرية، أي الهند والصين»، وهما مستهلكا الطاقة الأسرع نموا في العالم. ولذا، فانه من غير المحتمل تماما أن تسمح الصين لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بفرض عقوبات على ايران.

ويبدو ان العالم كله مُشْتَرَى هذه الأيام بالنفط. فقد اصبح غيرهارد شرويدر رئيسا لمشروع خط أنابيب روسي ـ ألماني، تهيمن عليه الحكومة الروسية، وكان قد دعمه عندما كان في السلطة. وكان الرجل قد ترك للتو منصبه كزعيم لألمانيا، وهو الآن يعمل لصالح الروس! ويقال في البيت البيض ان الرئيس بوش يحاول صياغة موضوع لخطابه عن حالة الاتحاد ولسنواته الثلاث المقبلة.

ايها السيد الرئيس، ما الذي يتعين ان يحدث أكثر، كم من أعاصير كاترينا وكم من السلوك الطائش من جانب ايران قبل ان تدرك أن هناك شيئا واحدا لابد من القيام به خلال السنوات الثلاث المقبلة: قيادة أميركا والعالم في مسعى شامل للحفاظ على الطاقة وتقليص الاعتماد على النفط وتطوير بدائل لذلك؟

ذلك أن ثلاث سنوات اضافية يبقى فيها سعر برميل النفط عند مستوى 60 دولارا ستقوض كل ما هو خير في العالم مما تريد الولايات المتحدة القيام به، وتلك ليست خرافة.