المحور الايراني ـ السوري الذي تشكل مؤخرا لمواجهة الضغوط المفروضة على الدولتين يعد بمثابة هروب للأمام ومحاولة اخيرة لكسب الوقت قبل ان تدق ساعة الصفر.

وذلك لان دواعي الضغوط في مواجهة كل طرف تختلف جذريا عن الآخر فبينما تضيق حلقة التحقيق الدولي في اغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري باتجاه دمشق نجد ان ملف ايران النووي يشق طريقه بسرعة الصاروخ لمجلس الامن الدولي.

وان كان ثمة رابح في الملف الجديد فهي سوريا التي لم تجد بدا من احياء تحالفها القديم مع ايران الذي يعود الى عقد الثمانينيات اثناء اشتعال الحرب العراقية ـ الايرانية كما ان دمشق لم تتجه الى حائط ايران المتصدع بفعل الضغوط الغربية الا بعد ان غسلت يدها من اي أمل في حل او دعم عربي يخفف وطأة الضغوط الغربية ومن خلفها الاسرة الدولية.

وبالنسبة لايران فان الوضع يختلف كليا عن سوريا رغم اشتراكهما في ارضية جاهزية الدول الكبرى لتحريك ملفيهما في الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي فإيران لم تفرض عليها المواجهة وانما خاضت غمارها عن سابق تصميم وترصد اذ كان بامكان طهران ان تحني رأسها للعاصفة وتذعن لقرارات الوكالة الدولية للطاقة بتعليق انشطتها النووية او تقبل بالحلول الوسط التي اقترحتها روسيا والمتعلقة بتخصيب اليورانيوم في ارض محايدة لطمأنة الغرب على نواياها السلمية من مواصلة ابحاثها النووية.

وكذلك فان ايران تتمتع بوضع اقتصادي افضل من سوريا لكونها رابع دولة منتجة للنفط في العالم الامر الذي يمكن ان يحدث انقساما داخل مجلس الامن الدولي حين يخضع الملف النووي الايراني للتصويت خوفا على تأثر امدادات النفط العالمية خصوصا ان اسعار النفط في الاسواق العالمية شهدت ارتفاعات جنونية خلال العام المنصرم 2005 ومن شأن استمرار ارتفاعها التأثير سلبيا في النمو الاقتصادي العالمي بينما سوريا لا تملك اي اوراق ضغط سوى تحالفها مع ايران وهو «تحالف يمكن ان يعقد قضيتها اكثر من ان يجد لها المخرج المناسب».

وبدا واضحا ان الجانبين الايراني والسوري اقحما القضية الفلسطينية لدى بلورة تحالفهما في دمشق اثناء زيارة الرئيس الايراني احمدي نجاد الاخيرة وذلك لاستمالة الرأي العام العربي والاسلامي لقضيتيهما المختلفتين طعما ولونا ورائحة مما يعيد للاذهان ما سبق وان فعلته جماعة «القاعدة» التي يتزعمها اسامة بن لادن حينما لاذت بالقضية الفلسطينية بعد توجيها ضربة الحادي عشر من سبتمبر في العام 2001 مهما يكن من امر فان حلف ايران ـ سوريا لا ينتظر منه تشكيل حائط من قوي للقرارات الدولية المرتقبة في مواجهة كلا الطرفين وانما قيامه كان ضروريا لمعنويات كل طرف من باب «ان المصائب يجمعن المصابينا» لا اكثر ولا اقل.