لا خلاف على ان زيارة الرئيس الايراني لسوريا ضخت زخماً جديداً في التحالف الاستراتيجي بين البلدين يهدف، في ما يهدف اليه، الى تعزيز وضع الرئيس بشار الاسد في مواجهته مع المجتمع الدولي.

ولعل هذا الزخم يسمح له بأن يرى ان مظلة ايران، ولو المحاصرة هي نفسها، قد تساعده في المرحلة التالية الاصعب من المواجهة والتي يعتقد انها تهدد مصير نظامه، فتعطيه هامشا أكبر للمناورة على المستويين العربي والدولي.

والمنطق الممكن لذلك انه اذا كان منسوب القلق العربي، ولا سيما منه السعودي والمصري، مرتفعاً اصلاً مما قد تؤول اليه التطورات في التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري والعلاقات بين سوريا ولبنان من جهة، ومن تنامي النفوذ الايراني في العراق من جهة اخرى، فان تجديد اللقاء الايراني - السوري وتطابق مواقف البلدين من العراق ولبنان وفلسطين والبرنامج النووي الايراني سيزيد القلق، بل يزيد الحذر.

والقلق قائم كما الحذر. فمن العوامل التي تحكم التحركات السعودية والمصرية حيال سوريا، والتي تأخذها التحركات الدولية في الاعتبار أيضاً، التخوف من ان يدفع العمل على تغيير النظام بالبلاد الى فوضى يتكرر في ظلها النموذج العراقي، ومن ان يفتح غياب البدائل الباب أمام الاصوليات، وان يساهم مثل هذا الوضع في تمدد النفوذ الايراني أبعد من العراق.

ومن تعبيرات هذا الحذر على الارجح، ما شاب الجهود السعودية - المصرية الاخيرة من التباسات إن في البلدين المعنيين ام في لبنان ام في أميركا وفرنسا، بدءا بالزيارات المختلفة، مرورا بما قيل انه ورقة عمل سورية وانتهاء بتأكيدات سعودية رسمية أن الورقة مبادرة سعودية ولا تزال مطروحة.

والتظلل بايران قد يبدو منطقيا لان ايران ليست مجرد دولة تتحدى الغرب باصرارها على برنامجها النووي، بل تتحداه نتيجة امتلاكها أكثر من ورقة قادرة على استخدامها في مواجهتها معه، من نفطها وامكان التأثير على اسعاره، الى نفوذها في العراق حيث الغرب يريد ارضاءها ليضمن مخرجا لائقا لنفسه، وبينهما أفغانستان ومنطقة بحر قزوين وعلاقاتها مع روسيا والصين وتشابك علاقاتهما ومصالحهما معها ومع الغرب.

ولكن اذا كان هذا يجعل المظلة الايرانية الورقة الاقوى لدى سوريا، تعينها أو تحميها في مواجهتها الدولية وعلاقاتها مع العرب من اصدقاء الغرب، فانه في الوقت نفسه لا يجنبها المخاطر. ذلك انه، اضافة الى ما هي فيه، يضعها أيضا في دائرة الصراع بين الغرب وايران، يربطها به في الازمات المقبلة أو المحتملة لايران كما في التسويات التي يمكن ان تقدم عليها.