رسالة مفتوحة الى مسؤولين " متخلفين " في سوريا نريدها أكثر تطورا ..

كان هاشا باشا معي مرحبا ، مسؤول اعلامي كبير ، والموضوع تأمين حزمة من الخدمات عبر الرسائل القصيرة الـ SMS لقراء سيريانيوز ، وهنا تشعر للحظات بان سوريا " تقدمت " .. ، استقبال جيد في بلد لم يعتد المسؤول ان يلحظ المواطن ، واهلا وسهلا وفنجان قهوة ، وموضوع عادي و "يعطيك العافية" فقط تقدم لنا بطلب خطي ..

الطلب الخطي يدخل الى مكتب الوزير ، والوزير في اقل من اسبوع ، يخرج الطلب الى سانا ، وزيارة اقوم بها ومعاونتي الى مدير عام سانا ، استقبال حار اخر من الباب الى الباب ، واطراء يجعل وجهي احمر امام تواضع انجازاتي ، وخطاب كبير ومحترم برغبة مدير سانا بالمساعدة ، فقط ينتظر الكتاب من الوزير و " تكرم عينك .. الموضوع بسيط " ..

طبعا باعتبارنا مواطنين فاقدي الاهلية وحالنا حال السجين الخطر الذي يخرج من محكومية فترة طويلة يجب ان نبقى تحت النظر ، واي عمل ( فكري ) يجب ان نأتي به يحتاج الى ترخيص ومن ثم الى مراقبة ..

و"رضينا بالهم والهم ما رضي فينا"َ .. قبلنا ان نكون مواطنين درجة ثانية ، وان نجعل محتوى رسائلنا القصيرة مراقب من قبل سانا ، تقبل ما تشاء وتحجب ما تشاء وترسل رسائلنا الى قرائنا متى تشاء .. "حكم القوي على الضعيف" .. ونحن شعوب تعودت ان "تمشي بجانب الحيطان ويا ربي السترة" ..

دخل الطلب الى سانا ، ولم يخرج والمدير على " فرد كلمة " تكرم عينك " .. يوم يومين اسبوع قرابة الشهر .. ويأتي الاعتذار شفهيا عن طريق الهاتف .. " ولله بتعرف يا سيد .. هل الموضوع محصور بسانا " واعتذار لبق .. و"حلاقة على الناعم " وسط ذهول لم استفق منه الى اليوم ..

موضوع ارسال الخدمات من خلال الرسائل القصيرة ممنوع او محصور ( لم يفرج الله كربنا من الحصر اربعون عاما )، وهذا "المحصور " لايعرف به الوزير الذي دخل اليه الطلب وحوله الى سانا ، ولم يعرف مدير سانا الحالة ( المحصورة ) عندما كاد يخرج معنا الى بيوتنا مودعا باشا واعدا جازما معشما ايانا بالخير خاتما كلامه بوعد محترم ..

أُغلق الباب في وجهنا .. ونحن سوريون معتادون على الشبابيك والعربشة على الحيطان ، والانسلال بالانفاق ، امام حالة الابواب المغلقة التي لا نعرف متى يفتحها الله في وجهنا ..

طرقنا باب شركة سيرياتيل واشترينا منها ما يعرف باسم الـ Bulk وهي ببساطة شراء رسائل SMS بالجملة بسعر منخفض وتحميلها بمحتوى ما وارسالها الى زبائنك ، حيث آمنا بان " الرمد احسن من العمى " , وكان القرار بان نخدم زبائننا الحاليين من خلال تذكيرهم بعناوين اهم ما ينشر في الموقع لقاء مبلغ رمزي احيانا ومجانا في معظم الاحيان لتنشيط التواصل مع موقع سيريانيوز ..

الوعود المحترمة من قبل وزارة الاعلام وسانا .. لاحقتنا ولاحقت شركة سيرياتيل ، وبعد معركة قصيرة غير متكافئة اوقفت الشركة الخدمة الوليدة بناءا على قرار من المؤسسة العامة للاتصالات ، واعادتنا الى زنزانتنا .. مواطنون " ما بيلبقلنا حرية " ..

الوزارة ذاتها التي سارعت من خلال دوام اضافي للقائمين عليها في ليل امس ، بالطلب الى مؤسسة الاتصالات توقيف الخدمة، كان لها الفضل في السماح لنا في تلقينا منحة تدريبية من المؤسسة الاعلامية العريقة الـ BBC ، حيث زارنا قبل شهرين ضمن برنامج تدريبي يمتد لسنتين ، خبيرين في موضوع اعلام الانترنت ، وهما من قاما بانشاء موقع الـ CNN وموقع الـ CNN باللغة اللعربية ، وموقع الـ BBC باللغة العربية وموقع الجزيرة على ما اذكر ، وكان شرف لنا ان نتلقى التدريب من قبل هؤلاء في كيفية تأمين الواردات المالية اللازمة لتمويل الموقع والحفاظ على استقلاليتنا المالية اللازمة لتأدية عمل اعلامي فاعل يقدم الفائدة للمواطن والوطن.

لم نفاجأ بان ابواب الدخل امامنا مغلقة ، ويلزمنا باخرة كاسحة للجليد لفتح الطريق امام حلول يمكن ان نحصل من خلالها على دخل معقول يضمن لنا الاستمرارية ..

كان اول الطرق التي نعرف بانها متجمدة هو اطلاق مجموعة من الخدمات عبر الـ SMS وفشلت حرارة محبتنا للوطن والمواطن ورغبتنا في بناء نموذج اعلامي ناجح ليكون خطوة باتجاه اعلام وطني يستطيع المواطن السوري الاعتماد عليه واستقاء المعلومات منه بدلا من العيش غريبا او مغربا في رحاب وسائل الاعلام الاجنبية ، فشلت حرارة ايماننا بما نفعل في فتح اول طريق ..

المؤلم .. بان جليد الوزارة وجبال سانا ، لم تقف عائقا في وجه خدمات مشابهة تقدمها قناة الجزيرة القطرية ، وعندما سألنا كيف تمنحون الجزيرة ( القطرية ) الاذن في اخبار السوريين عن بلدهم بينما تمنعون ذات الخدمة لوسيلة اعلام وطنية ، اجابنا مدير سانا بعد ان سقط وعده المحترم لنا بتسهيل الطريق ، بان هذه الخدمة من الخارج ، بينما الداخل "محصور" لسانا ..

كيف سنشرح لـ ديفيد وباتريس ( خبراء الـ بي بي سي ) ما جرى .. ، وهم سيعودون الشهر المقبل ليروا ماذا فعلنا بالخطط التي اتفقنا عليها .. هل سنطلب منهم تأسيس شركة اجنبية ربما في لندن او واشنطن .. او سويسرا ونزيل العلم السوري من على موقعنا ونرفع علما اميركيا او موزمبيقيا .. حتى يسمح لنا بالعمل داخل سوريا ، على مبدأ بان المواطن السوري ما زال ابن " الخادمة "..

او سنقول لهم بان المواطن السوري ما زال تحت المراقبة ، ولم يتأكد مسؤولونا الاتقياء بان هذا السجين العتيق قد " اصلح نفسه " فهم يخشون ان نحمل الرسائل القصيرة ، ربما بالقنابل او الانقلابات او الحقيقة ..

والسؤال لماذا هكذا هم خائفون ، رغم اننا نقبل بحكم تربيتنا كجيل خنوع ، بان نلعب دور السجين ، والفار ، والمغلوب على امره ، والمساكين ، وكثيرا من الاحيان الاذلاء .. هكذا .. ما اخترنا ولكننا قبلنا بهذا الواقع المؤلم ، فنقبل ان تراقب كلماتنا وهواتفنا وحركاتنا واشاراتنا وافكارنا ولساننا .. وبريدنا ورسائلنا .. قبلنا ان نكون ذاك السجين الذي يمكن ان يعود الى سلوك " الحرية " مرة اخرى فيعاد الى السجن .. ومع هذا لم " نخلص " .. وهم يلاحقون حتى رسائلنا التي تطير عبر الهواء ..

30 شابة وشابا يعملون اليوم في سيريانيوز ( اتوجه لهم بالشكر والامتنان ) ، وعمرنا اقل من سنة ، كان لنا هدف واضح وجلي ، اكبر من قصة موقع او مكتب او ربح وخسارة ، كان امامنا تحدٍ باننا كسوريين ما زلنا قادرين على النجاح ، قادرين على ان نفجر خلايا جسدنا المتيبس طاقة ونورا تبددا الظلام .. وفي اقل من سنة ، في ارض إعلامية قاحلة وقاسية .. ها نحن اليوم نتفوق في عدد قرائنا على مؤسسات إعلامية عريقة كان آخرها " الحياة " اللندنية التي تجاوزناها في الأسابيع الاخيرة بعد ان أصبح عدد صفحاتنا المقروءة في اليوم الواحد اكثر من 200 الف صفحة وتجاوز الـ hits ( نقرة على سطح المكتب ) على الموقع 600 الف Hits في اليوم الواحد .. وتجاوزنا الـ 5 ملايين صفحة مقروءة على الموقع في الشهر الفائت.

نعرف اننا ما زلنا في البداية ، ونعي تواضع انجازنا ، ونعرف ان الطريق طويل .. طويل لنتحول الى وسيلة اعلامية وطنية سورية حقيقية ..

لكننا عملنا بجد .. ونال منا التعب في محيط يقاوم نجاحك كل ما فيه .. أُحبطنا كثيرا .. ولكن السعادة كانت في النجاح الذي كنا نحققه وهو كاف لكي نتابع الطريق .. ثقة قرائنا ومحبة مريدينا .. سيريانيوز الذي اصبح يمثل النافذة التي يطل من خلالها الكثيرون على هذا الوطن واخباره .. لن يعدم السبل التي تمكننا من الوصول اليكم .. وسنكون قريبا على جوالكم .. حتى ولو هبطنا من السماء .. في رسائل اخبارية ( بريئة ) .. اعدكم باني سانهي كل منها بشتيمة .. خارج الرقابة ..