ذهب الزعيم الكوري المبجل كيم جونغ إيل الأسبوع الماضي إلى الصين في قطاره الأسطوري، لكي يطلع، عن كثب، على الإصلاحات الاقتصادية. وتذكرون انه قبل مدة ذهب إلى موسكو على متن قطاره المبجل، ومعه طباخوه. والذي لا افهمه كمتابع عادي لأخبار الدنيا وأحوال العالم، هو كيف يعود الزعيم المبجل من موسكو المنقلبة ومن جنوب الصين المثير، من دون أن يدرك، أن ثمة ما تغير على هذا الكوكب العفن. كيف، مثلا لم يعرف انه لم يعد مسموحا أن يموت ألف شخص في المجاعة من اجل يحيا لينين. أو تروتسكي. أو بوخارين. أو ستالين.

يا سيدي المبجل لقد ماتوا جميعا. ولم يعد من الممكن أن يموت شعب بأكمله من اجل أن تحيا جثة محنطة مثل رع وتحوتمس. يا سيدي المبجل لم يعد في هذه الأرض سيد واحد لجميع الناس. ولم يعد ممكنا خداع البشر بمن فيهم السذج، بأن يتحولوا إلى دواب تركب في المواكب والاحتفالات واجترار الخطابات.
آه ، عفوا، لك منا شكر خاص لأنك، على الأقل، لا تخطب في الناس ولا تريد توحيد العالم ولا تؤمن بأن في عنقك إنقاذ البشرية جمعاء. لا أكثر من الكوريين، شمالا وجنوبا. شكرا أيها الزعيم المبجل، لا رسالة كونية لديك، مجرد طباخ من اليابان وسلاطعين طازجة من فرنسا ومشروع قنبلة ذرية تهدد به، كلما قال لك المستعمرون إن مليون إنسان قد ماتوا في بلادك جوعا.

هل تعرف لماذا ماتوا جوعا؟ لأنهم لم يعملوا بنصيحة ماري انطوانيت.

لم يأكلوا بسكوتا، ولعل راحتهم الأبدية الوحيدة، أنهم قضوا وهم يهتفون لمجدك. تصور لو لم يفعلوا. تخيل هذه الخيانة المريعة. لذلك تعلموا أن يهتفوا فرحين، لك، لمجدك، لطباخك، وللسلاطعين الطازجة من فرنسا.

فلتحي الاشتراكية أيها الزعيم المبجل. ودعك من اشتراكية فرنسا والنروج والسويد وكندا، حيث يسمع لغير المبجلين والملهمين بالفوز بالرئاسة.

أنت رجل ملهم. أنت قائد عظيم. لا قبل ولا بعد. وإذا مات مليون جائع وارتجف ملايين الفقراء والبردانين، فلأن أنفاسك العطرة تدثر الناس، وكلماتك المسكية ترفع أرواحهم إلى مستوى عبادتك، فيشعرون بالنعيم وطعم الجنة. ومشكلة الشعوب الكافرة الأخرى أنها لا تدرك بعد، ماذا يفوتها من ذروة الانتشاء في قمة الخضوع. لماذا؟

لأنها شعوب متخلفة، بليدة، لا تعرف معنى أن تكون الدنيا قد منت عليها برجل ملهم، كامل الأوصاف، مدجج بالمخابرات، عزل شعبه عن كل شيء في الأرض إلا إلهامه، من اجل أن يضمن لهذا الشعب السعادة والتفوق والتفرد بالنشوة النهائية.