يدعيوت أحرونوت
أوري بورات

كل من يتخوف من صعود حماس الى السلطة لا يفهم ببساطة شيئاً في السياسة. لا يقتصر الامر على ان حماس في السلطة ليست غير سيئة فقط وغير فظيعة، بل هي حتى حسنة. فالتجربة (وتجربتنا ايضا) تدل على ان كل جهة متطرفة، عندما تصل الى السلطة، تصبح معتدلة. فما يرون من هنا لا يرونه من هناك.
مع تحول حماس جسماً سياسياً انتخب بانتخابات ديموقراطية، ستدرك يقيناً حجم المسؤولية التي طرحت عليها وستضطر الى ان تميل نحو الاعتدال. ثمة احتمال غير ضئيل أن تقول حماس انها تتخلى من ايديولوجيتها السابقة في شأن القضاء علي دولة اسرائيل وأن تعلن عن انها تقرر المضي خلافا لذلك، بالضبط كما مضى الليكود ذات مرة الى الوراء وهو الان يمضي قدما. واذا ما تابعنا الخط المنطقي للمحللين، الذين يعرفون دائماً كيف يبرهنون على انه سيحصل هذا او ذاك، وأن اليسار لن يكون محقا دائما، فان حماس ستعلن قريبا عن تخليها عن طريق الارهاب وعن استقرار رأيها على ان تنزع سلاحها طوعا. فحماس في السلطة، هكذا يوضحون لنا، ستكون ملزمة في أن تأخذ في الحسبان الدول الغربية التي تحول الى فلسطين مليارات الدولارات، ولهذا فانها ستعلن في القريب عن انسحاب احادي من نيتها العودة الى يافا وحيفا، وعكا والرملة واللد.
ثمة بين نمامي السلام الذين لا يتعبون من يشير الى ان هناك احتمالاً بأن يؤدي الانقلاب في الشارع الفلسطيني الى حصول حراك تغيير لا في حماس فحسب بل في الجهاد الاسلامي ايضا، وفي كتائب شهداء الاقصى، والتنظيم، وحزب الله بل القاعدة ايضا. كل هؤلاء قد يعلنون قريبا عن وضع سلاحهم، وبدل التحدث الينا بالشهداء وبصواريخ القسام سيبدأون الحديث الينا بالازهار. اسرائيل من جانبها ستعلن، بأنها تقديراً واجلالا لحماس توافق على الاعتراف بحقها في الوجود وأنها تكف عن ممارسة الاعمال الارهابية المضادة للشعب الفلسطيني وانها ستعود فورا الى حدود 1967. "سلام الآن"، و"جيل كامل يطلب السلام" وحركة جديدة تسمى "شبان الى الامام" ستجمع اعضاءها من نوادي الرقص في تل ابيب وترسلهم في نقليات منظمة الى غزة، لرقص الدبكة في ميدان فلسطين. ستقيم بلدية تل ابيب جلسة احتفالية خاصة، سيقرر في نهايتها تغيير اسم ميدان المدينة ليكون ميدان عرفات. كاديما، والعمل، وميرتس وحداش، التي هي كما هو معلوم، احزاب المركز، ستنشر اعلاناً مشتركاً في وسائل الاعلام تعلن فيه عن سعادتها بالاعتراف بأن سياسة الانفصال الاحادية هي التي جعلت حماس تتولى السلطة وانظروا اي تغيير للافضل يمكن ان ينشأ نتيجة ذلك. سيجند مركز رابين للسلام، ومركز بيرس للسلام، ومركز اولمرت للسلام أموالاً لاقامة مركز الشيخ ياسين للسلام. باختصار، كم هو حسن أنه قبل الانتخابات في اسرائيل وبعد الانتخابات في فلسطين اصبح هناك شريك جديد للسلام. صحيح انه كان قبل اسبوع ما يزال مقنعاً مسلحاً، لكنه منذ الان اصبح كله نشاط انساني ولم يعد يشكل مشكلة خطرة.
من المؤكد ان الاصوات التي تغرق الاعلام في هذه الايام باطلة. ثمة بين محللينا من يزعم ان الذئب يوشك ان يساكن الكبش ـ وان مواطني اسرائيل المساكين، الذين كانوا أسوداً ذات مرة، اصبحوا الآن يأكلون التبن كالبقر.