أعتقد أننا نحن السوريين من أكثر عباد الله مقدرة على اكتشاف ثغرات القوانين العامة لما فيه خدمة مصالحنا الخاصة، وقد سبق أن كتبت كيف أن الطلاب السوريين في أحد بلدان اوروبا الشرقية اكتشفوا أنه ثمة مادة في القانون تعطي الأجنبي الذي أقام في البلاد لمدة عامين الحق بإدخال سيارة خاصة،

فما كان من الشباب إلا أن بدؤوا بإدخال السيارات وبيعها، فما كان من حكومة ذلك البلد إلا أن عدلت القانون بحيث لا يحق لصاحب السيارة بيعها، فاكتشف الشباب ثغرة أخرى في القانون تقول: إنه يحق لهم إهداء السيارة، والقانون يجيز بيع الهدية! لذا صار الواحد منهم يدخل سيارة ويهديها لصديقته فتقوم هي ببيعها لحسابه! مما اضطر حكومة ذلك البلد لأن تعدل قانونها لثالث مرة خلال عامين!

وقد اكتشف الشباب في بلادنا العامرة أن حواسب شركات شبكات الهواتف المحمولة لا تدخل في سجلاتها الالكترونية المكالمات الهاتفية التي تقل مدتها الزمنية عن اربع ثوان! لذا بدؤوا يستفيدون من هذه الميزة، ويعلمون سواهم كيفية الاستفادة منها. فالزمن يعلم الناس، والناس يعلمون بعضهم. ‏

والحق ان تلك الميزة كانت مفيدة خاصة للآباء مثلي الذين يسكنون في الأدوار العليا عندما يصلون الى البيت محملين بالأغراض، إذ تكفي كلمة يقولها الأب لابنه: «انزل»! ‏

إلا أن جهابذة شبكات الهواتف المحمولة عندنا ضاقت أعينهم على هذه الثواني وقالوا في رسالة وجهوها لمستخدميهم وأنا منهم «بدءاً من 1 شباط ستحسب كلفة اي مكالمة تجري الى اي خط آخرمن أول ثانية». ‏

بما أن الشريحة الأكثر تضرراً من هذا القرار الجائر ستكون هي الشباب، لذا فإنني أطالب شركات الهواتف المحمولة ان تتراجع عن هذا القرار فوراً أو أن تعتمد مبدأ المحاسبة بالثواني. ‏

فإذا كانت قد استكثرت على مستخدميها أربع ثوان فليس من المنطقي ان نسامحها نحن بتسع وخمسين ثانية. ‏

أيها السادة في شركات الهواتف المحمولة رفقاً بشبابنا الطفران! ‏

أما إذا كنتم تتكلمون بالحق، فنحن نطالبكم ان تحذوا حذو شركة اتصالات الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الشركات المحترمة التي تجمع الثواني وتحاسب المشترك على مجموعها بحيث لا تذهب كسور الدقائق لا لجيبها ولا لجيب المستخدم! وهكذا سيكون بوسع الشباب ان يتكلموا نصف دقيقة او اربع ثوان عند اللزوم!