يمكن قراءة تعيين السيد فاروق الشرع صاحب المداخلة الحادة امام مجلس الامن في جلسة مناقشة تقرير ميليس الاول ، بمواجهة وزير الخارجية البريطاني جاك سترو ، نائبا لرئيس الجمهورية ، بانه خيار سوري نحو التشدد والممانعة ، وما يعزز هذه القناعة اكثر هو تفويض السيد الشرع باضافة السياسة " الاعلامية " الى ساحته " الخارجية ".

واذا اخذنا في الحسبان بان اعلامنا في مجمله اعلان موجه للخارج ، فان السيد الشرع يقف الآن تماما حارسا على الممر الذي يصل سوريا بالعالم الخارجي.

ويمكن ايضا ان نقرأ في هذه الخطوة بانها انتصار لتيار الممانعة والمواجهة على تيار المهادنة والتسوية والواقعية ، فليس بخاف على احد وجود خلاف جذري في توجيه السياسة الخارجية لسورية بين فاروق الشرع من جهة ووليد المعلم من جهة اخرى.

ولكن في المقابل اصبح المعلم على رأس الخارجية السورية ، وهو الرجل الذي كان له دور كبير في توجيه الخطوات السورية باتجاه التعاون مع اللجنة الدولية ، او على الاقل كان يدعم سياسة " الواقعية " وتجنب الصدام مع المجتمع الدولي وتأجيل خيار المواجهة او الممانعة ليكون الخيار الأخير ، والسعي بكل قوة لتجنب هذا الخيار من خلال الإبقاء على خطوط الاتصال مفتوحة مع أطراف اللعبة والنفاذ من خلال هذا المعبر بالتحديد لحل الأزمة التي تعيشها سوريا.

ولعلنا نذكر جميعا ، ان المعلم هو من أعلن عن القرار السوري بسفر المسؤولين السوريين الخمسة لفيينا لاستجوابهم من قبل اللجنة الدولية ، بينما كان فاروق الشرع قد اعطى للصحفيين انطباعاً مغايراً تماما قبل هذا الاعلان بساعات ، وفي النهاية كان لهذا القرار دور كبير في اقناع اطراف دولية فاعلة برغبة سورية الحقيقية في التعاون مع اللجنة الدولية.

الامر الذي جعل قرار مجلس الامن بعد تقرير ميليس الثاني يأتي " مخففاً " نسبيا ، بمعنى انه لا يضم كل السوء الذي كنا نتوقعه.

اما حقيبة الاعلام فهي في عهدة سفير سوريا السابق في اسبانيا ، محسن بلال ، بمعنى انه من " فريق " الخارجية الذي كان الشرع مسؤولا عنه ، وبقي كذلك ( نظريا على الاقل ) حين فوض الشرع بمتابعة السياسة الإعلامية ، بينما قد تكون المسافة بين الرجلين كالمسافة بين الشرع والمعلم.

هذه الصورة تجعلنا نجزم بان القيادة السورية تمسك العصا من المنتصف الآن ، والذي يرجح احد الكفتين هو حجم الصلاحيات التي سيُعهد بها الى السيد الشرع ، بين احكام قبضته على الوزارتين السياديتين او رفع يده عنهما فتركبان تياراً اخر.