تعجيز وارتهان للسلطة

المطلع على مسودة قانون الأحزاب التي أقرتها الشعبة الحزبية بمجلس الشعب السوري، لا يستوقفه في المحتوى سوى شيئ واحد :أنه ليس قانون أحزاب بل قانون لعدم نشوء أحزاب بسوريا.

وأبدأ بالسؤال : هل أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية الحاكمة ماعدا حزب البعث الحاكم لديها خمسة آلاف عضو في تنظيماتها الحزبية؟
إن التجربة السياسية للنظام السوري فريدة من نوعها فعلا لا قولا فقط.[ قانون أحزاب ] وحزب البعث يحتكر العمل السياسي برمته ومحمي دستوريا بالمادة الثامنة التي تعطيه حق قيادة الدولة والمجتمع. قانون علماني!! والنظام نظام طائفي. ضد العلاقة مع الخارج دون تمييز ولحزب البعث الحاكم فروع حزبية في الدول العربية باعتباره حزبا قوميا عربيا. ويلغي الوجود الكردي نهائيا من الخريطة السورية.
رغم كل هذا نقول رغم كل هذا : لتلغ المادة الثامنة من الدستور، ويصبح منصب رئيس الجمهورية انتخاب وليس استفتاء.. عندها يصبح الكحل أحسن من العمى!
ولكن هل هذه السلطة فعلا قادرة على جعل منصب رئيس الجمهورية انتخاب؟ وهل هي قادرة على إلغاء المادة الثامنة من الدستور السوري؟
طالما أنها تقول أنها ذات شعبية راسخة وحائزة على [ 99،999 ] مما الخوف من الانتخابات التنافسية على منصب رئيس الجمهورية إذن؟
ثم أليس في الوضع السوري حزب البعث حزبيا / قوميا عرقيا /؟ حتى يمنع تشكيل أحزاب على أساس عرقي وقومي؟ باعتبار أن هنالك في النسيج السوري قوميات أخرى كالأكراد والأرمن والشركس..الخ

بالتأكيد المبين أن هذا القانون أو مسودة القانون لا تناقش من زاوية التفاصيل مطلقا لأنها ليست مسودة قانون أحزاب هي مسودة لقيام منع دستوري وقانوني لنشوء الأحزاب. ومع ذلك مجرد تقديم هذه المسودة من قبل النظام وقراءتها وفق المنطوق السوري يؤكد بما لايدع مجالا للشك :
ـ خوف النظام من المسألة الطائفية من خلال هذا التشدد الشكلي والمأزوم في طرح تشكيل الأحزاب على أسس علمانية!!!
ـ خوفه من القضية الكردية كذلك هذه المهاترة حول وضع اللغة العربية في مكانها المقدس وهل تحتاج اللغة العربية في سوريا لحمايتها بقانون أحزاب؟
ـ اعترافه الصريح أن البلاد بحاجة لقانون أحزاب ينظم العمل الحزبي والسياسي والمدني فيها. وهذا يؤكد من جهة أخرى أن قانون الجبهة الوطنية التقدمية قانونا ليس دستوريا ولا يمت بصلة للعمل الحزبي. وعندما تحضر أحزاب الجبهة توقيعات من خمسة آلاف مواطن عندها نقول :
هذه الأحزاب ليست أحزابا صورية. لأنه منذ زمن الراحل حافظ الأسد والموالاة بالنسبة للمواطم السوري : إما أن يصبح مخبرا لدى الأمن السوري أو عضوا في حزب البعث الحاكم أو يجمع المجدين معا. بالتالي لاداعي لأن يأتي وينضم لذيل القائمة يذهب مباشرة ليشرب من رأس النبع وينتمي للمجد البعثي مباشرة بلا توسطات آل بكداش أو آل القدسي أو آل أسماعيل..الخ
منذ متى في كل تجارب العالم : حزبا ديكتاتوريا يمكن أن يطرح قانون أحزاب عصري وديمقراطي؟
قانون أحزاب لايمكن له أن ينشأ دون مشاركة القوى المعارضة للنظام القائم والحزب القائد في صياغة هذا القانون.
وأظن أن المكتوب واضح من عنوانه.. لا أحزاب وبالتالي : لاقانون أحزاب وإنما قانون ليعاقب من تسول له نفسه بتشكيل حزب أو جمعية.