تعتبر السياسة من ساس يسوس فهو معتقل من أخطر الفيروسات التي يمكن ان تصيب إنساناً في بلادنا وتفوق في خطورتها الأيدز وأنفلونزا الطيور والسعال الديكي أيضاً، وهو نوعان سلبي وإيجابي والأكثر خطراً فيه هو قدرته على التحول بسرعة و استجابته الفورية لأية تبدلات في البيئة الخارجية الحاضنة كتغيًَّـر نظام الحُـكم مثلاً ،الأمر الذي قد يجعل من النوع السلبي إيجابياً والايجابي سلبياً ،
النوع السلبي منه قد يستهلك سنوات طويلة من حياة حامله ملاحقاً أو سجيناً أو منفياً، أماالإيجابي فيجعل حامله متنعماً بإمتيازات كثيرة ليس أولها السيارة أو أسطول سيارات ولا الأرصدة في بنوك العالم " الامبريالي " آخرها،و ما يتناثر بينهاهنا وهناك من معامل ويخوت و وكالات ومنشآت ونفوذ ومحسوبية.
فئة لا بأس بها من حملة النوع السلبي من فيروس "ساس يسوس فهو معتقل" صُــفْيت أعمالها مع سقوط الاتحاد السوفييتي وهزيمة العراق في حرب الخليج الثانية 1991 ودخول العرب جميعاً في التسوية الأمريكية، وحلقت حركة الواقع لها على الناعم ، والآن يراودها الحنين للعمل السياسي بعد قدوم مقاول ثري للمنطقة، قوي وجبار و مدجج بالأساطيل العسكرية والفضائيات وكل أنواع الميديا، ويجتهد كثير منهم لإثبات قدرتهم على الأداء المطلوب رغم أن تأهيلهم السياسي السابق الموصوف بالبروباغندا والشمولية ولا يسمح لهم بإنجاز عمل مقنع لرب العمل الجديد الإمبريالي السابق ،
بعد سقوط مركز رب عملهم السابق "موسكو"، عدلوا من
" ستيلاتهم " وتأبطوا كراسات حقوق الإنسان والديمقراطية والمجتمع المدني وهاموا بالنضال النسوي وخلطوا البيئة بحقوق الانسان.
فيروس إيجابي جداً جداً

على المقلب الآخر يتشقلب حاملو فيروس السياسة الإيجابي
" ساس يسوس فهو فاسد " على حرير المال أو مال الحريري أو السوري أو المال العام ، ويعملون في كل الكارات من استيراد "الكيران" أي السيارات بلهجة إخوتنا الجزائريين وهي جمع عربي لكلمة CAR الإنكليزية، وانتهاء بإحتكار التلغراف والبرق والحمام الزاجل.
ورغم أن التنعم مرتبط حكماً بالولاء المطلق فإن مخاطر التحولات أو التشوهات على فيروسهم الإيجابي تكاد تنعدم ما تمتعوا بفضائل الولاء والتصفيق الدائم والفساد أي العمل مدانين تحت الطلب ، وما دام ولي النعمة مستقراً على كرسيه فإذا ما لاح في الأفق أن الأرض ستميد تحته هاج الفيروس وماج وتحول تحولات رهيبة رصد العلماء عوارضها في تجارب سابقة، فيغدو حامله ميالاً للهبش و" أكل ما تحت يديه " بسرعة على حد تعبير أبي الأسود الدؤلي لعلي بن أبي طالب في وصف ممارسات ابن عم الخليفة عندما رجحت كفة معاوية .
لاشك أن الفريق الأول مظلوم مادياً قياساً بالثاني ،وبما أن المشرع السوري مصاب بإسهال تشريعي حاد ولم يترك إلا مجالات قليلة لم يصدر و يعدل فيها قوانين ومراسيم وأنظمة ،معظمها خرج من دون استكمال عملية هضمه جيداً ، ومن هذه المجالات التي يعتزم المشرع إسهالها قريباً العمل السياسي، فإن الفرصة قد أصبحت مواتية مع قرب صدور قانون الأحزاب لإعادة النظر بأوضاع سياسيي الحقبة السابقة من حملة الفيروسين السلبي والايجابي سواء.
تقاعد السياسيين المبكر ما أحلاه

والمطلوب إصدار مرسوم أسوة بشرائح كثيرة لإنشاء جمعية السياسيين القدماء أسوة بالمحاربين القدماء، تتمتع بشخصية إعتبارية وإستقلال مالي وإداري ويرصد لها صندوق خاص تسدد فيه الحكومة نيابة عن الأعضاء حملة الفيروس السلبي وحتى تاريخه إشتراكات عن كامل الحياة السياسية للعضو مع إعتبار عتبة الـ 20 سنة هي سن التقاعد الاجباري لعمال السياسة تحت طائلةالاعتقال مجدداً أو الصرف من الخدمة بلا تعويض والمصادرة ، ويسدد فيه حملة الفيروس الإيجابي خًمس أموال "هم" السائلة و ما يعادل عشر عقارات"هم" ومنقولات"هم" وذلك لمرة واحدة ،
وعند وصول العضو إلى السقف تصرف له مكافأة نهاية خدمة بدلاً من رب العمل المنهار كالاتحاد السوفييتي، أوالمحتلة أرضه كالعراق ،أو الذي صرف عماله من الخدمة كالسعودية أوالذي لا يزال يشغلهم كالسلطة وأطراف أخرى إقليمية ودولية، مع الإقرار أن فئة كبيرة كانت تعمل لحساب قناعاتها و شعبها ، ويخصص له راتب تقاعدي يعادل الحد الأدنى لأجور الفئة الأولى،
فالعمل السياسي يتأذى أيما أذية من هؤلاء جميعاً بعد أن أفلسوا أمام الشعب وبدأوا يلعبون بالوقت بدل الضائع الذي قد يعقبه حسم بالهدف الذهبي.

إن صرف تعويض نهاية الخدمة يساهم في تخفيف الاحتقان ويجنب الدولة خضات وتوترا ت بين من أثمر عمله السياسي مكاسب هائلة، ومن أثمر عمله السياسي سجناً ومعاناة ،و بالأخص مع ضخ استثمارات سياسية في المنطقة ستخلق فرص عمل كثيرة للسياسيين والكلمنجيين بغض النظر عن نوع فيروسهم سلبي أو إيجابي في زمن سمته الأولى هي الانحطاط والانحطاط فقط.