رد المرجع الديني الابرز في التيارات الاسلامية الاصولية الشيعية اللبنانية على سؤال: هل كنتم تفضلون بقاء الجيش السوري في لبنان الى الأبد بتفويض اميركي جراء استعمال اميركا لبنان ورقة للضغط على سوريا؟ قال:

"هناك فرق بين ان يتحرك الخط السياسي من اجل خروج الجيش السوري من لبنان من خلال الاستفادة من اتفاق الطائف وربما كان بعض المنطق السوري اننا كنا نتحرك في هذا الاتجاه. فالمسألة كلبنانيين وسواء كمسلمين وكمسيحيين اننا لا نريد لأحد ان يحكمنا سورياً أو اميركياً او فرنسياً أو غير ذلك. لأننا نعتبر ان قيمة لبنان هي في ما يملكه اللبناني من الحرية ولهذا فان اية جهة عربية او خارجية تضغط على حرياتنا وتلغيها وتمنعنا من اختيار مصيرنا سواء في الانتخابات والوظائف وغيرها فهذا مما لا يفكر فيه احد. ولكن المشكلة كانت انها ليست مشكلة سوريا في لبنان بصرف النظر عن الجيش السوري لأنه كان في الطريق الى الخروج ولم يكن وجوده مؤثرا، بل كان وجود المخابرات السورية التي كان لها التأثير الكبير.

والسؤال: ان الكثيرين من الذين يمثلون الفريق المعارض لسوريا، الآن، هم مَنْ كان يذهب الى سوريا دائما ليطلبوا منها ما يريدونه سواء على مستوى المواقع النيابية او الوزارية او الادارية. وكانت المسألة ان اللبنانيين شجعوا المخابرات السورية على اضطهادهم والتدخل في شؤونهم. واما حكاية ان هناك اكراها وضغوطاً فهذه مسألة ليست دقيقة حين ندرس القضية في واقعها. لقد استمعنا في ذلك الى الرئيس سليم الحص وهو يمثل ضمير لبنان انه خالف النظام السوري في العديد من المسائل ولم يواجه ضغطا في ذلك. صحيح ان رجال المخابرات السورية كانوا يضغطون ولكن هذا الضغط التقى بوجود خضوع من الكثير من اللبنانيين الذين كانوا يحجّون الى عنجر او الى الامكنة هنا في داخل بيروت". واضاف المرجع الابرز: "المسألة هي ان السوريين افسدوا اللبنانيين وان اللبنانيين افسدوا السوريين في هذا المقام. فنحن لا يمكن ان نوافق على بقاء الجيش السوري والمخابرات السورية لكي تمنع اللبنانيين سواء بطريقة امنية او سياسية من تقرير مصيرهم سواء في القضايا التفصيلية او الخطوط العامة، لكن ان يخرج السوريون ليكونوا ورقة لا لحساب لبنان ولكن لحساب اميركا من اجل بعض القضايا المتصلة بالواقع العربي من خلال الاحتلال الاميركي للعراق، او القضية الفلسطينية، هذه هي القضية. ونحن ايضا لا مشكلة عندنا في ان يساعدنا المجتمع الدولي ولكن هناك فرق بين ان يساعدك المجتمع الدولي وبين ان يستغلك ولاسيما اذا كان هذا الاستغلال يتحول الى ما يشبه الارباك للواقع اللبناني. فحين نستمع الى الموفدين الاميركيين الذين يأتون ونستمع الى تصريحاتهم فاننا نجد انهم كانوا يتدخلون حتى في الامور الصغيرة. فما علاقة الموفدين الاميركيين بمسألة رئاسة الجمهورية؟ فهذا امر داخلي سواء كان الرئيس مطالباً من البعض بالرحيل ومن غيره بعدمه.

ان هذه المسألة هي التي تعني ان هناك سيطرة ووصاية في هذا المجال. ونحن نلاحظ بأنهم استطاعوا تعميق الخلافات الكثيرة بين اللبنانيين في هذا المجال. فما هي علاقتهم بين ما حصل من التفاهم بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله"؟ هذه قضية داخلية تقاس بما يحصل من تفاهمات بين افرقاء 14 آذار في هذا المجال مثلا. فجوابا عن السؤال: ليست القضية اننا نريد بقاء الجيش السوري والمخابرات السورية لتعبث في لبنان وتمنع اللبنانيين من تقرير مصيرهم. ولكن ان نكون ببلدنا ورقة فهذا امر نرفضه. وكنا نقول بالنسبة الى العراق ان العراقيين كانوا يسبّحون بحمد الرئيس بوش واميركا لأنها انقذتهم من صدام وكنا نقول لهم ان نظام صدام كان صناعة اميركية وحين انتهت وظيفته ارادت اميركا ابداله بنظام تسيطر عليه بشكل مباشر او غير مباشر ليكون العراق جسرا للمنطقة. وقلنا لهم: احسبوا حساب القضايا على حساب المصالح العراقية وليس على اساس الاخلاق العربية التي تتحدث عن الوفاء والخدمات، لأن في السياسة لا وفاء ولا اخلاق ولا غير ذلك".التوبة موجودة في كل الديانات. وهي تجوز وخصوصا عندما لا يعود في مقدرة معلنيها احتمال الضغط والاكراه وكما قلتم تبادل الافساد، علما ان هناك من يتساءل هل ان القصة بين اللبنانيين وسوريا هي مجرد اخطاء متبادلة وإفساد متبادل. هل ان لبنان في الاستراتيجيا السورية او كما يراه السوريون يؤثر على المسلمات الوطنية في تقديركم؟

اجاب المرجع الاسلامي الابرز:

"هناك نقطة يجب لحظها وهي: من الذي سلّط السوريين على لبنان واعطاهم كل هذا الامتداد العسكري والامني؟ إننا نعرف ان العالم العربي من جهة لحظ قوات الردع العربية، واميركا ومعها الغرب من جهة أخرى ونحن نعرف من خلال هذا الجو ان مصالح اميركا آنذاك كانت تريد ان تدير المسألة اللبنانية في الجو السوري والعربي انطلاقاً من الصراع في الحرب الباردة بين الغرب والاتحاد السوفياتي سابقاً، وكانت تريد تجميد حركة الاتحاد السوفياتي ومعه اليسار العربي في لبنان على أساس ان الحرب اللبنانية التي كانت في تلك المرحلة معدّة لتثير القضايا الكثيرة التي يستفيد منها الاتحاد السوفياتي سواء في المسألة الفلسطينية، وصراع الفلسطينيين ومعهم الوطنيون مثلاً في لبنان، لهذا كانت المسألة مسألة المصالح الاميركية في هذا المقام وبشكل واسع، والمصالح الغربية معها.

حتى أننا نلاحظ أن أميركا أفسحت المجال لاسرائيل لاحتلال لبنان وهناك من اللبنانيين من الذين يتحدثون الآن عن الاستقلال وعن الحرية، ولا اتحدّث تحت عنوان ساعدوا أو اجتذبوا الاسرائيليين، ولكنهم لم يواجهوا الاسرائيليين ولم يعتبروهم جيشاً محتلاً وبلداً محتلاً، ونحن نعرف كيف تحركت مسألة صبرا وشاتيلا وغيرها.

ليست المسألة مسألة توبة في هذه القضايا، ففي الدين التوبة هي أن تندم على ما مضى وأن تعزم على أن تصحّح ما تفعله من عمل في المستقبل، أما ان تتوب بمعنى أن الظروف تغيّرت وتحاول لعب لعبة جديدة تختلف عن التجربة الصعبة السابقة، فهذا أمر لا يسمّى توبة.

ان المسألة بالنسبة الينا وفي ما نفكّر فيه هو أن الذين تحركوا في الاحتلال الاسرائيلي، او في الخط الاميركي وغيره وانعطفوا ايضاً عن الجو السوري في ذلك الوقت هؤلاء لا يزالون في الخط نفسه ولكن مسألة سوريا الآن اصبحت تختلف عمّا كانت عليه في الخط الاميركي. والقضية هي أن اميركا – كما يقول بعض الناس – والمجتمع الدولي التقيا معنا ونحن نستفيد منه في ما نريده من تحقيق حريتنا واستقلالنا ورفض الوصاية ولكننا عندما ندرس حركة السفير الاميركي في لبنان في كل الامور الكبيرة والصغيرة نعرف ان المسألة ليست هي ان هناك مساعدات. إنهم يتحدثون عن مسألة نزع سلاح المقاومة وهذا قد يكون حديثاً يجد البعض فيه "أنه حديث موضوعي عقلاني" برأيهم لأنه لا يمكن ان يكون هناك جيشان في بلد واحد. ولكن السؤال: ماذا اعطت اميركا للجيش اللبناني؟ فلقد سمعنا اخيراً أنها قرّرت مع تحفظات رفع المساعدة من 800 ألف دولار الى أربعة ملايين دولار للجيش اللبناني فيما ثمن أي دبابة تقدّم لاسرائيل يُعادل مليوني دولار، اضافة الى الدعم السنوي الذي يتجاوز 3 مليارات دولار".

لكن اذا ابدت اميركا استعدادها لتزويد الجيش اللبناني الاسلحة يقولون انها "تؤمرك" الجيش وان من يقبلون من اللبنانيين مأمركون. واذا لم تقدم السلاح للجيش يقال انها لا تساعد!