بعد مرور عامين على إعلان البيان التأسيسي والنظام الداخلي للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في سوريا، وانتخاب مجلس إدارتها المؤقت والمؤلف كالعادة من رئيس ونائب للرئيس وأمين للسر وأمين للصندوق وتسعة أعضاء .

وبدأت الجمعية الوليدة بممارسة نشاطها على الأراضي السورية فأطلقت موقعها على شبكة الإنترنت / www.aohrs.org / ، وقام ناشطوها بمجموعة من النشاطات من مداخلات وبيانات وعرائض واعتراضات وهي في معظمها "المُعلن" مطالبات بإطلاق سراح سجناء الرأي أو المعتقلين السياسيين وفي بعضها إشارات إلى حقوق الإنسان السوري من مثل اهتمامها "العظيم" بالمفقودين السوريين على العبارة المصرية الغارقة، واعتقل بعض ناشطيها وأُطلق سراح بعضهم الآخر، وبقيت المنظمة تنعم بالوحدة حتى الأيام الأخيرة حيث صدر بيان جديد ذيله توقيع أربعة من أعضاء مجلس الإدارة المُنتخب سابقاً "بالاقتراع السرّي" واثنان وثلاثون عضواً من أعضاء المنظمة معلناً انسحاب هؤلاء من المنظمة وبدئهم بتأسيس "جمعية حقوقية تعمل فقط في مجال حقوق الإنسان بعيداً عن الايديولوجيا والسياسة" كم ورد في بيانهم المرسل إلى موقع "شام برس" .

http://www.champress.net/?page=show_det&select_page=1&id=8407/ متمنين التوفيق لزملائهم السابقين معلنين استعدادهم للتعاون معهم ومع كافة جمعيات حقوق الإنسان في سوريا .
في اختصار تفسير هؤلاء لانسحابهم وعدم قدرتهم على الاستمرار ذكروا في بيانهم أن بعض أعضاء مجلس الإدارة حاولوا الهيمنة على المنظمة وعالجوا قضاياها الحساسة بارتباك واضح في اتخاذ القرارات كما هيمنت الخلفية الإيديولوجية والسياسية على تصرفاتهم وقراراتهم في إدارة المنظمة، لاحظوا العبارات الطنانة .. إيديولوجيا .. سياسة .. وقد تكررت هاتان الكلمتان في البيان القصير أربع مرات .

لم يصدر بيان عن المنظمة ولا عن الجمعية الأم"المنظمة العربية لحقوق الإنسان في القاهرة" يكذب أو يصدق الخبر فهؤلاء سيتعاملون مع المنقسمين على مبدأ "ارتاحوا وريّحوا" وسيتابعون عملهم "الحقوقي الإنساني الهادف إلى ..." وكأن شيئاً لم يكن .

بعد مطالعتي لعناوين موقع المنظمة على الإنترنت وقراءتي لنظامها الداخلي وبيانها التأسيسي والتعريف بها وبأعضائها من محامين وأطباء وأساتذة كما ورد قبل اسم كل فرد منهم، ومن ثم قراءتي للبيان الآنف الذكر تذكرت تواريخ معظم الجمعيات المرخصة والغير مرخصة في المدن والقرى والهادفة في مسمياتها إلى العمل العام الاجتماعي من جمعيات تنمية وصداقة ومساعدة وإصلاح وحقوق مستهلك وتعمير وتنوير وإلى آخر ما هنالك من عناوين ومسميات لا تنتهي ونشطات انتهت قبل أن تبدأ واجتماعات وانقسامات ميزت تواريخها .

إذاً انقسمت المنظمة الوليدة بسبب مصالح فردية شخصية بين أعضاء مجلس إدارتها ومحازبي كل فريق منهم، وستنقسم الجمعية التي سيعمل المنقسمون على إنشائها أيضاً والأيام بيننا، أما حقوق الإنسان في سوريا ...

 أسرار صعود وهبوط بورصة المعارضة السورية : حيان نيوف .... إيلاف

تحولت الأوضاع السورية اليوم إلى الحدث الرئيسي في تغطية وسائل الإعلام، ونشاط المعارضة السورية ومواقفها هو جزء من هذا الحدث، وإن كان كل طرف إعلامي يغطيها من الزاوية التي يراها مناسبة أكثر من غيرها. وفي إطار هذا الحدث، كوّنت المعارضة السورية "بورصة" خاصة بها تصعد أسهمها وتهبط متأثرة بعوامل سياسية بالدرجة الأولى، وربما "إيديولوجية" وأحيانا أخرى " طائفية

لعل بعض المعارضين السوريين في الداخل والخارج يفضّل ألا يسمع خبرا مريحا قادما من داخل سوريا، لأن هذا الخبر من شأنه أن يؤدي إلى هبوط أسهمهم، كما أنه – وبالمقابل- أي خبر كارثي أو " تعيس" يأتي من الداخل سوف يرفع من قيمة هذه الأسهم. لكن ماذا نعني "بالخبر المريح" و"الخبر التعيس"؟

يلاحظ أن عددا من أطياف المعارضة السورية يكره أن يسمع مثلا أن قرارا صدر بتحسين الرواتب والأجور لطبقة عاملة ما. على سبيل المثال، ومؤخرا، صدرت قرارات رسمية بزيادة رواتب أساتذة الجامعات السورية زيادات وصفت بأنها ممتازة، ويبقى هذا الرأي قائم حتى يفنده أساتذة الجامعات أنفسهم. كما صدرت قرارات بتحسين رواتب المتقاعدين وهذه شريحة مهمة أيضا من المجتمع السوري. هذه الخطوات يتم تجاهلها تماما من قبل الكثيرين من أطراف المعارضة السورية، والذين يبحثون عن موت هرة في سورية لتبدأ قريحتهم بخطاب سياسي مطول شبيه بالمعلقات التي تبدأ بالحديث عن " الديكتاتورية " ولا تنتهي....

ألا يطرح هؤلاء المعارضون السوريون السؤال التالي: ماذا لو أعقب هذه القرارات تطورات أخرى شملت الأطباء والمهندسين والمدرسين والمعلمين وطبقة الشباب، وذلك من خلال قرارات مشابهة؟ ألا يعني هذا أن تطورا ما حققه النظام الحاكم على صعيد المجتمع؟!

ويالتزامن مع تلك القرارات، حاولت مواقع الكترونية سورية عديدة تعود لقوى المعارضة السورية تجاهل هذه القرارات، فيما تساءل آخرون عن جدوى هذه القرارات بعد ارتفاع أسعار البنزين والإسمنت، وهو تساؤل يبدو معقولا إلى حد ضئيل جدا، طالما جاءت هذه القرارات فهذا تحسن جيد. وأسأل: ماذا كان هذا المعارض سيقدم لأساتذة الجامعات والمتقاعدين لو قالت لهم الحكومة "لا نقدر عن زيادة الأجور لأن البلد تمر بمرحلة تحديات خارجية ونحن نخبئ قرش الخزينة الأبيض لأيام آتية قد تكون سوداء"! لن يقدم شيئا سوى البيانات. هذا ما قصدناه بالخبر المريح الذي يكره أن يسمعه معارضون سوريون كونه يؤدي إلى انخفاض أسهمهم.

وأما الخبر "التعيس" الذي يرفع من أسهم المعارضة السورية وينعش بورصتها، فهو على سبيل المثال اعتقال ناشط أو معارض أو صحفي أو الرقابة على كتاب أو محاسبة موظف بدلا من محاسبة مسؤول. هنا، لا يصدق هذا المعارض أو ذاك أن يسمع خبرا من هذا النوع، حتى يطير فرحا، ويركض موجها خطاباته للغرب وغير الغرب قائلا: "ألم نقل هذا نظام لا أمل منه"!. ثم بعد ذلك يمكن أن يقوم ببعض "أعمال البزنس" الخاصة على دعائم هذا الخبر، فيفتتح "دكانا حقوقيا " للمتاجرة باسم "سجين سياسي" أو "يعقد مؤتمرا" بتمويل أوروبي، وينتهي المؤتمر الذي كلف آلاف الدولارات ببيان من ثلاثة أوراق!

إذا ماتت هرة في إحدى الشوارع السورية، وإذا سقط عجوز عن شجرة زيتون، وإذا اعتقل كاتب أو صحفي لساعة واحدة، وإذا استمر قانون الطوارئ وإذا توقف هامش الحريات عن الاتساع... كلها أخبار من شأنها أن تفرح بعض المعارضين السوريين وتعطيهم قوة ودفعا للاتصال بالمنظمات الحقوقية والنشاط وإصدار البيانات وعقد المؤتمرات وبالتالي انتعاش بورصتهم!

وبناء عليه، لا يعطي الرد، عبر تصريح أو تقرير إعلامي رسمي على مؤتمر تعقده أطراف سورية معارضة في الخارج، لا يعطي بالضرورة النتيجة المنطقية أو التي قد تحوز على رضا الناس في الشارع. إن الرد على كل مؤتمر ترى السلطة أنه "معاد ويهدف لزعزعة استقرار سورية"، لا يمكن أن يلقى صدى – كما أزعم- من خلال بيان أو تصريح صحفي هجومي على هذا المؤتمر. وأزعم أن اتخاذ قرار إصلاحي كرد فعل على مؤتمر من هذا النوع هو الحل الناجع. وما أكثر القرارات الإصلاحية التي يمكن اتخاذها. على سبيل المثال، حتى لو أحيل مسؤول معروف بفساده إلى محاكمة وأعيد الاعتبار لسجناء سياسيين سابقين وصدر قرار بإيقاف حبس الصحفيين بسبب النشر.. كلها قرارات يمكن أن تكون خير رد على أي مؤتمر. وذلك لأنه عندما تلغى عقوبة حبس الصحفيين ويطلق سراح السجناء السياسيين وتسير الخطوات الإصلاحية لتشمل السوريين في الداخل والخارج، سيجد المعارضون المؤتمرون صعوبة كبيرة في البحث عن تهمة جديدة للنظام الحاكم.