طوال العام 2005 ظلت الأبواق اللبنانية ترفع من نبرتها يوما بعد يوم متهمة سورية بكل مصائب لبنان و مبرئة نفسها من فساد صنعها و صنع زعامتها. طوال 2005 شكى المواطن السوري من الصمت المطبق من قبل حكومته عن كل ما يجري من حوله حتى أضحى هدفا سهلا لأي اشاعة أو تلفيقة. الشاشات و صفحات الجرائد سخرت كلها لاطلاق تحليلات و استنتاجات بعضها فيها الكثير من التجني و الأخرى حاولت التحليل لهدف مقاربة الحقيقة غير أن أغلبها كان يذهب في اتجاه واحد و هو اتجاه تحميل سورية وزر كل ما جرى و يجري على الساحة اللبنانية. ردة الفعل السورية على ما كان يدور من حولها لم تتجاوز خطابين اثنين الأول يعلن الانسحاب السوري من لبنان و ألقاه الدكتور بشار الأسد في مجلس الشعب السوري يزم 5\3\2005 و الثاني جاء بعد تصاعد الحملة اللبنانية و الاتهامات الموجهة نحو سورية في كل وسائل الاعلام العربية تقريبا في مدرج جامعة دمشق في 10\11\2005. كانت كلمة الرئيس في أذار 2005 استعراضا عاما لما يدور حول سورية من أزمات و بالتالي فهو لم يكرس الكلمة للأزمة اللبنانية التي كانت تتصاعد حدتها يوما بعد يوم. كانت المسألة اللبنانية جزء من الأزمات التي تدور حول سورية.

أعلن الانسحاب من لبنان و خرجت قواتنا بشكل لم يكن ليليق بجيش حارب و ناضل و ضحى. استمر التصعيد اللبناني و ازدادت بشاعته بعد الانتخابات اللبنانية التي كرست زعامات صنعتها سورية و ليأتي اليوم الذي تنقلب فيه عليها. الكلمة الثانية خلال 2005 و التي أظهرت الموقف السوري الجلي و الواضح كانت على مدرج جامعة دمشق في 10\11\2005 . شكلت هي الأخرى حدثا مدويا بل ان صحيفة القدس العربي اللندنية وصفت الخطاب بأنه خطاب شمشون.هذا الخطاب أعاد بعضا من الروح الى السوريين الذين صبروا طويلا ينتظرون ردا على بعض ما ترشقهم به الفضائيات و الأقلام اللبنانية.
رويدا رويدا بان بأن الحلف السني الشيعي الدرزي في لبنان في طريقه الى الانهيار. الانهيار بدأ بما سمي بداية بسهو في الكلام ثم في كلام غير مقصود به الطرف الشيعي وصولا الى المجاهرة الصريحة بأن الكلام يقصد معناه و يقصد توقيته.

الحلف انهار و انهياره سرع في المطالبة بتنفيذ بنود من القرار 1559 ظل حلفاء الشيعة الانتخابيون يجاهرون برفضها بل و برفض القرار 1559 كله. الطاولة انقلبت و تحالفات جديدة بدأت معالمها بالتشكل توجت لاحقا بلقاء عون – نصرالله

في 6 شباط 2006 في كنيسة مار ميخائيل للموارنة في منطقة الشياح ليشكل انقلابا سياسيا مدويا على كافة الاصعدة خصوصا و أن المكان الذي عقد فيه اللقاء يحمل من الرمزية الشيء الكثير. قلب اللقاء الطاولة و أظهر فريق 14 اذار غير قادر على المبادرة، وقع في اخطاء أنقصت من وزن "حكمائه" و جعلت أخرين يبتعدون عن الأضواء خوفا من وقوع في أخطاء و مطبات. ظهر الحوار كمخرج وحيد لهم ، تعلقوا به و أصبحوا من عتاة الداعين له لكن هذا الحوار ولد ميتا خصوصا بعد ان بان للعلن أن أمورا أساسية لا يمكن التفاهم حولها. العلاقة مع سورية ظهرت كموضوع يسهل معالجته . من هنا بدأت مغازلات السنيورة لسوريا عبر تقصد مصافحة الأسد في قمة الخرطوم و انتظاره في بهو القاعة لهذا الغرض الى التصريحات المعسولة التي يطلقها يوميا حول سورية و ضرورة تعزيز العلاقة معها. من هنا يجب الحديث بشفافية بأن من سب سورية لا يستحق زيارتها و ان من حاول ان يطعن المقاومة في ظهرها في قمة الخرطوم لا يستحق هو الأخر زيارتها.

باختصار فان السنيورة غير مرحب به و لا حتى سعد الحريري. من يتجرأ و يستقبل أحدهم فكأنه يطعن الشعب السوري في ظهره و هو الذي تحمل هجمات مسعورة
من كلاب الحريري و حلفائه طيلة سنة وزيادة.