كنا مجموعة من الأصدقاء في جلسة حوارية صاخبة, عندما باغتنا أكثرنا مشاكسة بالسؤال التالي: هل هناك محافظون جدد في سوريا؟

بعد لحظات من الصمت المشوب بالتفكير العميق, أعاد صاحبنا السؤال, وتحدانا أن نجيب!

قال الأول: المحافظون الجدد, ذائعو الصيت, أصحاب نظرية "الفوضى الخلاقة", موجودون على حد علمي في الولايات المتحدة الأمريكية, فقط لا غير!

قال الثاني: ولهم أذرع أخطبوطية ممتدة إلى أنحاء كثيرة في العالم كأفغانستان والعراق والسودان وأوكرانيا وغيرها وغيرها, وليس بينها سوريا مطلقاً!

قال الثالث: لا تنسوا أن تأثيراتهم الخلاقة ومخططاتهم الجهنمية قد وصلت إلى لبنان. وهذا, فيما أرى, يثير الشكوك حول وصولهم إلى سوريا!

قال الرابع: ربما ليس لهم وجود مباشر في سوريا, ولكن من المؤكد أن لهم وجوداً غير مباشر. فالفوضى والفساد, وسوء التخطيط, والتخبط في القرارات, وتجاوز العدالة في التعيينات والترقيات, كلها من مظاهر "الفوضى الخلاقة" شئنا أم أبينا!

قال الخامس: بل وجودهم مباشر, لأن المسؤولين عن الفوضى والفساد والأمور التي عددتها, بالإضافة إلى الطائفية والعشائرية هم ـ من حيث يدرون أو لا يدرون ـ أعوان للمحافظين الجدد. ومن يراجع مثلاً تاريخ خدام وحاشيته وأزلامه في هذا المجال يتأكد أنهم كانوا كمن ينفذون, عن علم أو عن جهل, مخططاً يتفوق على أعظم مخطط قد يضعه المحافظون الجدد لسوريا!

قال السادس: ومادامت البلد لم تطهر من (الخدامين) وأتباعهم ومريديهم وتلامذتهم, ومادام هؤلاء يعيثون بالوطن فساداً وفوضى خلاقة أو غير خلاقة, فالمحافظون الجدد موجودون في سوريا حتى إشعار آخر!

قال السابع: بالإذن منكم, لقد اتجهتم بالسؤال اتجاهاً خاطئاً! إن ما أفهمه من السؤال هو هل هناك علامات أو دلائل على وجود محافظين جدد في محافظاتنا؟ مثل: كثرة الحفريات في الشوارع, تبديل بلاط الأرصفة, ترميم مبنى المحافظة, تجديد بيت المحافظ, إعادة هيكلة الساحات, تعديل الإنارة الطرقية, تغيير أنظمة المرور, تبديل الإشارات الضوئية, تصليح الساعات في الشوارع العامة (التي قد يكلف إصلاح الواحدة منها أكثر من مليون ونصف مليون ليرة سورية, كما حدث في طرطوس منذ سنوات!).

قال الثامن: لا لا .. أنا أفهم السؤال بشكل مختلف. فهو عن احتمال تعيين محافظين جدد للمحافظات السورية, بعدما احترق القدامى مؤخراً بنيران الانتقادات اللاذعة في الصحافة الالكترونية على وجه الخصوص؟

قال التاسع (وهو مصلحجي): ياريت (يظبط) كلامك! فعسى أن يصبح محافظ دمشق, الذي هدم سوق القرماني في ليلة ما فيها ضوء, تنفيذاً للمخطط التنظيمي للمدينة بعدما عجز عن تنفيذه كل من سبقوه, أقول عسى أن يصبح محافظاً على طرطوس, لكي ينفذ مخططها التنظيمي, الذي يقضي بإقامة حديقة عامة في الرمل مكان الشرطة العسكرية, التي صدر منذ ثلاثين عاماً قرار بنقل مقرها إلى خارج المدينة, ولم يتمكن أي محافظ من تنفيذه!

قال العاشر (وهو ميال إلى السخرية والهزل): لو ترك لي أمر اختيار المحافظين الجدد لاخترتهم من الأدباء والكتاب والمثقفين, مثلاً:

ـ نبيل صالح محافظاً على إحدى محافظات البادية, حيث الجمال,بكسر الجيم, وهو الذي يرفع شعار:الجمل بما حمل!

ـ حسن م. يوسف محافظاً على حمص, التي تجعل العقل في الكف, وهو منذ سنوات عقله في كفه!

ـ وليد معماري محافظاً بدون سيارة, لكي لا يتسنى له تبديل سيارته العجوز التي تلهمه في حوالي نصف زواياه الصحفية!

ـ حكم البابا محافظاً حيث أراد, ولو في القدس العربي, ضماناً لسكوته, واتقاءً للسانه السليط, وهذيانه الساخر!

عند هذا الحد أوقفناه عن الكلام, وإلا كان وصل إلى ميشيل كيلو وعبد الرزاق عيد, وأعلنا انتهاء الجلسة, وذهب كل واحد منا إلى بيته, ما عدا واحد فقط ذهب إلى بيــــت خالتـــه!