إذا كان مقال الأستاذ وسام سعاده يقدّم تحليلاً متماسكاً في أوّله، عن أن <الخبز> بات حليف النظام السوري الإستراتيجي، وأنّ طرحه أذكى بكثير من طرح <الوفاء لسوريا>، إلا أن المقال يقفز إلى استنتاجات بعيدة عن الواقع وتتطلّب وقفة جديّة عندها:

لا أدري ما الذي بنى عليه الكاتب العزيز لكي يقول بأن اليسار الديموقراطي أهمل المطالب الاجتماعية وبأنه متصالح مع الورقة الإصلاحية. فهو يعرف تماماً أن الحركة أصدرت أكثر من موقف حذّرت فيه من خطورة بعض البنود الأساسية في الورقة الإصلاحية مثل موضوع التقاعد وزيادة سلّة الضرائب.

إن كاتب المقال ذكر بنفسه أن مظاهرة 10 أيار لا تمت لل<خبز> بصلة في مضمونها الحقيقي وإنما هي في الحقيقة ذريعة لجمع الموالين للنظام السوري تحت شعار واحد. فهل إن عدم المشاركة في تظاهرة كهذه يعني إهمال المواضيع الاجتماعية أم أنه يدلّ على رفض عودة سيطرة السلطة السورية على لبنان تحت أي ذريعة حتى وإن كانت الذريعة هي <الخبز>؟ خاصةً أن الحكومة أعلنت أنها تخلّت عن مشروع التعاقد الوظيفي الذي كان الأساس المعلن للتظاهرة! 3.

كيف وصل الأستاذ سعاده إلى الاستنتاج بأن سمير جعجع هو المرشح الحقيقي لقوى 14 آذار وهو يعلم تماماً بأن هذه القوى قد أدركت بأن الرئيس الفاقد شرعيته باقٍ ويجب التعايش مع وجوده، لا بل التصرف وكأنه غير موجود إن كان عبر إعطاء الإجازات بدل الإقالة أو عبر رد الرد كما حصل في المجلس النيابي مؤخراً.

لقد فات الكاتب أن يلحظ أن هذه المظاهرة مثلت خسارة معنوية وعملية للقوى الموالية للنظام السوري: ذلك أن عدد المشاركين كان أقل بكثير من المشاركين في 8 آذار مع أن العونيين شاركوا هذه المرّة. لقد أثبتت قوى 8 آذار، مرّة جديدة، أن الأكثرية ليست <وهمية>، وبأنها، رغم كل الجهود الإعلامية واللوجستية لم يعد باستطاعتها القيام بالحشد الكثيف. هذا على عكس قوى 14 آذار التي تمكنت، في 14 شباط، من حشد عدد لم يبتعد كثيراً عن العدد الذي شارك في 14 آذار من العام الماضي رغم غياب العونيين هذه المرّة! ويبقى السؤال عما إذا كان من المنطقي أن يبدأ الأستاذ وسام سعاده بتحليل متماسك كهذا لينتهي باستنتاجات افتراضية، أم أنه بات في موقع يضطرّ فيه أن يرضي الصحيفة أو جمهور الصحيفة التي يكتب فيها؟