إعلان مجلس وزراء الكيان الصهيوني قطاع غزة “كياناً معادياً” تزامن مع العدوان الشرس على مخيم العين (عين بيت الماء) غربي مدينة نابلس، والإعلان وما يحمله من نوايا الشر والعدوان التي تُرجمت بالتوغل في مخيم البريج وما يُتوقع من توغلات أخرى لاحقاً، هذا الإعلان يفهمه كل طفل فلسطيني عملياً بلا اجتماع لمجلسهم العدواني وبلا استخدام لهذا “الكود اللفظي”، فكلنا يعرف أننا بالنسـبـة لهم جميعاً وبلا اسـتثناء أعداء يجب أن نُجتث من جذورنا، وقد عملوا على اجتثاثنا ما يقرب من قرن وعقد من الزمان.

لكن الخبث الإعلامي الذي يُميز المؤسسات الصهيونية السياسية والعسكرية والإعلامية تجسد بتخصيص قطاع غزة بهذا الوصف، وكأن الضفة الغربية "كيان صديق" لـ (أولمرت) و(باراك) وكأنهم يوزعون "قطايف" رمضان على الصائمين في مخيم العين، وكأن لا معاناة ولا مرضى يموتون على حواجز حوارة وبيت إيبا وقلنديا والكونتينر، وكأن المصلين شباناً وشيباً من جنين وطولكرم والخليل يُحيون صلاة التراويح في باحات الأقصى، ويوم الجمعة حدث عن الصلاة في الأقصى ولا حرج!

التفسير الذي تردد لهذا المصطلح العدواني هو أن قطاع غزة سيكون عُرضة للحرمان من الكهرباء والوقود، وهل أخذت الضفة منهم ميثاقاً غليظاً بأن لا تُحرم يوماً من الكهرباء والوقود وأشياء أخرى؟ لم تأخذ، ولو أخذت فنحن نعلم حرصهم الشديد على الالتزام بـ “عدم” الالتزام بأي عهد أو ميثاق!

المشـكلـة أن المشـروع الصهيوني في فلسـطين قد نجح في معاداتنا وتفريقنا وتقسـيمنا؛ فالفلسـطينيون القاطنون في الأراضي المحتلة عام 48 وسـكان الضفـة الغربيـة وسـكان قطاع غزة والفلسـطينيون في مخيمات الشـتات وغيرهم هم أعداء للكيان العبري، ولكنه اعتمد خططاً نعرفها بالتعامل مع كل تجمع بطريقة معينة وتوقيت مدروس، والآن يتكرر (السيناريو) في موضوع الضفة الغربية وقطاع غزة، فحذار حذار ثم حذار من الوقوع في الفخ وأن نصل إلى مقولة “ألا إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض”، فمصير رفح وخان يونس مرتبط بمصير نابلس وجنين ولا يُشـرف أهل الضفـة أن ينعموا بالنور وغزة تغرق في الظلام، فمثلما سقط الشهداء وهُدمت البيوت ونُفذت حملات الاعتقال في جحر الديك ومخيم العين في آن معا لتكشفا أن الكل في نظر (أولمرت) و(باراك) أعداء؟

على الضفة الغربية التي لا تقل درجة كره سكانها في قلوبهم أن تكون يقظة وألا تظن أنها ولو للحظة “كيان صديق” سينعم بالكهرباء أبداً والوقود ـ من عدوه ـ سرمداً.

فنحن جميعاً في رهط وفي أم الفحم وفي الناصرة وفي القدس وفي جنين ونابـلس وغزة ومخيم اليرموك ومخيم عين الحلوة بالنسـبـة لهم أعداء يجب القضاء عليهم، فلا يظنن أحدنا أن أنيابهم البارزة تبتسـم لنا أو أن قلوبهم القاسـيـة ترق لنا يوماً...

وللمستعمرين وإن ألانوا *** قلوب كالحجارةِ لا ترق

وفي ذات السياق أين مدينة نابلس ومخيمي عسكر وبلاطة مما يجري لأشقائهم في مخيم العين؟ ولا نريد أن نسأل غداً أين مخيم العين مما يجري في البلدة القديمة، ولا أين هذه مما يجري في مخيم بلاطة... أين محاولات فك الحصار وإشغال قوات الاحتلال؟ الموجات المفتوحة في محطات التلفزة والإذاعات المحلية أمرٌ محمودٌ لكنه لا يكفي بحال والمطلوب أكثر من ذلك.

وما دمنا نتفق على أننا جميعاً بنظرهم أعداء، من وصفوا صراحة بأنهم كيان معادٍ، وهم هنا أهالي قطاع غزة، ومن تُمارس ضدهم الأعمال العدائية والجرائم على مدار الساعة ولم يتشرفوا بعد بهذا الوصف أو ما يوازيه حتى اللحظة، ألا يمكن لشهر رمضان أن يكون فاتحة خير وصفحة جديدة؟ ألم نعرف رمضان كشهر للفتوحات والانتصارات على مر الزمن؟ أفلا يكون شهر رمضان المبارك، شهر القرآن، شهر تنزل الوحي، شهر اتفاق الإخوة من أبناء الشعب الفلسطيني وعودة الصفاء للمياه التي تعكرت خلال الفترة السابقة...؟ هل من صفحة جديدة تُفتح، على الأقل من باب الصمود في وجه من يرانا جميعاً أعداء؟

اللهم إنا نسألك أن يكون شهر رمضان شهر الأخوة والوحدة في وجه (أولمرت) و(باراك) وبقية رهطهما... اللهم آمين!