يمكن تلخيص الموقف الأردني كما قدّم لنا كالتالي: نحن حريصون على تكريس الانعقاد الدوري للقمّة بغض النظر عن الخلافات السياسية، ونحن حريصون على العلاقات الثنائية مع سورية وعلى المصالح الحيوية متعددة المجالات التي بين الجارين والشعبين، ومن الضروري متابعة العمل لاستعادة سورية للحضن العربي، ويجب أن لا تؤثر الخلافات السياسية على ما تمّ إنجازه. ونحن جزء من معسكر الاعتدال العربي وحريصون على التنسيق التام مع السعودية وبقية دول الاعتدال وسوف يكون موضوع القمّة خاضعا للتشاور والتنسيق مع هذه الدول، ويتقاسم الأردن مع السعودية ومصر ومعسكر الاعتدال نفس الموقف من الملف اللبناني ويرى الأردن ضرورة أن يكون لبنان حاضرا القمّة برئيس جمهوريته المنتخب.

هل يمكن جمع كل هذا في سلّة واحدة؟ إنها سلة النوايا الطيبة فقط، نظريا الموقف الأردني يريد إنقاذ النظام العربي ومؤسسة القمّة بغضّ النظر عن الخلافات السياسية، لكن ما نحن بصدده الآن ليست خلافات عربية بينية تقليدية. المسألة هي شلل أو فعالية النظام العربي إزاء ما يواجه الأمّة من أزمات. وقد كانت أزمة الموقف العربي في العراق هي العجز التام عن تأدية دور يقطع الطريق على التدخل الخارجي، وفي لبنان فإن إنقاذ النظام العربي يتمثل في قدرة العرب على التدخل وإنقاذ لبنان، وقد وصلت الدول العربية في مجلس الجامعة إلى توافق على الحلّ العربي في لبنان والمطلوب المضي بحزم لفرض هذا الحلّ. ونجاح العرب في ذلك يعيد كل الهيبة والقوّة للنظام العربي ولعلّ التوافق القوي الذي خرج به معسكر الاعتدال العربي مع تفاقم أزمة أميركا في العراق بإعادة وضع القضية الفلسطينية على الطاولة، هو ما فرض مؤتمر أنابوليس والمفاوضات الجديدة حول الحلّ النهائي.

الآن يجب المضي قدما لإنقاذ لبنان، ولا حاجة لفرض صيغ على تفاصيل المعادلة الداخلية لكن انتخاب رئيس للجمهورية وإنهاء الفراغ الدستوري هو بذاته شرط لقطع الطريق على الخراب والتفتت وعودة الحرب الأهلية وتحول لبنان إلى ساحة حروب بالوكالة، لذا يجب انتخاب رئيس جمهورية اتفق اللبنانيون أم لم يتفقوا على بقية جدول الأعمال، والرئيس موجود ومتفق عليه، لكن البعض يشترط بيع الهرّ مع الجمل وبسعر مستحيل.

تعرف الدول العربية أن الحلّ بيد سورية، والموقف الواضح والحاسم الذي يشترط حضور لبنان برئيسه المنتخب هو الذي ينقذ النظام العربي ويظهر تماسكه وجدّيته، أما العكس فيمثل انتكاسة كبيرة تعيدنا إلى المربع الأول مربع العجز والفشل وقدرة كل أجندة خاصّة كبيرة أو صغيرة على تفشيل العرب وجعل تأثيرهم صفرا.