كيف يبدو المشهد الشرق أوسطي من دمشق هذه الأيام؟

شعبياً، هناك سبق إعلامي لأجهزة إعلام “حزب الله”، تلفزيون “المنار” وإذاعة “النور” اللذين يبثان من كل دكان او سيارة أجرة تقريباً، وعلى مدار الساعة، أخبار المقاومة في غزة، على إيقاع الأناشيد الوطنية الفلسطينية التي تعود إلى حقبة الستينات. “الجزيرة” و”العربية” موجودتان، لكن المصدر الإعلامي المفَضل هو “المنار”.

قال سائق تاكسي في العقد الثالث من عمره: “أتابع “المنار” لأنها تعتبر معركة غزة معركتها. إنها القصة نفسها مع هؤلاء القتلة. أتمنى لو كنت هناك مع المقاومين، وأصلي إلى الله تعالى ان تتكرر مناظر حرب لبنان العام 2006 في فلسطين”. وقالت فتاة تعمل في فندق: “انظروا ماذا يفعل “الإسرائيليون” مع الأطفال، خاصة أطفال ذلك الرجل الأبكم. “الإسرائيليون” لم يكونوا ليجرؤوا على استفراد غزة على هذا النحو لولا الصمت، أو حتى التواطؤ الرسمي العربي”.

الصور نفسها تتكرر في مكاتب المسؤولين السوريين: متابعة للأحداث على مدار الساعة من الإعلام ومن التقارير الخاصة، لكن مع حال تحفز خاصة لوضع ما يجري في غزة في إطار إقليمي - دولي أوسع.

قال لنا مسؤول رفيع: “توقفت ملياً أمام تطورين بارزين اثنين رافقا بدء العمليات العسكرية “الإسرائيلية” في القطاع. الأول، القرار التركي المفاجئ بوقف العمليات البرية في شمال العراق وسحب القوات من هناك قبل ان تنجز مهامها بتدمير القواعد الرئيسية لحزب العمال التركي. لماذا اتخذت أنقرة هذا القرار؟ لا يبدو لي أن ثمة تفسيراً آخر سوى ذلك الذي يقول إن هذه الأخيرة تبلغت معلومات عن أحداث عسكرية خطيرة ستجري في الشرق الأوسط، وهي لا تريد أن يجري وضع حربها مع الأكراد في سلة واحدة مع حرب “إسرائيل” مع العرب.

التطور البارز الثاني، يضيف المسؤول، هو وصول المدمّرة “كول” إلى قبالة الشواطئ اللبنانية، في إطار عرض قوة أمريكي علني موجَه نحو كل من حزب الله وسوريا. ومرة أخرى ليس هناك سوى تفسير وحيد: توفير غطاء عسكري - دبلوماسي ل”إسرائيل” خلال عملياتها داخل غزة وخارجها.

وهل تتوقع دمشق ان تتدهور الأوضاع في المنطقة، وصولاً حتى إلى مجابهة سورية - “إسرائيلية”؟

المسؤول السوري لا يستبعد ذلك البتة. وهو يربط ربطاً محكماً بين الغارة الجوية “الإسرائيلية” على مواقع في الأراضي السورية واغتيال عماد مغنية في دمشق والغزو الجديد لقطاع غزة. ويضيف: “لن أفاجأ إذا ما كان كل ما يجري الآن هو سيناريو كبير معد سلفاً في واشنطن وتل أبيب، لمحاولة تغيير موازين القوى في الشرق الأوسط قبل رحيل الرئيس بوش من البيت الأبيض، بدءاً من الحلقة الأضعف في الصراع وهي غزة”.

حين خرجنا من مكتب المسؤول السوري الرفيع، كان جهاز التلفزة لدى سكرتيره الخاص يبث مشاهد عن القتلى والجرحى الفلسطينيين في غزة، والذين وصل عددهم يوم السبت الماضي إلى 33 قتيلاً وعشرات المصابين. لم ينتبه السكرتير إلينا ونحن نودعه، وبدا أنه يحدث نفسه حين قال: “الحريق سيكون كبيراً. القتلة. ليتنا كنا في غزة”. وهي، بالمناسبة، كانت الكلمات نفسها التي نطق بها سائق التاكسي، والتي ربما تنق بها أيضاً كل دمشق بكل ملايينها الأربعة.

مصادر
الخليج (الإمارات العربية المتحدة)