مساء إنتخاب نيكولا ساركوزي، في 06 ماي 2007، توجه إلى مواطنيه وإلى العالم مغاليا في القول : <<أريد أن أطلق نداءا إلى جميع الشعوب المتوسطية لأقول لهم بأن كل شيء سوف يلعب في المتوسطي ،وبأنه يتوجب علينا التغلب على الأحقاد لفسح المجال أمام حلم كبير بالسلام وحلم كبير بالتحضر. أريد أن أقول لهم بأن الوقت قد حان لبناء إتحاد متوسطي، والذي سيكون صلة وصل بين أوروبا وأفريقيا. الأمر ذاته الذي حصل مع الإتحاد الأوروبي منذ 60 سنة ،سوف نعيد تكراره اليوم بالنسبة للإتحاد المتوسطي >>.

إبتدأ الإتحاد المتوسطي، في الحقيقة، كمجازفة. لم يكن سوى مناورة للخروج من خطوة متعثرة. لقد أصبح نظرية جيوسياسية عظيمة، قبل الغرق في المنعرجات البيروقراطية البروكسيلية التي تمنح، دائما، موتا ناعما للأخطاء التي يراد دفنها. بهذه الإثارة، لم يبقى الشيء الكثير، وإلا فإن ما يمكن إستخلاصه هو عدم فاعلية الإجتماعات الدولية اللتي تسمح لبعض كبار الموظفين بقضاء أوقات ممتعة رفقة زوجاتهم أو عشيقاتهم. مع ذلك، ما من شيء قد ضاع بالنسبة للجميع : لأجل إضفاء المحتوى على فراغ التفكير الساركوزي، تشكل << لوبي أعمال >> قوي، والذي يتطلع إلى الإستفادة من علاقاته السياسية، فيما تأمل الحركة الصهيونية في الإستفادة من عنصر الحظ لتوثيق العلاقات بين إسرائيل و لدول الأوروبية بغض النظر عن خروقاتها المستمرة للقانون الدولي.

كيف تتحول صيغة بلاغية إلى مشروع سياسي

كان المأزق التركي بداية القصة. فمنذ التمتمات الصادرة عن الإتحاد الأوروبي، أملت الولايات المتحدة في في ان يتصادف انضمامها مع دخولها حلف الشمال الاطلسي. ولكن أعضاء الإتحاد، بالنسبة لهم، يؤكدون دائما على ضرورة وضع نهاية للأنظمة العسكرية كشرط قبلي للولوج إلى ناديهم. ومع مرور الوقت، أعادت وكالة الإستخبارات الأمريكية إرسال الجنرالات اليونانيين، الإسبان والبرتغاليين إلى ثكناتهم، لكنها صانت نظاما هجينا في تركيا : في الواجهة حكومة مدنية، وفي الخلفية حكم عسكري. في بداية القرن الواحد والعشرين ، بدت الضوابط التركية مكتسبة لدرجة أن الدخول إلى الإتحاد لم يعد إلا مسألة تأقلم إقتصادي. والحال أنه، في سنة 2003، أبانت السلطات المدنية التركية -لأول مرة -عن إستقلالها في مواجهة الولايات المتحدة، وكذلك عن حسها الديموقراطي برفضها إستخدام القواعد التابعة لمنظمة حلف شمال الأطلسي لغرض الهجوم الغير الشرعي على العراق. وتلى ذلك تقلب في السياسة الأطلسية، والتي أصبحت قابلة لعودة جنود الولايات المتحدة، بالقوة، إلى الساحة التركية. ولعبا منه على جبهات متقلبة، جعل جاك شيراك من نفسه مدافعا عن المدنيين الأكراد وعن دخولهم إلى الإتحاد، فيما يضع لهم، نيكولا ساركوزي الحواجز للحيلولة دون ذلك. و للخروج من النفق المسدود ،إستحضر ساركوزي مشروعا تغييري ا: عوض الإستقرار في بروكسيل، سوف تلتحق تركيا ب << الإتحاد من أجل المتوسطي >>.

الصيغة تبدو أنيقة . يبقى أن نعرف كيف سيكون عليه هذا << الإتحاد من أجل المتوسطي >>.

و لأن الأفكار متوفرة، بلور هنري كواينو، الذي يعتبر ريشة الرئيس الرشيقة، هذا التصور بربطه باعتبارات تاريخية و جغرافية. فتطوير الإتحاد الأوروبي مع توسيعه شرقا يجب أن يواكبه إنفتاح في الجنوب، والذي سيعيد لفرنسا دورها المحوري. هي الفكرة النيرة التي تغلف الخطابات المؤثرة، لكنها تطرح المزيد من المشاكل أكثر مما تعالجها.

في المقام الأول ،<<معادلة التوسع جنوبا مع التوسع شرقا>> مما يعني أن تطور الإتحاد الأوروبي يعطي الإمتياز لألمانيا وأن فرنسا سوف تتلقى تعويضا على ذلك .والحال أن هذا التطور كانت قيادته مشتركة بين باريس وبرلين أن يتم إستحضار هذا الإعتراض. ألمانيا، إذن ،ليس لها من مبرر لتقبل الفاتورة المتأخرة التي تقدم لها.

ثانيا، القول على أن << فرنسا ستستعيد دورها المحوري >>، هو إقرار على كونها أصبحت تفكر كقوة بحرية، إذن، هي في موقع خصم للمملكة المتحدة اللتي تمارس سيادتها على مضيق جبل طارق، وتبسط حكمها على المتوسطي حيث أنشأت العديد من القواعد العسكرية. فالتاج البريطاني ينتظر رؤية أي مقابل بإمكانه معادلة هذا الطموح.

ثالثا، وضع الشرق و الجنوب في مكيال واحد هو إعلان للبولانديين والتشيكيين الآخرين بأن مبالغ التهيئة التي تبعث إليهم سوف تنقطع لصالح بلدان المنطقة المتوسطية. لا يوجد مبرر لأي دولة في الشرق للسماح بسحب الإمتيازات المالية منها .

باختصار، الفكرة الجيدة للسيد كواينو لم تكتفي فقط بتزيين الخطابات المنمقة، لقد أثارت مخاوف كثيرة وأخرجت الأعداء عن صمتهم. في الحاصل، هذه الفكرة لم تقم بتهدئة الأكراد لأن << عصفورا واحدا في اليد أفضل من أربعة فوق الشجرة >>.

و أخيرا، تأتي ردة الفعل الجادة من طرف الأوروقراط. بالنسبة إليهم، أي ملف منافس للإتحاد الأوروبي يجب أن تتم إدانته وسحقه، في حين أن كل مشروع يزيد النظام تعقيدا وينتج مواقعا للتنصيب والتقسيم، فهو مرحب به. منشئين مكاتب مجهولة، متموقعة في أروقة بلا نهاية، جاء موظفوا اللجنة للترافع لحساب البرامج التي هي في طور الإنجاز– ليست دائما ناجعة، لكن من المؤكد أنها مكلفة وممزوجة بالنوايا الحسنة –، في حين أن موظفوا اللجنة التشاورية يعيدون تنشيط << مسار برشلونة >> المشرف على الموت وكذا << سياسة حسن الجوار>> الغارقة في سبات عميق .يقوم حشد من الخبراء، الموجودون دائما داخل دغل من الهيئات، بتحرير عشرات الآلاف من المذكرات الشاملة للخلاصات المتوصل إليها، والتي تتم ترجمتها إلى سلسلة من اللغات الأجنبية قبل أن يتم ترتيبها وحفظها من أجل الأجيال المقبلة .

عندما يتوقف ضجيج الآلات الكاتبة البروكسيلية، سوف يعلن هنري كواينو في باريس بأن المنطقة المتوسطية، بعيدا عن كونها مجالا مهجورا منذ قرون ،هي مهمشة على جميع المستويات .

الأسوء في ماهو آت .

أفسد نيكولا ساركوزي، مسكونا لانعرف بأي واحد من عفاريته، طبقه بإضافته لهذا التابل الذي جعل منه طبقا غير قابل للأكل. الإتحاد المتوسطي سوف يسمح بتجاوز الشقوق القديمة وبمصالحة الشعوب. باختصار، بواسطة جزرة إقتصادية شهية، سوف نجعل الشعوب العربية تبتلع الحبة الإسرائيلية المرة التي لم تتمكن من تجرعها منذ 60 سنة خلت .

في هذا الصدد، الجحود يترك المكان للذهول والسخط .الرئيس التونسي، بن علي، الذي يؤكد على كل إعلان ساركوزي عبر بلاغ موافقة، أصبح أبكم. فيما عاودت قرحة المعدة نظيره الجزائري، بوتفليقة . بخصوص الأتراك، المتقرحون بدورهم ،.يحسون بأنهم أحصنة طروادة. إبتداء من هذه اللحظة، القوى الأكثر تعددية، والمتجاوزة للخلافات فيما بينها، سوف تتحالف ضمنيا لإفشال هذا المشروع .

كيف يخمد الحريق بإفراغ البالونة الهوائية

نداء روما لانشاء الاتحاد من اجل المتوسطي في 20 دجنبر 2007.

سارع رئيسي الحكومتين الإيطالية والإسبانية، رومانو برودي وخوسيه لويس ثاباثيرو، إلى حمل << دعمهم >> للرئيس ساركوزي، بسرعة أولئك الحراس الليليون الذين رأوا فيلا يدخل إلى مخزن خزف صيني. ولأجل إحاطة الفرنسي، لم يتوقف الأيطالي عن ترديد القول للصحافة << أرجوكم أن لاتعتقدوا، بأي شكل من الأشكال، بأن هذا المقترح الذي نحن بصدد صياغته من أجل سياسة كبرى تخص المتوسطي، هو مفر لمعالجة المشاكل المتعلقة بعلاقاتنا مع تركيا >>. في الوقت الذي كان فيه نظيره الإسباني يصفق تصفيقا شديدا متباهيا بالإعتقاد بأن باريس تأمل إحياء << مسار برشلونة >> الذي تتكفل به مدريد .

في الختام، في 20 دجنبر 2007، وقع الرجال الثلاثة سوية، على نداء روما من أجل الإتحاد من أجل المتوسطي، و أخذوا مواقعهم لأخذ صورة تذكارية. كان نيكولا ساركوزي مبتهجا لأن الكلام الرتيب يبدو قد أظهر ترحاب شركائه بفكرته الجيدة. لكن الأهم ليس ذلك : لم يكن الرئيس الفرنسي أبدا في المحور، مبادرته قد دفنت تحت الإبتسامات. الفقرة الختامية للنداء واضحة :<< مسار برشلونة وسياسة الجوار الاوروبية سيبقيان قائمان ،إذن، محوريين في الشراكة بين الإتحاد الأوروبي في شموليته وشركائه المتوسطيين .الإتحاد من أجل المتوسطي لن يتدخل لا في سياسة الإستقرار و التقارب بالنسبة للدول المعنية، ولا في المفاوضات الجارية بين الإتحاد الأوروبي وكرواتيا من جهة ، و الإتحاد الأوروبي و تركيا من جهة أخرى >>.

بالرجوع قليلا إلى الوراء، يحلل الألمان الوضعية بشكل مختلف، حسب فهمهم وتأويلهم لشخصية نيكولا ساركوزي وللدور المتوقع أن يلعبه. لقد خلصوا إلى أن الرئيس الفرنسي كانت له نية إهمال مصالح بلاده لحساب المصالح الأنجلو-ساكسونية .وتوصلوا كنتيجة إلى أنه سيحاول تدمير الثنائي الفرنسي - الألماني –– المحرك الرئيسي للبناء الأوروبي ––لتغييره بثنائي فرنسي-إنجليزي، لأجل إذابة الإتحاد الأوروبي في صهارة عابرة للمحيط الأطلسي. في هذا التصور، يستخدم الإيليزيه الإتحاد المتوسطي كحصان طروادة مضاد لألمانيا .

صعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نبرتها، جاعلة من هذا الأمر مسألة حيوية بالنسبة لبلادها .فوازع القوة أصبح أكثر حدة لدرجة أنه ألغى مجموعة من اللقاءات السياسية مع نيكولا ساركوزي، بما فيها قمة تعقد كل شهرين. ولا تقبل لقاء نظيرها إلا في مناسبات بروتوكولية تقتضي ذلك ..إجمالا، أرغمت برلين باريس على إفراغ مشروعها التغييري. لقد أنهت مذكرة مشكلة من أكثر من صفحة مبعوثة من طرف هنري كواينو، في 12 مارس 2008، إلى رؤساء الدول و الحكومات الأوروبية، هذه الحرب الكلامية :<< الإتحاد المتوسطي >> أصبح << إتحادا من أجل المتوسطي >> لهدف الكشف عن غياب المنافسة. قدراته تقلصت بالنظر إلى قدرات << مسار برشلونة >>، مما يصح فيه القول بأننا إكتفينا بإيجاد تسمية جديدة لذات المسار المذكور. العنصر الوحيد الذي يبقى، هو إنشاء كتابة دائمة محرومة من << مسار برشلونة >>. صحيح أن الإيليزيه سبق له أن وعد هنا وهناك بوظائف براتب دون عمل وبسيارات الخدمة. مع ذلك ، إذا كانت أنجيلا ميركل قد ربحت هذه المعركة، فإنها تدرك أنها ليست سوى جولة تمت إعادتها مع الإنتحاء الأنجلو-ساكسوني لنكولا ساركوزي .

كيف يحول فشل سياسي إلى فرصة إقتصادية

يشير نداء روما إلى أن :<< القيمة المضافة للإتحاد من أجل المتوسطي يجب ان تتجلى قبل كل شيء في الحماسة السياسية التي يتوجب عليها منحها للتعاون على مدارالمتوسطي ولإستقرار المجتمعات المدنية، الشركات، المحافظات ، الجمعيات والمنظمات الغير الحكومية >>. وحتى نفهم هذه الجملة الغامضة، التي تثير إلتباسا بين عمومي وخاص، لنتجه صوب مشهد أقل توسطا في هذه القصة.

في 19 شتنبر 2007 ، أوكل نيكولا ساركوزي الملف للسفير ألان لوروي. حتى الآن، مازلنا نتحدث عن << سوق متوسطية مشتركة >>. إن لوروي مقرب جدا من برنارد كوشنير،الذي جعل منه واليه على بيك (جنوب غرب كوسوفو)، في الفترة التي كان يتقلد فيها منصب الممثل الأعلى لمنظمة الأمم المتحدة في كوسوفو.

وبحثا منه عن مشاريع ملموسة يمكن للإتحاد الإنشغال بها، بدأ لوروي في التقرب من مجموعة صناعية ينشطها صديقه الإشتراكي جون-لويس كويكو (هو ذاته مدير سابق للإعداد الترابي، فضلا عن كونه زوج وزيرة الشؤون الأوروبية السابقة، إليزابيث كويكو). في فبراير 2006، أحدث كويكو معهدا للتوقعات الإقتصادية للعالم المتوسطي. هدفه الأساسي تزويد بعض كبريات الشركات بالمعلومات الإقتصادية.(الخطوط الجوية الفرنسية، سيفتال، إتصالات فرنسا، مختبرات سرفييه ،القرض الفلاحي المغربي ،دانون والأتحاد التونسي للصناعات والتجارة والحرف ) وكذا جهة إقليم الألب (حيث انتخبت إليزابيث كويكو لفترة مابين 1992 و 2001). إنه يعرض عليهم خدماته أيضا لهدف مساعدتهم على ولوج أسواق جديدة . كان جون-لويس كويكو قد فرر إنشاء مؤسسة للمقاولات، والتي كان بإمكانها الإستفادة من بعض الإمتيازات الجبائية لغرض تمويل جانب من نشاطها.

ورغم تسميته الرنانة، فإن معهد التوقعات الإقتصادية للعالم المتوسطي لا يتطلع إلى ممارسة نشاطه عدا بين فرنسا و المغرب. ولكن الفرصة كانت مواتية. إختار، إذن، لوروي وكويكو، أربعة عشرة مشروعا بإمكانها، في آن واحد، تبرير وجود تنظيم وازن من حجم الإتحاد، وكذا إشباع شهية الشركات الصديقة. لقد تحولت الرؤية الجيوسياسية العظيمة لهنري كوينو إلى عملية سوقية فظة، مرتبطة بجماعة ضغط إقتصادية.

كل شيء يجري بسرعة. متطعمة من الهروب الساركوزي إلى الأمام، فقد تم في الإيليزيه، إطلاق المؤسسة من أجل العالم المتوسطي، من طرف رئيس الجمهورية في 11 أكتوبر، بعيد الخروج من إجتماع مع الملياردير اللبناني-السعودي سعد الحريري. مع ذلك، ومرة أخرى، يقوم الرئيس بوضع الجرار أمام البقر : الصيغة القانونية لم تتشكل بعد، إذ إكتفى ضيوف الإيليزيه بالتوقيع على بروتوكول الموافقة. إذن، سوف ينظم حفل ثان في 11دجنبر، في وزارة الشؤون الخارجية. هي فرصة لأولئك الذين إشتموا رائحة صفقة جيدة، للإلتحاق بمعهد التوقعات الإقتصادية للعالم المتوسطي : أريفا، الشركة الوطنية للسكك الحديدية، البريد، مكتب مياه فرنسا، جهات فونز-ألب، المجموعة السورية جود كو، الخطوط الملكية المغربية، المجموعة الإسبانية أثيونا، الشركة الإسبانية إناكاس، إتصالات البرتغال، الجمعية التركية للصناعات ورجال الأعمال، الشركة الجزائرية نيت سكيلز،
المجموعة الجزائرية فرويتال، المجموعة اللبنانية أندفكو، الشركة التونسية سيتكار، الإتحاد المتوسطي لكنفدرالية المقاولات ،إلخ .

الجبل يلد فأرة. نوقع على مشاريع هائلة فوق جنبات الطاولة، دون أي تفكير مسبق في المشاكل السياسية التي تتخبط فيها المنطقة وفي إحتياجاتها الإقتصادية. قبل كل شيء، دفع الثنائي لوروي - كويكو بثلاثة مشاريع :

◄من أجل إرضاء شارل ميلهود والمؤسسات البنكية :إنشاء مؤسسة مالية بإمكانها << خلق قناة >> ل 5 إلى 10 مليارات أورو التي يحولها المهاجرون المغاربيون، كل سنة، إلى بلدانهم لأجل إعانة عائلاتهم.

◄من أجل إرضاء جيرارد مسترالت وشركات مختلفة أخرى :<<إن هي كانت غير منتجة، فسوف تثير الإهتمام إليها ،وهذا ما بإمكانه أن يجلب الكثير.

◄من أجل إرضاء الجهات : تقنين السوق المتوسطية للفواكه والخضر .

كيف يتم تبييض الطموحات الإسرائيلية

لوبيات أخرى أقحمت نفسها في هذه الثغرة : فمؤتمر باريس، الجمعية التي تأسست من طرف الرئيس السابق لراديو شالوم ألبيرت ماييت، تم ربطها بالقناة الفرنسية الأولى وبماريان. إنها تنظم، مابين 28 و 30 مارس، حوارا رفيع المستوى حول مشروع الإتحاد من أجل المتوسطي. من بين الخطباء، نجد طبعا هنري كوينو، السفير ألان لوروي، جون- لويس و إليزابيث كويكو، شارلز ميلهود، جون- لويس شوساد،(مساعد جيرارد مسترالت، الذي كان مشغولا في مكان آخر) إلخ .ولكن بالخصوص، السفير أندري أزولاي (الممثل الرسمي لملك المغرب )، والسفير إيلي برنافي (ممثل دولة إسرائيل ). تم التطرق خلال هذا الحوار إلى الهوية المتوسطية، كما تمت من خلاله المضمضة ب << مسار السلام الإسرائيلي-الفلسطيني >> لهدف قطع الطريق على طبيعة النظام الصهيوني، طول تشرد المهجرين واللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى، التمييز العنصري في إسرائيل وفي الأراضي المحتلة، التعذيب، الحرب التوسعية، الإستيلاء على مزارع شبعا اللبنانية وكذلك على هضبة الجولان السورية .

في شاطىء أورساي –– حيث تتم عملية محو العربية –– ، تم دق جرس الإنذار : هو بالتحديد واقع الصراع الإسرائيلي-العربي هو من أوقف كل تقدم بالنسبة ل << مسار برشلونة >>، وليس عجرفة دول الشمال كما يزعم نيكولا ساركوزي . في الإيليزيه، –– الذي هو في طور الصهينة ––، ندعو الرئيس إلى المزيد من التواضع : إذا كان بعض الزعماء العرب مخلصين لإسرائيل، فإن الرأي العام في بلدانهم لن يسمح لهم بالقيام بأي عمل غير محسوب .فالعديد من المشاريع يخشى عليها من التداخل والتصادم.

نوع رئيس الجمهورية من رحلاته إلى إسرائيل، بطريقة تسمح بعدم إثارة ناخبيه، بحضوره إلى جانب شمعون بريز و جورج بوش في الذكرى ال60 لقيام الدولة العبرية. لقد عاد إليها، بعد ذلك بقليل، وألقى خطابا أمام الكنيست. ولكن إظهار موقف موال، قد يغضب الدول العربية ويحول دون مشاركتهم في الإتحاد .

كيف سيتم التعامل مع حالة بشار الأسد ؟ سوريا بلد متوسطي، وأكثر من ذلك هي رئيسة في تسيير شؤون الجامعة العربية. سوف تكون إذن مدعوة للقمة التأسيسية للاتحاد في 13 و 14 يوليوز .ولكن الرئيس بشار الأسد هو شعلة السياسة والمقاومة العربية في مواجهة إمبريالية الولايات المتحدة والحركة الإستعمارية الصهيونية . فبعد الإعلان عن كونه لايصادق ولايعاشر، تتوجب الآن مصافحته، إن هو حضر.

وبشكل خاص، كان الرئيس يفكر منذ عام في إستدعاء، لذات 14 يوليوز، وحدة من الجيش الإسرائيلي وأخرى من الحرس الرئاسي للسلطة الفلسطينية للإستعراض في شونز-إيليزيه للترميز على السلام. يبدو من الصعب إجبار الزعماء العرب ،المدعوين للقمة التأسيسية للإتحاد ولهذا الملف المطروح لدى المحكمة الرسمية، على الحضور دون مناقشة هذا الإستعراض العلني لجيش الإحتلال الصهيوني وللمتساعدين معه من الفلسطينيين .

بفعل عدم تبصره السياسي و استعراضه لعظلاته ،قد يجد الرئيس الفرنسي نفسه أمام طريق مسدود .

ترجمه من الفرنسية : عصام أوهال