ومن جهة أخرى، اعتمد مكتب التحقيقات الفدرالي على (المنظومة الأمريكية للاستخبارات) برمتها، وعلى الخصوص وكالة الاستخبارات المركزية، ووكالة الأمن القومي ووكالة استخبارات الدفاع. وخارج الولايات المتحدة، استفاد مكتب التحقيقات الفدرالي، من تعاون الشرطة الدولية من خلال منظمة الأنتربول، أو مباشرة من خلال التعاون الثنائي مع أجهزة الأمن في الدول الحليفة.

ومن أجل جمع الأدلة أصدر مكتب التحقيقات الفدرالي نداءات للاستعانة بالشهود، منذ مساء اليوم الذي تمت فيه الهجمات. وخلال الأيام الثلاثة الأولى، استقبل ثلاثة آلاف وثمانمائة مكالمة هاتفية، وثلاثين رسالة بالبريد الالكتروني، وألفين وأربع مائة مذكرة من عملائه في الاستخبارات.

وفي اليوم الموالي للهجمات، كان مكتب التحقيقات الفدرالي قد توصل إلى وضع مخطط العملية الذي اعتمده الإرهابيون. [1] ويذهب هذا المخطط إلى أن عناصر من شبكات بن لادن، ربما تكون تمكنت من دخول التراب الأمريكي بطريقة قانونية، وتابعت تدريبات مكثفة على قيادة الطائرات. وقد تكون هذه العناصر، التي انتظمت في أربعة فرق تضم كل واحدة خمسة انتحاريين، تمكنت من اختطاف طائرات ركاب لتنفيذ مهمة الاصطدام بأهداف رئيسية. وفي يوم 14 سبتمبر نشر مكتب التحقيقات الفدرالي لائحة بأسماء قراصنة الجو التسعة عشر المفترضين.

وخلال الأسابيع الموالية، نشرت الصحافة الدولية مقالات عن حياة الانتحاريين، وأبرزن انه لم يكن بامكان أصدقائهم وجيرانهم أن يشكوا في نواياهم. فقد انتشروا بين الناس، وكانوا حريصين جدا على عدم الكشف عن نواياهم. ويحتمل أن يكون هناك " عملاء آخرون في حالة كمون" ينتظرون دورهم، وهو ما يعتبر تهديدا غير مكشوف يخيم على الحضارة الغربية.

يظهر بشكل واضح، أن هذا التحقيق غير متقن على المستوى المنهجي. ذلك انه كان يتعين على المحققين في إطار مسطرة جنائية، وخاصة في أحداث شديدة التعقيد، أن يجمعوا الكثير من الفرضيات، وتتبع كل فرضية على حدة إلى منتهاها، دون إهمال أي واحدة منها. وكانت فرضية الإرهاب الداخلي قد استبعدت مبدئيا، دون أن تخضع لأي دراسة. في حين كانت مصادر قريبة من التحقيق تشير بأصابع الاتهام إلى أسامة بن لادن، وذلك بضع ساعات على تنفيذ الهجمات. كان الرأي العام يطالب بمعرفة الجناة، وقد نفذت رغبته قبل أن ينتهي التحقيق.

قد يكون الإرهابيون انتظموا في الطائرات الأربع المختطفة على شكل فرق من خمسة عشر عناصر تجمعوا في آخر لحظة. الأربع المختطفة على شكل فرق من خمسة عشر عناصر تجمعوا في آخر لحظة. غير أنه لم يكن إلا أربعة عناصر على متن الرحلة 93 التي انفجرت فوق بنسلفانيا، أما العنصر الخامس من الكومندو، زكريا الموسوي، فقد اعتقل، قبل ذلك بوقت وجيز، لعدم توفره على رخصة الإقامة, وكان مكتب التحقيقات الفدرالي قد أكد، في أول الأمر، أن قراصنة الجو تلقوا تدريبات من أجل التضحية بالنفس. لكنه عاد مرة ثانية وزعم، بعد العثور على شريط أسامة بن لادن، أن القراصنة الذين قادوا الطائرات، كانوا وحدهم انتحاريين بينما لم يطلع رفقائهم على الطابع الانتحاري لمهمتهم إلا في اللحظة الأخيرة. وكيفما كان الحال، فان فكرة فرق الانتحاريين تدعو للاستغراب. ذلك أن الانتحار، من وجهة نظر علم النفس، سلوك فردي. فخلال الحرب العالمية الثانية، كان الانتحاريون اليابانيون يتصرفون بشكل فردي، حتى لو كان عملهم يتم باتفاق جماعي. وبالأمس القريب، عندما فقد نفذ أعضاء الجيش الأحمر الياباني (رينغو سيجيكون)، الذين نقلوا هذه التقنية إلى الشرق الأوسط، عملية مطار اللد (اسرائيل1972)، كان باعتبارهم مجموعة من ثلاثة أعضاء، بعدما تلقوا تدريبا خاصا لمزيد من الالتحام في ما بينهم. ومع ذلك فقد تم اعتقال أحد منفذي الهجوم، وهو كوزو أوكاموتو، حيا. ولا يوجد بين أيدينا نموذج لفرق انتحارية تلقت تدريبات في اللحظة الأخيرة.

من جهة أخرى، وكما لاحظ ذلك سلمان رشدي. [2] بوسعنا أن نؤكد أنه إذا كان القراصنة انتحاريين، فإنهم ليسوا مسلمين، فالقرآن يحرم الانتحار. قد يحدث أن يعرض الإسلاميون أنفسهم للموت، كشهداء، دون أن تكون أمامهم فرصة للنجاة، ولكن لن يقتلوا أنفسهم بأيديهم.

ومع ذلك فان نظرية الانتحار هذه، تثبتها رسالة مكتوبة، بخط اليد، باللغة العربية نشرها مكتب التحقيقات الفدرالي [3] مترجمة إلى اللغة الإنجليزية ونقلتها الصحافة الدولية. وقيل انه عثر على هذه الرسالة في ثلاث نسخ. النسخة الأولى في حقيبة افتقدت، خلال رحلة جوية، في ملكية محمد عطا، والثانية في سيارة تخلى عنها نواف الحازمي في مطار دالز، أما النسخة الثالثة فعثر عليها بين حطام الطائرة التي انفجرت فوق بلدة ستوني كرك في ولاية بنسيلفانسيا. [4]

ويتعلق الأمر بأربع صفحات تتضمن تعليمات دينية:

1- اقسم على الموت وجدد نيتك واحلق وتطيب واغتسل.

2- تأكد من معرفة كل تفاصيل الخطة وتوقع ردة فعل العدو.

3- اقرأ سورتي التوبة والأنفال وتدبر معانيهما وما أعده الله للمؤمنين من النعيم المقيم للشهداء....الخ [5]

وهذه الرسالة التي كتبت بأسلوب ديني تقليدي، تخللته كثير من الإحالات الدينية بأسلوب مماثل لأساليب القرون الوسطى، ساهمت بشكل كبير في تعزيز صورة المتشددين التي قدمتها السلطات الأمريكية للعقاب الشعبي. وهذا أمر مزيف بشكل غير متقن، يفطن لفظاظته، كل من له إلمام بالإسلام، فهذه الرسالة تبتدىء كما يلي " باسم الله، وباسمي الخاص، وباسم عائلتي كذا، بينما المسلمون، وخلافا للعديد من الطوائف الطهرانية الأمريكية، لا يصلون لا باسمهم ولا باسم عائلتهم.7 كذلك، فان النص يتضمن في ثنايا إحدى الجمل لغة لا يتقنها إلا الأمريكيون ولا مكان لها في أسلوب ذي طابع قرآني: " (...)لابد من السمع والطاعة 100%" (كذا).

ويقدم مكتب التحقيقات الفدرالي محمد عطا كزعيم للعملية. فخلال عشر سنوات أقام محمد عطا، وهو مصري يبلغ من العمر 33 عاما، في مدينة سالو في اسبانيا، ثم في زيوريخ بسويسرا – حيث اشترى، حسب المحققين بطبيعة الحال، بواسطة بطاقة ائتمان، سكاكين من صنع سويسري من أجل اختطاف طائرات، وأخيرا أقام في هامبورغ بألمانيا، وتابع بها دروسا في التقنيات الكهربائية صحبة اثنين من الإرهابيين، من دون أن يثير اهتماما من حوله. وعند مجيئه إلى الولايات المتحدة، انضم إلى شركائه في فلوريدا، وتابع دروسا في الطيران بفينيس، ثم ما لبث أن تابع في ميامي حصصا تدريبية، مؤدى عنها على القيادة الأتوماتيكية، بل حرص محمد عطا، لإخفاء تطرفه الديني، على التردد على "أولامبيك جاردن في لاس فيجاس، وهو أكبر كاباريه عصري في العالم. وانتقل هذا العميل الذي يندر وجود مثيل له، إلى بوسطن، يوم 11 سبتمبر عبر رحلة داخلية. ونظرا لأن زمن الترانزيت ما بين الرحلتين ضئيل جدا، فقد أمتعته خلال الرحلة. وعندما احتجز مكتب التحقيقات الفدرالي هذه الأمتعة، وجد بداخلها شرائط الفيديو تتضمن حصصا تدريبية على قيادة طائرات البوينغ وكتابا للأدعية ورسالة قديمة يعرب فيها عن عزمه على الموت شهيدا. وقد اعتبر عطا رئيسا للكومندو من طرف مضيف الطائرة الذي تحدث من هاتفه المحمول خلال اختطاف الطائرة، وأشار إلى رقم مقعده وهو 8D.

مصدر الصورة
http://www.dtic.mil/armylink/
photos/Sep2001/roll4112.html

هل علينا أن نأخذ هذه المعلومات على محمل الجد؟ حتى نقوم بذلك، علينا أن نسلم بأن محمد عطا حرص خلال عشر سنوات على إخفاء نواياه، وأن اتصالاته بشركائه كانت تجري وفق إجراءات صارمة لتلافي الاستخبارات. وأن يكون ترك مع ذلك دلائل كثيرة وراءه. وأن يكون، وبالرغم من أنه قائد العلمية، قد خاطر بأن تفوته الرحلة يوم 11سبتمبر، وبأنه تمكن في النهاية من أن يمتطي الرحلة 11 التابعة لأمريكان اير لاينز، دون أن يسترجع أمتعته. ولكن، هل يثقل المرء كاهله بالأمتعة عندما يكون
مقبلا على الانتحار؟

ومما يدعو للسخرية حقا، أن مكتب التحقيقات الفدرالي أكد أنه عثر على جواز سفر محمد عطا، في حالة جيدة بين الأنقاض المشتعلة في مركز التجارة العالمي! إنها معجزة حقا، إذ نتساءل كيف "نجت" هذه الوثيقة بعد كل هذه المحن...

من الواضح أن مكتب التحقيقات الفدرالي يقدم دلائل من صنعه. وربما علينا ألا نرى في كل هذا سوى رد فعل مذعور من طرف هيئة للشرطة أظهرت عدم كفاءتها في تفادي وقوع الكارثة، وتحاول بشتى الوسائل أن تلمع صورتها.

غير أنه برز، على نحو يدعو للقلق، سجال حول هوية الانتحاريين. وكتبت الصحافة الدولية تعاليق مطولة حول حياة الإرهابيين التسعة عشر، بحيث تتراوح أعمارهم، جميعا، ما بين خمس وعشرين سنة وخمس وثلاثين سنة، وهم عرب مسلمون، أغلبهم سعوديون وعلى درجة من التعليم، يحركهم الإيمان وليس فقدان الأمل.

وتظل منطقة الظل الوحيدة، هي تلك الصورة النموذجية التي تستند على قائمة مثيرة للنقاش. فالسفارة السعودية في واشنطن أكدت أن عبد العزيز العمري ومهند الشهري وسالم الحازمي وسعيد الغامدي، أحياء يرزقون، وفي صحة جيدة، في بلدهم. وقد أدلى وليد.م.الشهري، المقيم حاليا في الدار البيضاء، ويشتغل قائد طائرة في الخطوط الملكية المغربية، بحديث صحفي لجريدة "القدس العربي" الصادرة في لندن. وصرح الأمير سعود الفيصل، وزير شئون الخارجية السعودي، للصحافة قائلا: " لقد تأكد أن خمسة أشخاص وردت أسماؤهم في لائحة مكتب التحقيقات الفدرالي لا علاقة لهم بما حدث"، بينما صرح الأمير نايف وزير الداخلية السعودي لوفد رسمي أمريكي: " لحد الآن لا يوجد أي دليل على وجود صلة بين (المواطنين السعوديين المتهمين من قبل مكتب التحقيقات الفدرالي) وهجوم 11 سبتمبر، لم نتوصل بشيء من لدن الولايات المتحدة الأمريكية". [6]

كيف إذن جرى تحديد هوية هؤلاء الإرهابيين؟ إذا عدنا إلى قائمة الضحايا التي نشرتها الشركات الجوية يوم 13 سبتمبر، نفاجأ بعدم وجود أسماء القراصنة. كما لو أن أسماء المجرمين سحبت وتم الاحتفاظ فقط بأسماء "الضحايا الأبرياء" وطاقم الطائرة. وإذا أحصينا الركاب، نجد 78 من الضحايا الأبرياء في الرحلة 11 التابعة لأمريكان اير لاينز (التي تحطمت على البرج الشمالي لمركز التجارة العالمي)، و46 في الرحلة175 ليونايتد اير لاينز (التي تحطمت على البرج الجنوبي) و51 في الرحلة 77 التابعة لأمريكان اير لاينز (التي زعم أنها تحطمت فوق البنتاغون)، و36 في الرحلة 93 التابعة ليونايتد اير لاينز (التي انفجرت فوق بنسلفانيا). غير أن هذه القوائم ناقصة، لأنه لم يتم تحديد هوية عدد من الركاب.

وإذا عدنا إلى البيانات10 التي أصدرتها شركات الطيران يوم 11سبتمبر، نلاحظ أن الرحلة رقم 11، كانت تقل على متنها 81 راكبا، وان الرحلة رقم 175 كانت تقل 65 راكبا، والرحلة 77 كانت تقل 58 راكبا، والرحلة رقم 93 كانت تقل 38 راكبا.

كان من المستحيل إذن، من الناحية المادية، أن تنقل الرحلة رقم 11 أكثر من ثلاثة إرهابيين، والرحلة 93 أكثر من اثنين. ولا يعني غياب أسماء قراصنة الجو من لائحة الركاب، أن أحدا سحبها لكي يبدو الأمر « صحيحا من وجهة النزر السياسية"، ولكن بكل بساطة، لأنهم لم يكونوا من بين الركاب. هكذا تتبخر مسألة التعرف على هوية عطا من طرف أحد مضيفي الطائرة بواسطة رقم مقعده 8D.

وخلاصة القول، فان مكتب التحقيقات الفدرالي اخترع قائمة قراصنة الجو، ومن خلالها تم وضع صور نموذجية لأعداء الغرب. وتم دفعنا إلى الاعتقاد بأن هؤلاء القراصنة هم إسلاميون عرب وقد تصرفوا كانتحاريين. وهو ما يفضي إلى تلاشي فرضية العمل الداخلي الأمريكي. في الواقع، نحن لا نعرف شيئا، لا بخصوص هوية "الإرهابيين"، ولا بخصوص أسلوب عملهم. كل الفرضيات تظل واردة. وكما هو الشأن في القضايا الجنائية، فان أول سؤال يطرح هو: " من صاحب المصلحة في ارتكاب الجريمة؟".

غداة الهجمات تحديدا، لوحظ أنه تم القيام بتحركات لها طابع " جنح المضاربين في البورصة" ستة أيام قبل تنفيذ الهجمات. [7] حيث انخفض بشكل مصطنع، سهم شركة يونايتد اير لاينز (المالكة للطائرتين اللتين اصطدمتا بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي وفي بتر سبورغ) ب 42%، وانخفض سهم شركة أمريكان اير لاينز (المالكة للطائرة التي اصطدمت بالبرج الشمالي لمركز التجارة العالمي) ب39%. ولم تكن أي شركة طيران في العالم موضوع مناورات مماثلة، باستثناء شركة الخطوط الهولندية
Royal Dutch Airelines KLM
مما يحمل على الاعتقاد بأن طائرة من الشركة الهولندية كانت، ربما، قد اختيرت لتكون هدفا لعملية اختطاف خامسة.س

كما لوحظت تحركات مماثلة حول خيارات بيع رسوم مورغان ستانلي دين فيتر أند كو
Morgan Stanley Dean Witer And Co
التي ارتفعت بواقع اثنتي عشر مرة. وكان مقر هذه الشركة يتكون من اثنين وعشرين طابقا بمركز التجارة العالمي. ونفس الشيء بالنسبة لرسوم بيع سمسار البورصة الأول في العالم، ميريل لانش أند كو، التي يوجد مقرها المركزي في بناية مجاورة مهددة بالانهيار، والتي ارتفعت بواقع خمس وعشرين مرة، وخاصة بالنسبة لرسوم البيع حول أسهم شركات التأمين المعنية وهي ميونيخ ريMunich Re، وسويس ريSwiss Re، وأكساAxa.

وكانت لجنة مراقبة عمليات البورصة أول من أنذر بذلك. فقد لاحظت أنه في بورصة شيكاغو حقق المكتتبون خمسة ملايين دولار كقيمة زائدة على شركة يونايتد ايرلاينز، وأربعة ملايين دولار على شركة أمريكان ايرلاينز، و1.2 مليون دولار على شركة مورغان ستانلس دين ويتر أند كو، و5.5 مليون دولار على شركة ميريل لانش أند كو.

وفي مواجهة المحققين، تخلى المضاربون بشكل حذر عن تحصيل 2.5 مليون دولار على كقيمة زائدة على أمريكان اير لاينز، ولم يكن لديهم من الوقت ما يكفي للحصول على الأموال قبل أن يصدر الانذار.

وتحصي سلطات المراقبة في البورصات الكبرى الزيادات في القيمة التي
 [8]حققها المضاربون. وتقوم المنظمة العالمية لمجلس القيمIOSCO 11 بالتنسيق في هذا المجال. وفي 15 أكتوبر نظمت ندوة عبر الفيديو قدمت خلالها السلطات الوطنية تقريرها المرحلي. واتضح أن الزيادات في القيمة غير القانونية تهم مئات الملايين من الدولارات، وهو ما يشكل "أكبر جرم اقتصادي على الإطلاق".

ولا يتوفر أسامة بن لادن، الذي جمدت أرصدته المصرفية منذ سنة 1998، على الأموال الضرورية للقيام بمثل هذه المضاربات. كما أن حكومة طالبان، في إمارة أفغانستان الإسلامية، لا تتوفر بدورها على الإمكانيات المالية.

فقد كان الرئيس بيل كلينتون قد أصدر قرارا بتجميد الودائع المالية لأسامة بن لادن وشركائه والجمعيات والشركات التابعة لهم. وتم هذا القرار بموجب أمر تنفيذي وقع بشكل رمزي يوم 7 أغسطس 1998 (وهو اليوم الذي تم فيه الرد على هجومي نيروبي ودار السلام). وقد تم إضفاء طابع دولي على هذا الأمر بالقرار رقم 1193 الذي أصدره مجلس الأمن في الأمم المتحدة.(13 اغسطس1998). كما قرر بيل كلينتون بأن يشمل هذا الإجراء حركة طالبان وشركاءها ومن يدور في فلكها، بالأمر التنفيذي 13169 (19 اكتوبر1999). وانطلاقا من هذا التاريخ، أصبح من السخف الاستمرار في الحديث عن " الملياردير أسامة بن لادن"، طالما أنه لم يعد بامكانه التصرف في ثروته الشخصية. والإمكانيات التي يتوفر عليها لا يمكن أن ترد إلا من مساعدة سرية – من دولة أو غيرها – وعلى كل حال لا يمكن أن تكون من إمارة أفغانستان الإسلامية.

لقد أمكن التحقق من أن الجزء الأكبر من التعاملات "قام" به المصرف الألمانيDeutche Bank، وفرعه الأمريكي للاستثمارات ألكس براون. وكان يقود هذه الشركة حتى سنة 1998، شخص يدعى أ.ب.كرونغارد. وقد أصبح هذا المصرفي، وهو قبطان بحرية مهووس بالرماية وبفنون الحرب، مستشارا لرئيس وكالة الاستخبارات المركزية، ومنذ 26مارس، أصبح الرجل الثالث فيها. وبالنظر إلى الأهمية التي تكتسبها تحقيقات أ.ب.كرونغارد وتأثيره، فقد يذهب التفكير إلى أن ألكس براون 12 قد تعاون دون صعوبة مع السلطات لتحديد هوية المضاربين. غير أن ذلك لم يحدث.

ومما يدعو للاستغراب، أن مكتب التحقيقات الفدرالي، لم يقتف هذا الأثر. وأغلقت المنظمة العالمية لمجالس القيم تحقيقها دون حل المسألة. غير أنه من اليسير، مع ذلك "تتبع" حركات الرساميل لأن كل التعاملات المصرفية يحتفظ بها في الأرشيف من طرف هيئتين متخصصتين.13 وبمقدورنا أن نسلم بأنه، بالنظر إلى الرهانات الهامة، كان ممكنا خرق السر المصرفي وتحديد هوية المستفيدين المحظوظين من هجمات 11 سبتمبر. غير أن شيئا من هذا لم يحدث.

وكان على مكتب التحقيقات الفدرالي، لما يتوفر عليه من وسائل لا نظير لها، أن يسلط الضوء على كل التناقضات التي سجلناها. كان عليه، من باب أولى، أن يدرس رسائل المهاجمين الموجهة إلى الجهاز السري، من أجل تحديد هويتهم. كان عليه أن يحدد ماذا وقع بالضبط في البنتاغون. كان عليه، أيضا، أن يتعقب رجال المال المضاربين. كما يتوجب عليه أن يذهب إلى مصدر إشارات الإنذار التي وجهت إلى أوديغو لتحذير من كانوا في مركز التجارة العالمي قبل وقوع الهجمات بساعتين. الخ.

غير أنه ن وبدل أن يجري مكتب التحقيقات الفدرالي، تحقيقا جنائيا، انكب على إخفاء الدلائل وكبت الشهادات. فقد زكى رواية الهجوم الخارجي وحاول إضفاء المصداقية عليها بنشر قائمة، وضعت بشكل مرتجل، لقراصنة الجو، وباصطناع دلائل إثبات مزيفة (جواز سفر محمد والتعليمات الموجهة للانتحاريين...الخ).

وقد أشرف على عملية التلاعب هذه، مدير مكتب التحقيقات الفدرالي روبير مولر الثالث. كان هذا الرجل، المهم جدا، قد عين من قبل جورج بوش، وتسلم مهامه قبل يوم 11سبتمبر بأسبوع على وجه التحديد.

هل تم إجراء هذا التحقيق الوهمي من أجل القيام بمحاكمة عادلة، أم من أجل غض الطرف عن المسئولين من داخل أمريكا، وبالتالي تبرير العمليات تبرير العمليات العسكرية القادمة؟.

ترجم الكتاب من نسخته الفرنسية الأصلية الى اللغة العربية : مركز زايد للمتابعة والتنسيق بدولة الامارات العربية المتحدة.

أعد حلقات الكتاب : رامي


 يمكنك مطالعة نبذة عن الكتاب باللغة الفرنسية على :http://www.effroyable-imposture.net

 كما يمكنك تحميل الكتاب الثاني للمؤلف :فضيحة البنتاغون مجانا باللغة الفرنسية على :http://www.pentagate.info

[1لقاء وزير العدل ومدير اف.بي.آي. روبير مولر الثالث، يوم 14 سبتمبر 2001 http://www.usdog/gov/ag/agerisisremarks9_14htm

[2مقال لسلمان رشدي صدر في صحيفة "واشنطن بوست"، 2أكتوبر2001 بعنوان: Fighting the Forces of invisibility

[3لقاء صحافي لوزير العدل جون أشكروفت ومدير اف.بي.آي ربير مولر الثالث في 28سبتمبر 2001.http://www.usdog/gov/ag/agerisisremarks9_28htm

[4أشارت العديد من الصحف الأوروبية عن طريق الخطأ الى أن اف.بي.آي، عثر على هذه الرسالة بين الأنقاض في البنتاغون.

[5أخذت هذه الفقرات من الرسالة بنصها العربي كما نشرتها وسائل الاعلام العربية، انظر على سبيل المثال النص الكامل للرسالة في جلايدة الشرق الأوسط، عدد 30 سبتمبر 2001 (المترجم)

[6أشار الصحفي النجم بوب وودوارد بشكل يدعو الى الاستغراب الى هذا الخطأ في اليوم ذاته، غير أنه لم يستخلص شيئا. انظر صحيفة واشنطن بوست ليوم 28 سبتمبر 2001، مقالة بعنوان : Hijacker’s Bags, A Call To Planing Prayer And Death.

[7انظر المقال الذي كتبه دوغلاس جيهل في صحيفة واشنطن بوست يوم 10سبتمبر2001، بعنوان : Saudi Minister Asserts That

[8لموقع الرسمي للمنظمة العالمية لمجالس القيم http://www.iosco.org/iosco.html