ليس غريبا على احد اليوم ، معرفة مدى العلاقة الوثيقة بين اسرائيل والولايات المتحدة ، هذه العلاقة التي ان تعددت الآراء في تحديد اتجاهها السياسي، يتفق الجميع على شكلها الاقتصادي ، والذي تجسد ماليا في الدعم اللامحدود والمستمر من قبل الولايات المتحدة الامريكية للاقتصاد الاسرائيلي منذ تاريخ النكبة والى اليوم .

هذا الدعم الذي طالما كان الاساس في تمويل الموازنات المتعاقبة لاسرائيل ، ان كان على شكل معونات وهبات غير مستردة ، او على شكل قروض متعددة الاشكال ، لا يمكن للاقتصاد الاسرائيلي ’ مهما حاولت حكوماته ’ أن يستمر من دونه ، طالما ان السياسيين في اسرائيل سيبقوا متمسكين بزمام القرار الاقتصادي ، هذا الامر الذي يشير اليه المحلل الاقتصادى عوديد شاحل بوضوح

: ’ان الاقتصاد الاسرائيلي لا تديره نخبة الاقتصادين في اسرائيل وانما يديره السياسيون والذين لا يملكون رؤية بعيدة المدى، ولا يجرون الابحاث، وانما هم ينظرون على المدى القريب فقط، ولهذا تجدهم يتخبطون، فتارة يرفعوا الاسعار وتارة يقضون على النفقات الحكومية للطبقات الفقيرة، ولهذا فان لا توجد سياسة اقتصادية بعيدة المدى لاسرائيل وانما هناك ساسية لعام او عامين وفقا لتوجهات وتصورات سياسية بحته وضيقة الافق ..’ وسبيقى الحال هكذا طالما بقيت هناك احزاب ومصالح ضيقة وسيبقى الاساتذة مكانهم في الجامعات فقط وفي الكنب..

تاريخيا يمكننا اعادة البدء الفعلي للمعونات الامريكية لاسرائيل بمختلف وجهاتها الى حقبة الستينات من القرن المنصرم ، غير ان التغير الحقيقي بدأ منذ العام 1974 حين اقر مجلس الشيوخ الامريكي قرارا بمنح مساعدات دائمة قيمتها 2.67 مليار دولار ، بما فيها المساعدات العسكرية في قفزة تجاوزت العشر اضعاف مرة واحدة عن حجم المساعدات المعتادة في السابق .

ومن حينها الى اليوم والمساعدات الامريكية لاسرائيل لم تهبط تحت هذا الرقم بل وصلت سريعا الى 3 مليار دولارتحصل عليها اسرائيل سنويا كمنح غير مستردة ، ناهيك عن القروض والمساعدات الآخرى ، ومع هكذا مساعدات لا بد وان يصبح الجيش الاسرائلي واحدا من اهم جيوش العالم من حيث أسلحته وعتاده .

ولعل الطريقة الوحيدة اقتصاديا لتتحول اسرائيل من دولة تعيش على المساعدات الى دولة يحقق اقتصادها ايرادات ذاتية ، تتمثل في ان يصبح الاقتصاد الاسرائيلي قطبا فاعلا في منطقة الشرق الاوسط ليجذب اليه الاقتصادات النامية الآخرى في المنطقة ، هذا الحلم الذي طالما راود المفكرين الاقتصاديين في اسرائيل ، والذي بدأوا بمشاهدته بعيد ابرام اتفاقيات السلام المجتزأة مع بعض دول المنطقة، يرتكز على جذب الاستثمارات الخليجية من جهة وعلى فتح سوق الاسواق العربية من جهة آخرى ، وان كان هذا الامر قد بدأ جانبه الثاني بالتحقق علنامع تعاظم حجم الصادرات الاسرائيلية الى اسواق كل من مصر والاردن والعراق ، فانه لا يزال سرا في جانبه الاول ، أقله حتى اليوم ....

اليوم يبدو بان آثار الازمة المالية العاليمة على الولايات المتحدة ، ستلقي بآثارها سريعا على الاقتصاد الاسرائيلي ، هذا الاقتصاد الذي وان استطاع ان يشكل خلال العقود الماضية ، توجها صناعيا ملحوظا نحو الصناعات التقنية والعسكرية ، بعد المساعدات الغير المباشرة الكثيرة لدعمه في هذه المجالات من قبل الدول الغربية ، الا ان امله في استمراريته في الحياة اقتصاديا لن يتحقق قبل الانتقال الى هواء العرب ، فهل سيتحقق ذلك ، وهل ستخدم السياسة الاسرائيلية متطلبات اقتصادها اليوم ، ومن جهة آخرى هل سيوافق العرب على ذلك ؟

للاسف فان الارقام والمؤشرات ، تدل على ان ’ اسرائيل ’ قد استطاعت بالفعل البدء بتغيرات جادة في علاقاتها الاقتصادية بالمنطقة ، بعد ان عمقت من الترابط العضوي بينها وبين دول الجوار ’ المعروفة ’ ، و اعتقد ها هنا بان مؤشرات التجارة البينية بين احدى الدول المجاورة لاسرائيل و اسرائيل تكفي لبيان ذلك ، بعد ان ارتفعت الى حوالي 43 %، عن عام 2006 !!!مع قيمة اجمالية ’ مع هذه الدولة الشقيقة لوحدها ’ فاقت النصف مليار دولار .