ربما ما يحدث حول مشروع قانون الأحوال الشخصية "فورة" حسب تعليق أحد واضعي المشروع، لكن الخطورة أن تنظر اللجنة التي وضعته إلى كل ما يحدث على أنه "فورة" أو مجرد "صخب"، لأنها بذلك تضع الجميع أمام إشارات الاستفهام الكثيرة التي أثيرت حول المشروع.
رغم أن تفكيك هذا المشروع هو شأن حقوقي، لكن "مسألة الفورة" هي موضوع ثقافي بامتياز، ويقدم مؤشرات على أن التفكير بالأحوال الشخصية هو بحث داخل "مجموع بشري" "يفور" أحيانا ويهمد، وعلينا أن لا نستغرب استخدام كلمات جديدة مثل "الطوشة" التي ترد كثيرا في المدونات الخاصة بالعهد العثماني، لأن من يسمي الحملة بـ"الفورة" فهو بلا شك ينتمي لزمن ثقافي مختلف كان فيه التدوين يخص مجموعة من "أصحاب الأمر"، بينما على الآخرين اتباع القواعد الخاصة بـ"من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية".
فالثقافة التي "صدرت" هذا المشروع واختفت عن الأضواء، أو ربما اعتقدت أن مهمتها لا "علاقة" لها بـ"العوام" بل هي مختصة بـ"خواص الخواص" حسب تعبير الغزالي، لكن الفورة التي يتحدث عنها أحد واضعي المشروع تُظهر أن الثقافة الاجتماعية ليست على شاكلة البعض، أو أنها استفادت من السنوات الطويلة منذ الاستقلال وحتى اليوم، ولامستها مساحة العمل الحقيقي الذي أوجد رؤية مستقبلية ماتزال تواجه خطر "الامتصاص" أو "الابتلاع" التراثي".
والفورة الحقيقية اليوم هي نتيجة "حدث عالمي" جعل من الحداثة تغريبا، ومن المستقبل أسطورة تنتظر ظهور الأعور الدجال، وحمل معه أيضا كل الدعوات التي تظهر على الفضائيات باتجاه "تقنين" حياتنا وفي "الشريعة" التي لا نعرف كيف انطلقت من "السماحة" باتجاه التعصب؟!!
السؤال الحقيقي حول هذه الفورة يمكن أن نجده في صفحات الانترنيت التي يصعب في اللغة العربية البحث فيها عن مسألة جديدة، بينما تمتلئ بقضايا ربما لا تهم سوى جغرافية ضيقة وعقول تهوى أن تكون "مرجعية" معرفية رغم أن العولمة لم تترك مكانا لأي مرجعية.
في النهاية فإن مشروع قانون الأحوال الشخصية ليس قضية "ما ورائية" وهو أيضا متشابك مع حياة تتطور باستمرار لذلك لن يكون ما ينتج فورة إنما تأكيد على الوعي العالي والانتماء للوطن ولثقافته المستقبلية.