الكاتب : جورج حاجوج
لا بد من الاعتراف أن حزب الله كرأس حربة ومعه قوى سياسية لبنانية أخرى، هو تعبير عن حالة وموقف يشكلان امتداداً لما اصطلح على تسميته شرق أوسطياً بـ "محور الممانعة"، وبتعبير أمريكي مبتَكَر لتوزيع شهادات حسن السلوك أو حجبها، بـ "محور الشر"!!.
بصرف النظر عن المسميات، فإن هذا المحور ما يزال حتى الآن "عربياً وإقليمياً ودولياً" يشكل عامل إزعاج للرؤية الأمريكية ـ "الإسرائيلية" لشرق أوسط "جديد أم قديم، لا فرق" لا بد من إنتاجه وتثبيته لتتعامل معه كل الأطراف كأمر واقع!.
اليوم يبدو أن "القرار الظني" بات يشكل أمريكياً و"إسرائيلياً" مفتاحاً جديداً لليّ ذراع قوى الممانعة عن طريق ضرب رأس حربتها المتمثلة بحزب الله والقوى اللبنانية الأخرى، وتالياً حماس وقوى فلسطينية أخرى، خصوصاً بعد أن فشلت حرب تموز 2006 وخرج منها حزب الله أقوى مما مضى، حسب تصريحات مسؤوليه أنفسهم من جهة أولى، وحسب تصريحات المسؤولين الأمريكيين و"الإسرائلييين" وتقاريرهم من جهة ثانية، مضافاً إلى ذلك عدم تحقيق ما كان مرجواً من حصار غزة والعدوان الأخير عليه!.
لم تنجح كل المحاولات السابقة لتقويض أركان هذا المحور وزعزعة بنيانه، ابتداءً من محاولات عزل دمشق، ومحاولة إلصاق تهمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري بها، واعتماد مبدأ العقوبات والحصار، مروراً بالسلوك نفسه تجاه إيران، مضافاً إليه ضغوطات ووعود معسولة لدمشق كي "تفك ارتباطها" وتحالفها مع طهران، وانتهاء بحرب تموز وعدوان غزة وقوانين وتشريعات "الدولة اليهودية الصافية النقية"، وعنصرية الاستفتاءات على الانسحاب من الجولان أو الأراضي الفلسطينية المحتلة "استخدام كلمة انسحاب يعني بشكل طبيعي إقرار بالاحتلال وبعدم شرعية وضع اليد على هذه الأراضي!".. كل هذا لم يجدِ نفعاً!.. ما العمل إذاً؟!.. هذا السؤال هو لسان حال كل من واشنطن وتل أبيب!!.
الجواب اليوم، يبدو في "القرار الظني" أي تحت مظلة "المحكمة الدولية" الخاصة بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وهذا يعني أن ما سيصدر عنها بوصفها "دولية" لا بد أن يكون ملزماً للجميع "منذ متى تعشق واشنطن وتل أبيب القرارات الدولية؟!.. لا أحد يعرف!"، ومن ضمنهم حزب الله ودمشق وطهران، وهذا يعني أيضاً وبطبيعة الحال أن من سيرفض التعامل مع القرارات الدولية "وقرارات المحكمة من ضمنها، نظرياً طبعاً!" لا بد سيضع نفسه في موقع لا يحسد عليه أمام المجتمع الدولي وقواه، كبيرها وصغيرها!.
السيناريو المرسوم سيكون بكل بساطة على هذه النحو: حزب الله، بوصفه رأس حربة للخيار المقاوم المدعوم سورياً وإيرانياً، سيرفض "وهو يعلنها منذ الآن" التعاطي مع "المحكمة الدولية" ومع كل قراراتها، وهذا يعني أمريكياً و"إسرائيلياً"، وقوف في وجه الإرادة الدولية وعدالتها!.. هذا إن كان هناك ما بقي من الكذبة المسماة: "الإرادة الدولية.. العدالة الدولية"!!.
وجه المفارقة في سيناريو توجيه ضربة للخيار المقاوم، أن هذه الضربة ليست سرية، وليست مباغتة أو مفاجئة "يعني عالمكشوف"!.. فالسيناريو مقروء ومعروف لدى الجميع ولا أحد متفاجئ فيه، لا عند إعداده ولا حتى عند وضعه موضع التنفيذ، أي تحويله من نص على الورق إلى عمل على الأرض، بمعدّيه وكتّابه وممثليه ومخرجيه!.
لكن.. ثمة ما يدعو إلى القلق فعلاً بعد صدور "القرار الظني" وتحوّله إلى أمر واقع يحتاج إلى إجراءات لتنفيذه..
إذ أن الخيار المقاوم يعلن منذ اللحظة أنه غير معني، ولا يعترف أساساً، بما سيصدر عن "المحكمة الدولية" المسيَّسة والموظّفة والمضبوطة الإيقاع أمريكياً و"إسرائيلياً"!.. هذا يعرفه الجميع مسبقاً. إنما ما لا يعرفه أحد، هو كيف سيكون عليه الحال فيما لو كان هناك إصرار أمريكي "إسرائيلي" على المضيّ في "كذبة المحكمة" حتى آخر الطريق، حتى لو اشتعلت الحرائق في كل المنطقة، وعلى الطريقة الأفغانية والعراقية أواللبنانية والفلسطينية التي اقتضت نتائجها، مزيداً من العبث والدمار والخراب والأثمان الباهظة في المال والبشر والحجر؟!.
المؤكد أن واشنطن، ومعها تل أبيب، لا تتعلم، وربما أنها لا تريد أن تتعلم، ليس لأي سبب، سوى لأنها ما تزال وستظل محكومة بإرثها الثقافي التاريخي ـ القصير! ـ الذي يختصره رجل الكاوبوي أفضل اختصار!!.