الكاتب : حسان عبه جي
ما يطفو على السطح من خلاف بين محمود عباس ورئيس وزرائه سلام فياض، أو حتى بين عباس ومحمد دحلان لا يمكن ردها فقط إلى مسائل داخلية فقط، فمثل هذه الأمور تأخذ شكلا مركبا عندما نتحدث عن العلاقات داخل السلطة في رام الله، وهي تبرز مع انهيار المفاوضات أو حتى عجز أطرافها على تقديم حلول ضمن "نظام التسوية" الذي بدأ في أوسلو.
التناقض الأول الذي يمكن النظر إليه هو ما يحدث بين فياض وعباس، فمسألة إعلان الدولة من طرف واحد ليس مجرد "شطحة كلام"، لأنه يمكن أن يُبنى علية مسارات وتوجهات دبلوماسية مختلفة، وبغض النظر عن جديته لكنه يفتح مجال اختراق في مساحة السلطة، وهو امر غير مقبول بالنسبة لبعض أطرافها ولـ"إسرائيل" أيضا التي لا تنظر إلى مثل هذه التصريحات من زاوية الضغط عليها، بل من احتمال تشكل "ظواهر" غير مرغوبة داخل السلطة ذاتها.
ويبدو الخلاف الحالي نوع الاصطدام غير المتوقع، فصحيح أن عباس يجد في سلام فياض منافسا على المستوى الأوروبي والأمريكي، فهو الشخص الذي استطاع تحييد وزاراته عن عمق الصراع، لكن عباس ربما لا يريد مواجهته في هذه اللحظة بالذات، إلا أن الظرف المحيط بالفريق الفلسطيني المفاوض ربما دفع لنوع من التصعيد، ومن المتوقع أن يتجاهل رئيس السلطة ما حدث، لكنه في المقابل لا يستطيع تجاهل "ظاهرة دحلان" في الضفة.
التناقض الثاني مع محمد دحلان هو الأصعب، فهذا الرجل تم رسم دوره في غزة وليس في الضفة، وتواجده اليوم فيها يشكل عبئا واضحا داخل الجهاز الأمني للسلطة، فدحلان وفق تجربة غزة لا يستطيع تحقيق انضباط ربما يكون مسؤولا عنه رئيس السلطة تجاه واقع الضفة الغربية، وهو ما يجعل عملية "إرضاء" دحلان صعبة ولا تتعلق فقط بجملة المصالح التي تشبك رجال السلطة الوطنية، فهناك قطب مختلف موجود فيها ومكانه الأساسي كان في غزة لكنه عاجز عن العودة إليها.
هل هو تنازع في النفوذ؟ على المستوى الأمني يبدو الأمر صعب مع وجود دحلان بكل ما يحمله من خيبة أدت لانهيار أجهزة السلطة في غزة، وفي نفس الوقت لا يستطيع عباس إبعاده بطريفة عادية لأنه "الذراع" الذي تمت به محالة كسر "حماس" قبل حرب غزة وبعدها، فهو جزء من إستراتيجية السلطة، وهو ما استدعى التعامل معه بطريقة مختلفة.
المسألة تتعقد بشكل واضح ويتم بناء خيارات "إسرائيلية" نتيجة هذا الصراع، لكن في النهاية فإن المصالحة الفلسطينية ربما تتطور إلى أبعاد تطال السلطة نفسها وليس فقط حركة حماس.