مع اشتراك الإخوان المسلمين في الحوار ما بين المعارضة والحكومة المصرية؛ بات واضحا أن الخط السياسي يحاول تأمين مكان له داخل التركيبة السياسية القادمة، ورغم ان تقديرات معظم المشاركين في الحوار الذي جرى أمس تذهب نحو فشل هذا "الحوار"، لكن الصوت الحقيقي بقي في ميدان التحرير مع احتشاد حوالي مليوني متظاهر شهدوا قداسا وصلاة غائب على أراح الشهداء إضافة لحفل زفاف عبر عن مظهر إنساني فريد.
وشارك في المباحثات ست مجموعات معارضة ومنها ائتلاف يضم منظمات شبابية وما أطلق عليه "مجموعة الحكماء" وممثلو حركة الإخوان المسلمين المحظورة وذلك في أول لقاء لها مع الحكومة المصرية.

وحسب مصادر في حركة الإخوان فإن النظام لم يقدم تنازلات جوهرية بما في ذلك إلغاء قوانين الطوارئ.

واعتبر القيادي في الاخوان المسلمين محمد مرسي، الذي شارك في جلسة الحوار الاحد بين نائب الرئيس المصري عمر سليمان وممثلين للمعارضة، ان البيان الذي تضمن الاقتراحات بشأن الإصلاحات السياسية "غير كاف". وأضاف "نحن في الميدان وفي الحوار ولا تعارض بينهما. فنحن نشارك في الحوار كخطوة أولى، بداية وضع أقدام على طريق، لعمل التغيير المطلوب طبقا لارادة الناس."

وقال إن الحوار يمكن أن يحقق أهداف الانتفاضة وهي "رحيل رئيس بحزبه وأمنه وحكومته،" مضيفا أن من الممكن ألا تتحقق مطالب المحتجين وأن الاحتجاجات التي قال انها اكتسبت شعبية سيكون عليها أن تحقق أهدافها بنفسها.

وكان المتحدث الرسمي باسم الحكومة المصرية مجدي راضي أعلن أن جلسة الحوار التي عقدت بين نائب الرئيس عمر سليمان ومجموعة من ممثلي المعارضة والشخصيات العامة انتهت إلى التوافق على تشكيل لجنة لإعداد تعديلات دستورية في غضون شهر. مضيفا أنه تم التوافق على عدة اجراءات أبرزها "تشكيل لجنة تضم أعضاء من السلطة القضائية وبعضا من الشخصيات السياسية تتولى دراسة واقتراح التعديلات الدستورية وما تتطلبه من تعديلات تشريعية لبعض القوانين المكملة للدستور في موعد اقصاه الاسبوع الاول من مارس / آذار المقبل.

ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن ممثل لاحدى القوى المعارضة التي شاركت في حوار الاحد قوله "طلبنا منه ان يقنع الرئيس بنقل صلاحياته الى نائب الرئيس كما تنص المادة 139 من الدستور، فرفض."

وشارك في جلسة الحوار ممثلان للإخوان المسلمين هما سعد الكتاتني ومحمد مرسي ورئيس حزب التجمع رفعت السعيد ورئيس حزب الوفد السيد البدوي وعدد من الأحزاب الأخرى وبعض الشخصيات العامة من بينها رجل الأعمال نجيب ساويرس ويحيي الجمل ووزير الإعلام الأسبق منصور حسن وممثل عن المعارض محمد البرادعي.
قال بيان صادر عن الحركة إن الإخوان "مصرون على مطالب ملايين المتظاهرين".

يُشار إلى أن حركة "الإخوان المسلمون" كانت قد أعلنت قبل أيام رفضها الدخول في أي حوار مع السلطات المصرية قبل تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة، والإستجابة لكافة مطالب المتظاهرين المصريين الأخرى.

وكان الكاتب والمفكر المصري محمد حسنين هيكل اقترح في حديث مع الجزيرة نت جملة من الإجراءات للخروج من المأزق، أهمها خروج الرئيس المصري حسني مبارك من رئاسة الدولة والابتعاد عن الساحة دون إضاعة الفرصة والمداورة والتعلل بالفوضى.

كما تتضمن الإجراءات إعلان القوات المسلحة مسؤوليتها والتزامها بحماية الشعب والتعهد بكل مطالبه، وإعلان قيام مجلس قانون يمسك بالشرائع والقواعد، وإعلان قيام مجلس لأمناء الشعب بتمثيل حقيقي للشباب.

وتتضمن الإجراءات أيضا إعلان فترة انتقالية كافية لحوار جاد لا يضغط عليه "دستور تهاوت أسسه بتهاوي شرعية من أصدروه"، إضافة إلى تشكيل حكومة قوية تجمع بين الأفضل ممن يمكن الوثوق بهم ويعرفون الحقائق.

أما العالم المصري أحمد زويل فأطلق بعد لقائه ممثلين من كافة الأطراف السياسية في مصر مبادرة للخروج من الأزمة الراهنة، طالب من خلالها الرئيس حسني مبارك أن يكون أول رئيس لأكبر دولة في الشرق الأوسط يسلم السلطة وهو على قيد الحياة.

وتضمنت المبادرة خمس نقاط على رأسها تولي سليمان مسؤولية الإشراف على عملية الإصلاح السياسي في مصر بما في ذلك تشكيل مجلس يضم عددا من القانونيين والشخصيات العامة لتعديل مواد بالدستور بينها المواد 76 و77 و88 و179 المثيرة للجدل.

وشملت أيضا تحديد جدول زمني لإجراء انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة تحت إشراف قضائي كامل في أقرب فرصة ممكنة، مشيرة إلى أن هذا الأمر قد يتطلب حل مجلسي الشعب والشورى.
كما شملت المبادرة إلغاء قانون الطوارئ وتعديل قوانين الأحزاب والنقابات المهنية ومباشرة الحقوق السياسية، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين لاسيما المعتقلين من شباب الحركات السياسية وجماعة الإخوان المسلمين.

ودعت كذلك إلى إحداث تغيير جذري في منظومة الإعلام المصرية، وعدم حجب شخصيات معارضة من الظهور في وسائل الإعلام الرسمية، وإلغاء التشريعات المقيدة للحريات.

وأكد زويل أنه توصل إلى هذه المبادرة بعد استماعه لجميع الأطراف، حيث اجتمع خلال الساعات الـ48 الماضية مع ممثلين من مختلف الحركات السياسية مثل جماعة "الإخوان المسلمين" و"الاشتراكيين الثوريين" و"حزب الغد" وحزب "الجبهة الديمقراطية" و"حركة العدالة والحرية" وشباب من المتظاهرين.

كما أوضح في المؤتمر الصحفي الذي عقده مساء الأحد أنه التقى أيضا عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، وشيخ الأزهر أحمد الطيب.

واعتبر زويل -الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999- أن هذه المبادرة "ستنهي الأزمة السياسية في مصر وتضمن الوصول إلى حل دستوري قبل فوات الأوان، تصل مصر من خلالها إلى ديمقراطية حقيقية".