الكاتب : حازم خضر

لم يسقط مبارك وحده في 11 شباط . الأكثر أهمية سقوط النظام المصري برمته مع رضوخ الديكتاتور لضغط الانتفاضة المصرية وقراره نقل السلطة للجيش بعيدا عن سيناريوهات كثيرة من بينها تولي عمر سليمان السلطة أو اتخاذ إجراءات تجميلية تعيد الحزب الوطني الذي تلقى ضربة رمزية كبيرة مع استقالة وانسحاب أمينه العام حسام البد راوي بعد أسبوع واحد من توليه منصبه.

الدروس التي قدمتها الانتفاضة المصرية كبيرة وبالغة الدلالة على ليس على الصعيد المصري فقط بل والعربي كما أوضحتها حالات الاحتفال من مراكش إلى مسقط . وربما تعطي التطورات على الأرض خلال الأيام القادمة ما يدعم ويؤكد كثيرا من التحليلات التي أكدت أن عهدا جديدا في مصر قد بدأ وأن / إسرائيل/ الطرف الوحيد الذي لم يخف قلقه مما جرى فضلا عن أن عصرا عربيا جديدا يجري تكريسه بدأ في تونس وانطلق إلى مصر ويهدد اليوم كما هو واضح كلا من اليمن والجزائر وربما ليبيا.

وما يسترعي الانتباه أن قدرة الشعب المصري على كسر حاز الخوف يتم المرور في التحليلات فوقه مرور الكرام رغم أن إنجازه يتصل بتحطيم أحد أقرب الأنظمة في العالم للولايات المتحدة والصديق لإسرائيل بفعل /كامب ديفيد / ما يجعل لتلك الثورة قيمة مضاعفة لا تتصل بعناوين القضاء على الفساد ونهب الثروات والجوع والبطالة وكل المطالب المعيشية التي يبحث عنها أكثر من 80 مليون مصري. للثورة جانب أخر مهم يتصل بموقع مصر ، وإن لم يحمل جميع المصريين ذلك الوعي معهم ، وبالتالي البحث عن إعادة الروح لدور القاهرة العربي وموقعها من القضية الفلسطينية و معالجة غيابها مقابل تعاظم أدوار أطراف إقليمية بينها إيران وتركيا.

المصريون ، اليوم ، وقد كسروا حاجز الخوف وحطموا أعتى أصدقاء واشنطن في المنطقة يعيدون التذكير بما قامت به الثورة الإيرانية وإن بنكهة مختلفة وظروف لها خصوصيتها المنبثقة من خصوصية مصر التي ينتظرها الملايين من العرب كقائدة لدور عربي له حضوره في قضايا المنطقة . وثقل يجمع حوله جهود العرب المبعثرة أحيانا والمتناحرة في أحيان كثيرة .

حققت الثورة المصرية كل ذلك . وبصرف النظر عمن سيأتي الى الحكم بعد أشهر قليلة فإنه لا يستطيع الخروج عن تلك الأهداف التي خرج من أجلها ملايين المصريين. مكافحة للفساد وتوفير فرص العمل وتحقيق قدر من التنمية الحقيقية في الداخل ونفض الغبار الذي يعتري الدور المصري في المنطقة مع ما يعنيه ذلك من طرح أسئلة كبيرة عن الموقف من دعم الحقوق الفلسطينية ومصير السلام مع إسرائيل وهو مبعث القلق الأمريكي والإسرائيلي كما أعلن الجانبان منذ بدء المظاهرات في ميدان التحرير.

الشعب المصري كرس بثورته خطا جديدا لمراقبة السلطة وهذا أهم ما في الثورة لأن الآلية الجديدة كفيلة بمراقبة مدى إلتزام أي نظام قادم بأهداف الشعب التي يتضمنها الدستور ، وفي ذلك إنجاز يضع مصر على طريق الأمم المتقدمة .