يضع تنحي الرئيس المصري حسني مبارك مستقبل التعاون المصري ـ الأمريكي في مجال مكافحة ’الإرهاب’ موضع تساؤل.

وذكرت صحيفة ’واشنطن بوست’ انه بعدما كانت الحكومة المصرية طوال عقود شريكاً أساسياً لوكالات الاستخبارات الأمريكية تتشاركان معلومات بشأن المجموعات المتطرفة وتعملان معاً في مكافحة ’الإرهاب’، بات مستقبل هذا التعاون موضع تساؤل بعد التظاهرات التي أسقطت الرئيس مبارك، مضيفة ان أطر العلاقات الأمريكية ـ المصرية قد ترسم من جديد.

ونقلت عن محللين قولهم ان الحكومة المصرية الأكثر ديمقراطية ستستجيب أكثر لشعب قد يعارض وجود علاقات مقربة ووثيقة مع واشنطن.

وأضافوا ان حركة ’الاخوان المسلمين’ ستكتسب نفوذاً أكبر على الأرجح في حال أجريت انتخابات حرة ونزيهة، وبالرغم من انها امتنعت عن العنف إلا انها ما زالت تكن العداء العلني لإسرائيل وقد تدعو لاستقلالية أكبر عن السياسات الأمريكية.

ونقلت عن الخبير السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية أرون ديفيد ميلر قوله أن ’التعاون (المصري) مع أمريكا بشأن محاربة الإرهاب سيواجه بعض القيود’.

كما نقلت عن مسؤولين ومحللين أمريكيين قولهم انهم ليسوا قلقين جداً من هذه المسألة، مشيرين إلى استمرار الدور القوي للجيش المصري وحقيقة ان واشنطن تعطي القاهرة ما يزيد عن 1.3 مليار دولار سنوياً على شكل مساعدات عسكرية.

وقال روبرت غرونييه رئيس مركز مكافحة الإرهاب السابق في الـ’سي آي إيه’ ان ’لدى المصريين مصلحة أكبر في حماية أنفسهم من التطرف العنيف كأي طرف آخر’.

وتوقع أن تستمر العلاقة الأمريكية ـ المصرية حتى إذا سيطر الأخوان المسلمون على الحكومة المقبلة، مشيراً إلى أن هذه الحركة تعي انه ’في الأوضاع الثورية يكون المعتدلون هم أول من يذهبون’.

وأضاف انه مع تشكيل حكومة جديدة، ’قد لا يكون مستوى الراحة مع الولايات المتحدة مرتفعاً وسيكونون أكثر شكاً’، خصوصاً بسبب الجهود الأمريكية السابقة لدعم الأنظمة المستبدة.

وقال مسؤولون أمريكيون سابقون ان مصر ستستمر في الكثير من مجالات التعاون مع أمريكا، لأن لمصر مصلحة في محاربة ’الإرهاب’ بعدما عانت من سنوات من الاغتيالات والاعتداءات التي نفذتهما مجموعات مسلمة متطرفة.

وشكك العديد من المسؤولين في مكافحة الإرهاب والخبراء الشرق أوسطيين في أن يستفيد تنظيم ’القاعدة’ من الأوضاع في مصر أقله على المدى القصير، موضحين ان التنظيم و’الاخوان المسلمين’ كانوا على عداء طوال عقود، وتشير استطلاعات الرأي إلى ان المصريين يرفضون وسائل العنف التي يلجأ إليها والإيديولوجيا المتشددة التي يتبعها.

اسرائيل لن تهاجم إيران بعد سقوط مبارك

إلى ذلك، رأى المحلل السياسي في صحيفة ’هآرتس’ ألوف بن في مقال نشره أمس الأحد إن إسرائيل ستمتنع عن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية في أعقاب سقوط الرئيس المصري حسني مبارك.

وكتب بن أنه ’من دون مبارك، لن يكون هناك هجوما إسرائيليا على إيران’ مشيرا إلى أن الرئيس الذي سيخلف مبارك ’سيخشى غضب الجماهير إذا نظرت إليه كمتعاون في عملية عسكرية كهذه’.

وأضاف أن من يعارضون الهجوم أو يخشون من نتائجه رغم أنهم يظهرون كمؤيدين له مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك ’حظيا الآن بالحجة النهائية، وسيكتبان في مذكراتهما أنه أردنا مهاجمة إيران لكننا لم نتمكن من ذلك بسبب الثورة المصرية. ومثلما تحدث (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود) أولمرت كيف كاد يصنع السلام هما سيتحدثان كيف كادا يشنان حربا’.

وشدد بن على أنه ’بانصرافه، منع مبارك حربا استباقية إسرائيلية وعلى ما يبدو فإن هذا كان إسهامه الأخير لاستقرار المنطقة’.

ولفت بن إلى حالة أل’إسلاموفوبيا’ التي يعاني منها رئيس الوزراء الإسرائيلي وكتب أن ’نتنياهو يخاف أن تتحول مصر إلى جمهورية إسلامية معادية لإسرائيل، نوع شبيه بإيران جديدة وأقرب بكثير (إلى حدود إسرائيل)’.

وأضاف ان نتنياهو يأمل ألا يحدث هذا وإنما يأمل بأن ’تقف مصر في المكان الموجودة فيه تركيا اليوم: الحفاظ على العلاقات الرسمية مع إسرائيل وعلى السفارتين والخطوط الجوية والعلاقات التجارية، وذلك إلى جانب انتقادات شديدة حول الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين’.

وكان نتنياهو قد أصدر بيانا أمس رحب فيه ببيان الجيش المصري بشأن احترام الاتفاقيات الدولية التي وقعتها مصر وبينها اتفاق السلام مع إسرائيل.

وقال نتنياهو في بيانه إن ’اتفاق السلام القائم منذ سنوات طويلة بين إسرائيل ومصر أسهم كثير لكلتا الدولتين وهو حجر أساس للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط كله’