السقف بين المقاومة وإسرائيل صار أكثر ارتفاعاً من ذي قبل. لم يعد الحديث عن تدمير مبانٍ مقابل مبنى، أو مطار مقابل مطار، بل انتقل إلى العيار الأثقل في العقل الإسرائيلي:’تحرير الجليل’. تحدٍّ جديد وضعه الأمين العام لحزب الله أمس.

إذ هدد نصرالله أمس أمس باستهداف ’القادة والجنرالات’ الاسرائيليين انتقاما للقيادي في الحزب عماد مغنية، مؤكدا في الوقت نفسه انه قد يطلب من مقاتلي الحزب ’السيطرة على الجليل’ في حال الحرب مع اسرائيل.

وكان نصرالله يتحدث في احتفال لمناسبة الذكرى السنوية ’للقادة الشهداء’ في الحزب، وبينهم عماد مغنية الذي قتل العام 2008 في دمشق.

وقال ’لن ادخل في التفاصيل’، مشيرا إلى ان القرار بالنسبة إلى الرد على عملية اغتيال مغنية ’ما زال هو القرار، وهذا قرار سينفذ ان شاء الله وفي الوقت المناسب وضمن الهدف المناسب’.

وأضاف ’اقول للقادة وللجنرالات الصهاينة حيثما ذهبتم في العالم، الى اي مكان في العالم، وفي اي زمان، يجب دائما ان تتحسسوا رؤوسكم لان دم عماد مغنية لن يذهب هدرا’.

وفي رد نصرالله على وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك الذي طلب من جيشه ان يبقى مستعدا لاجتياح جديد للبنان، توجه الامين العام لحزب الله الى ’مجاهدي المقاومة الاسلامية’ بالقول ’كونوا مستعدين ليوم اذا فرضت فيه الحرب على لبنان قد تطلب منكم قيادة المقاومة السيطرة على الجليل، اي بتعبير آخر تحرير الجليل’.

وتحدث عن ’نقاش جدي في اسرائيل’ حول ما اذا كانت ’تستطيع المقاومة ان تحتل شمال فلسطين وان تسيطر على منطقة الجليل’.

وسارع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الى التقليل من أهمية تهديدات نصرالله، قائلا ’لدي اخبار له: هو لن يفعل ذلك’.

وتابع ’ان من يختبئ في غرفة محصنة تحت الارض عليه ان يبقى في مخبئه’، مضيفا ’لدينا جيش قوي وشعب موحد’.

وتزامن ذلك مع اعلان وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان ان ايران، الداعم الاول لحزب الله، سترسل سفينتين حربيتين إلى سورية عبر قناة السويس، واصفا الأمر بأنه ’استفزاز لا تستطيع الدولة العبرية تجاهله طويلا’.

وخصص الأمين العام لحزب الله جزءاً من خطابه أمس للتطورات في المنطقة، وبالتحديد لسقوط نظام حسني مبارك في مصر، وهو ما رأى فيه تداعياً ’للمنظومة الأميركية. هذه المنظومة التي أقيمت من خلال مجموعة من الأنظمة الديكتاتورية التي تحكم شعوبها بالحديد والنار (...) بهدف حماية المصالح الحيوية لأميركا (...) وفي قلبها إسرائيل’.

ورأى نصر الله أن ’الضربة الأقوى لمشروع الممانعة والمقاومة كانت دخول النظام المصري في اتفاقية كامب ديفيد (...) والحدث الأضخم والأهم في هذه الأشهر القليلة هو ما حصل في 11 شباط الجاري، إذ إن نظاماً آخر من المنظومة الأميركية سقط وهوى بإرادة الشعب’.والانعكاس الأهم لما جرى في مصر، بحسب نصر الله، هو على إسرائيل.

ثم انتقل نصر الله إلى الأوضاع اللبنانية الداخلية، واضعاً للمرحلة المقبلة عنواناً هو ’الغزو السياسي الأميركي’.

وأشار إلى أن الخلاف الوطني ليس على سلاح المقاومة، بل على خيار المقاومة، لافتاً إلى أن حزب الله ’قدم تنازلاً كبيراً لمصلحة لمّ البلد عندما قبِل بالذهاب إلى طاولة الحوار’، مؤكداً الاستعداد للاستمرار فيه. وتوجه إلى قوى 14 آذار بالقول إن ’الإصرار على خوض معركة (سلاح المقاومة) أو تحويلها إلى واحد من عنوانين أو ثلاثة عناوين للمعارضة الجديدة هو إصرار على خوض معركة خاسرة’.

إسرائيل ترد على نصر الله

في خطوة لافتة، قررت إسرائيل أمس الخروج عن سياسة عدم التعليق التي تعتمدها منذ فترة حيال تهديدات الأمين العام لحزب الله الموجهة إليها. وفي ما يمكن عدّه إشارة إلى حجم الوقع الذي أحدثه خطاب نصر الله، جاء الرد الإسرائيلي على لسان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو نفسه، الذي كان يتحدث أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في أميركا الشمالية المنعقد في القدس.

وخلال كلمته التي كان يلقيها باللغة الإنكليزية، انتقل نتنياهو بنحو مفاجئ إلى اللغة العبرية وقال: ’لقد أعلن نصر الله اليوم أنه سيحتل الجليل، وأنا لدي أخبار له: لن يقدر (على ذلك)’. ووسط تصفيق الحضور تابع نتنياهو:’على كل من يختبئ في الحصن تحت الأرض أن يبقى هناك’،

وأولت وسائل الإعلام الإسرائيلية خطاب نصر الله أهمية كبيرة وبادرت محطات التلفزة إلى نقل الأجزاء التي تضمنت التهديدات بعد دقائق من إطلاقها.

وتناوب المعلقون الإسرائيليون على تحليل مضامين الخطاب، فرأى معلق الشؤون العربية في القناة الثانية، إيهود يعاري، أن السؤال الآن ليس أي جزء من أي دولة عربية ستحتل إسرائيل في الحرب المقبلة؟ بل أي جزء من إسرائيل يمكن أن يُحتل من قوة عربية ـــــ حماس في النقب، حزب الله في الجليل ـــــ في الحرب المقبلة.

ولفت يعاري إلى أن نصر الله ’استخدم كلمة سيطرة، لا احتلال الجليل الذي يتطلب قوات برية، أي إنه يهدد بالسيطرة على الجليل بواسطة القوة الصاروخية التي سيستخدمها ضد مراكز القيادة والسيطرة وقواعد سلاح الجو’. من جهته، رأى معلق الشؤون العسكرية في القناة العاشرة، ألون بن دافيد، أن ما يمكن أن يحصل هو أن هناك وحدات خاصة أقامها حزب الله، هدفها أن تنفذ اختراقات في وقت الحرب إلى العمق الإسرائيلي