الكاتب : سها مصطفى

آلاف القتلى من شبان واطفال وشيوخ اكتظت بها مشافي بنغازي وعبدت دمائهم شوارع ليبيا ووسمتها بردا وسلاما على ارواح الثائرين ثمنا لحرية معمدة بالدم، اختارها الشعب الليبي ضد ملك ملوك افريقيا الذي استبد بالحكم 42 عاما متواليا، ليأتي تحرك مجلس الامن الدولي متأخرا بعد القصف، واستدعاء القذافي المهلوس لمرتزقة أفارقة أمعنوا في الشعب الليبي قتلا بأموال دفع ثمنها الشعب الليبي من دمه وعيشه ونفطه، فيما يدك الطيران الليبي ويمعن قتلا في الثوار العزل، بانتظار اجتماع دولي جاء متأخرا متمخضا عن ’إدانة’ سفك الدماء!
المصطلحات الدبلوماسية باتت عاجزة أمام قاموس القذافي تجاه ثورة أحفاد المختار من ’سحق وجرذان وهلوسة ومخدرات’، في خطاب بدى صاحبه من يعاني الهلوسة وأبنائه المجرمين ممن دعاهم بسيف الإسلام وقذاف الدم!
تلك المصطلحات الدبلوماسية الباردة اكتفت بالاحتجاج، وبإدانة شكلية لا تنسجم مع الحدث وقوته، ذلك أن ثورتي مصر وتونس أصبحتا نموذجا يخشى تعميمه وتداوله، وإن حدث فليكن ولكن بأفظع ثمن...، ولن تمر هذه الثورات دون تدخل سواء عبر الـ’راجل الذي يقف خلف حسني مبارك’، أو عبر مرتزقة وكالة الطاقة الذرية وجائزة نوبل أو المنظمة الكاريكاتورية للدول العربية، بانتظار فكفكة الثورة وزحزحة متاريسها برموز باقية حتى إشعار آخر.

التغيير في الثورات لن يمر بسلام دون تدخل أمريكي، سلاحه وعتاده سقيفة بني ساعدة ممثلا بمجلسه الأمني في الأمم المتحدة، الاصابع الأمريكية ستتدخل سريعا، هيلاري كلينتون صرخت معلنة ضرورة اتخاذ خطوات مناسبة بما يتماشى مع ما وصفته بـ’سياساتنا وقيمنا وقوانيننا’، عن أي سياسة تتحدث؟

ربما هي سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وقواعدها العسكرية المنتشرة في البحرين وغيرها مما وسعت له السماء والارض، لكنها كلينتون لن تنسى أن تشير بأصبعها للمجتمع الدولي من باب ’ضرورة التنسيق’، أي أن المنظور الأمريكي تجاه الثورة سيغلف الخطوات القادمة من المؤسسة الدولية المؤتمرة بأمرها.

لكن الولايات المتحدة والأمريكية لم ولن تتدخل بسرعة، لاشيء عاجل، أمام استخدام رئيس دولة الجيش والسلاح ضد شعبه الأعزل، لا حاجة للعجلة طالما أن القذافي يمعن في شعبه قتلا وتنكيلا، ستمهله مزيدا من الوقت ليجعل من الثورة عبرة لمن يعتبر ولمن يجرؤ على مخالفة العرف الأمريكي الإسرائيلي..الراسخ في المنطقة باعتراف مراكز الابحاث والدراسات الغربية التي اعلنت أنه من السهولة بمكان للدول الغربية التفاوض مع دكتاتور بدلا من النظم الديمقراطية.