الكاتب : حسان عبه جي

لا يمكن تجاوز يوم المرأة في ظل الظرف الحالي، فالكتابة عن هذا التاريخ تملك اليوم واقعا مختلفا، وإخراج من نمطية تشكل حدا فاصلا ما بين زمنين: الأول بدأ مع إقرار هذا التاريخ بصورته الحالية وعبر مؤسسات دولية، هي في النهاية تعبر عن حالة رسمية، ومابين الكسر الذي وقعت فيه المرأة في ظل مظهر لها اكتسب صفة "معولمة" إن صح التعبير.

المشكلة أننا نفكر بهذا اليوم بعقلية الرجال، وهو أمر لا نستطيع الانفكاك منه، وفي نفس الوقت نريد أن نعطيه بعدا غنسانيا في وقت يبدو أنه يحمل سمات بيئية مختلفة، وعلى الأخص مع حجم التحولات التي ظهرت امام المرأة منذ السبعينيات في القرن الماضي وحتى اليوم، وحتى لا نغرق بكم الأحداث فإنني سأحاول فقط أن أرسم الخط الجديد الذي يبدو أمام اعيننا اليوم كما خطته الثورات الدائرة في العالم العربي، وأقصد تلك الثورات التي تنطلق من صفحات الإنترنيت، وتبدو في المرأة الشابة التي ابتعدت عن عالما، فنحن جيل نتخيل "المناضلة" على شاكلتنا من عقدي الثمانينات، عندما اتحفتنا لبنان على وجه التحديد بصور "الشهيدات" اللواتي واجهن الغزو الإسرائيلي عام 1982.

الصورة اليوم مختلفة، فالوجوه نادرا ما تظهر على الفيس بوك غاضبة، فهي مبتسمة بعد أن اقتبست الأجيال الشابة سمة هامة من العلاقات العامة، فعمليات التواصل لا مكان فيها لمن يريد أن يصور نفسه بشكل يعبر فيه عن غضبه، فالآخرون ليسوا معنيين بهذا الغضب، هم فقط مهتمون برأيك وبمشروعك... بهذا الشكل فنساء الفيس بوك والتويتر وغيرهما يملكون "معرض" صور ضخم يجعلك تعشق الشباب بالدرجة الأولى وتثق بقدرتهم على التمسك بالحياة.

المرأة التي انخرطت في الحياة العامة وظهرت في ميدان التحرير في القاهرة أو حتى في باحات الجامعة في تونس هي غاضبة لكنها تختزن هذا الأمر لمشروعها وليس لتقديم صورتها للآخرين، وربما هذه هي خصوصية صفحات التواصل الاجتماعي التي تجعلك تنقل تجربتك إلى الآخرين وتحترم خصوصياتهم وربما خصوصياتك، وأنا لا أتكلم هنا على "الخصوصية" بمفهوم المواثيق الدولية، بل الاحتفاظ بما تريده داخل دون ان يسألك أحد لما خبأته.

"المناضلات" لم يعدن مثقفات على السياق الكلاسيكي، فهن مغرمات بأدواتهن الخاصة وليس بالطرق التي تدفعهن إلى توسيع الدائرة الثقافية على سبيل المثال، هل نعتبر هذا الموضوع نقصا؟ لا أعرف في اللحظة الحاضرة كيف يمكن تشخيص الحالة، لكنها حتى اللحظة فعالة، وقدمت "مناضلات" على طريقة القرن الجديد، ويبقى الامتحان الحقيقي فيما يمكن أن تقمن به مستقبلا، فنحن نشهد تحولا وظيفيا للمرأة... ونحن أيضا نرى بيئة جديدة غير مألوفة لنا.