الكاتب : حازم خضر

يرتكب العقيد القذافي جريمة كبرى بحق ليبيا مع فتحه الأبواب مشرعة أمام التدخل الأمريكي مع رفضه الرضوخ لمطالب الثورة وإصراره على ’ سحق’ المحتجين والمدن التي يسيطرون عليها بالقصف الجوي والمدفعي ما أعطى مدعيي الحرص على أرواح المدنيين ذريعة البحث بالحظر الجوي واحتضان المنتفضين الباحثين عن أي دعم أو مساعدة تقيهم الصواريخ ومدرعات كتائب القذافي.

الحظر الجوي الذي بات مطلبا من دول مجلس التعاون الخليجي وليس الغرب والولايات المتحدة وحدها والكشف عن أسلحة أمريكية ضخمة تجري الترتيبات لإدخالها للمحتجين عبر إحدى الدول العربية تفتح أبواب ليبيا للتدخل الخارجي بالفعل.وتشوه إلى حد بعيد صورة الثورة الليبية التي رفعت منذ انطلاقتها في 17 شباط/ فبراير الماضي شعارات لا تختلف كثيرا عما رفعه ثوار ميدان التحرير وقبلهم الثوار في تونس بحثا عن الحرية وتداول السلطة وتحقيق تنمية تتناسب والثروات النفطية الهائلة في ليبيا.

وإذا كانت فرص الحوار مع المحتجين تتضاءل باستمرار مع وقوع العدد الهائل من الضحايا المدنيين في مختلف المدن الليبية وارتكاب قوات القذافي والمرتزقة العاملين بإمرتها مجازر مروعة فإن السيناريو ، الأرجح والأسوأ معا ، يكمن باحتواء واشنطن ولندن للمحتجين مقابل أثمان باهظة جدا تدفع لاحقا وأخطرها تحويل ليبيا إلى قاعدة أمريكية جديدة بعد الدرسين المصري والتونسي غير واضحي المعالم لواشنطن بعد.

ليبيا تسير جراء عنجهية العقيد وإصراره على ملاحقة/ المتمردين/ حارة حارة وزنغة زنغة إلى مصير مجهول.

والتحرك الأمريكي الحاسم في مجلس الأمن والنقاشات الحادة في الكونغرس حول ضرورة التدخل العسكري يقدم مؤشرا بالغ الوضوح عن التخطيط للعب دور في ترتيب الأوضاع ما بعد القذافي. دور لن يكون بالتأكيد لصالح شعارات الحرية والاستقلال التي أطلقها الثوار استنادا لوجود مصالح أمريكية كبيرة بالهيمنة على النفط وضمان مكان بين دولتين / مصر وتونس / لم يتضح بعد شكل الحكم فيهما.

مؤشرات أخرى تتكشف كل يوم مع استعجال واشنطن للضغط على حلفائها في حلف الناتو للبحث في فرض حظر جوي فوق الأراضي الليبية بعيدا عن مجلس الأمن الدولي ، ثم التحرك باتجاه دول خليجية لتسهيل مرور الأسلحة الثقيلة للمحتجين واللقاءات التي أجرتها الخارجية البريطانية مع المحتجين في بنغازي وغير ذلك كثير مما يجري في الخفاء.. كل ذلك يجعل الثورة الليبية أمام محطة جديدة تغاير جذريا الحراك التونسي والمصري الذي فرض الثوار خلالهما خلع النظامين.

مواجهة القذافي بالإمكانات الحالية تبدو صعبة أو على الأقل مكلفا بالأرواح والضحايا والاستفادة من دعم أمريكي وغربي سيطرح أسئلة استفهام كبيرة حول الغايات الأمريكية ومدى قدرة النظام القادم على الانفكاك من الارتهان للأمريكي . وفي الحالتين يحقق القذافي وابناؤه تهديهم بحرق ليبيا فوق شعبها.