نجح الثوار الليبيون في إخراج القوات الموالية للعقيد معمر القذافي من مدينة البريقة شرق البلاد، بعد معارك عنيفة تخللها كمين ألحق خسائر بشرية ومادية بكتائب القذافي.

فيما أعلن وزير الداخلية الليبي اللواء عبد الفتاح يونس -الذي انشق عن القذافي وانضم للثورة- أن الثوار الذين تراجعوا شرقا تحت وطأة القصف الجوي يستعدون للدفاع عن مدينة أجدابيا ’الحيوية’ و’الإستراتيجية’، خاصة بعد تعرضها فجر اليوم لقصف جوي.

وقال الناطق العسكري باسم الثوار في البريقة حامد الحاسي إن المقاتلين الثوار تمكنوا يوم أمس من نصب كمين للقوات الحكومية التي دخلت وسط المدينة، حيث تمت محاصرتها من كافة الجهات.

وأوضح أن الكمين مكن من أسر 25 جنديا من الكتائب وقتل 20 آخرين، بالإضافة إلى إعطاب عدد من الآليات العسكرية، مما مكن من تطهير المدينة من الكتائب التي نجحت في وقت سابق أمس في السيطرة عليها.

وقال الحاسي بحسب موقع الجزيرة نت إن الثوار نجحوا في إبعاد كتائب القذافي بنحو 20 كلم إلى الغرب من البريقة، مؤكدا أن الكتائب أصبحت فلولا متهالكة.

وقد قال اللواء عبد الفتاح يونس إن ’أجدابيا تقع على محور الطرق المؤدية إلى الشرق، إلى بنغازي وطبرق، وكذلك إلى الغرب’، مؤكدا أن ’الدفاع عن أجدابيا مهم جدا’. وقال إن ’أجدابيا مدينة حيوية وسندافع عنها’.

وعن تموقع القوات الموالية لطرابلس، قال اللواء ’نعتقد أن (القذافي) سيواجه مشكلات لوجستية كبرى وصعوبات جدية لإمداد قواته لأنها مشتتة’ على طول الساحل.

وأوضح يونس أن ’الحرب هي مسألة تقدم وتراجع تكتيكي، وإن انسحبت قواتنا بضع كيلومترات لأسباب تكتيكية، فهذا لا معنى له عسكريا، وخصوصا عندما يكون القتال يدور على أراض شبه صحراوية’.

أما مدينتا الزاوية ومصراتة فما زالتا تخضعان لحصار محكم من قبل قوات القذافي يحول دون حصول أهاليهما على الغذاء والدواء، وسط أنباء عن محاولة هذه القوات التقدم من تخوم المنطقة صوب مصراتة.

وكانت القوات الموالية للقذافي سيطرت امس الأحد على بلدة البريقة النفطية الاستراتيجية مستعملة المدفعية والطيران، وأجبرت الثوار على التقهقر تحت وطأة القصف العنيف بينما يدرس العالم فرض منطقة حظر جوي.

وذكر مصدر بالجيش الليبي على شاشات التلفزيون الرسمي امس الأحد ان القوات الحكومية طهرت البريقة من ’العصابات المسلحة’.

وتقع البريقة على مسافة 220 كيلومترا إلى الجنوب من بنغازي معقل المعارضة المسلحة ولا يفصلها عن أكبر مدن الشرق سوى بلدة اجدابيا. ومن اجدابيا هناك طرق تقود إلى بنغازي وطبرق بالقرب من الحدود المصرية.

وقالت واشنطن إن دعوة جامعة الدول العربية إلى فرض الأمم المتحدة منطقة للحظر الجوي فوق ليبيا ’خطوة مهمة’ لكن بينما قالت الولايات المتحدة انها تستعد ’لأي طارئ’ فقد بقيت حذرة بشأن طرح أي تدخل عسكري مباشر.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أول أمس ان الجامعة ’تطلب من مجلس الأمن فرض منطقة حظر جوي لحماية لليبيين والقاطنين من رعايا الدول العربية والبلاد الأخرى.’

وتصاعد الصراع في ليبيا من انتفاضة شعبية تشبه الاحتجاجات التي أطاحت برئيسي كل من مصر وتونس المجاورتين وهزت الاستقرار في دول اخرى في المنطقة ليصبح أقرب الآن إلى الحرب الأهلية. وتوقفت الاحتجاجات في طرابلس. وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش ’القذافي وقواته الأمنية يقمعون بوحشية كل المعارضين في طرابلس بما في ذلك الاحتجاجات السلمية بالقوة الغاشمة والاعتقالات العشوائية والاختفاء القسري.’

على صعيد آخر،بدأت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون جولة خارجية لها، تسعى من خلالها للتواصل مع المعارضة الليبية التي تطالب برحيل القذافي.

ومن المقرر أن تصل كلينتون خلال ساعات إلى العاصمة الفرنسية باريس، حيث ستلتقي هناك قيادات في المعارضة الليبية.

تجدر الإشارة إلى أن فرنسا قد تجاوزت كل حلفائها الأوروبيين والغربيين وأعلنت اعترافها بالمجلس الانتقالي كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي.

كما ستلتقي الوزيرة في باريس أيضا نظراءها في كل من فرنسا وروسيا وبريطانيا وكندا وألمانيا وإيطاليا واليابان، لبحث الخلاف حول التدخل الأجنبي العسكري في ليبيا لوضع حد للأزمة الدائرة هناك.

ومن المنتظر أن تتوجه كلينتون لاحقا إلى تونس ومصر، حيث ستكون أرفع مسؤول أميركي يزور هذين البلدين منذ الإطاحة برئيسيهما.

فرنسا والجامعة

وكانت فرنسا رحبت بدعوة الجامعة العربية لفرض حظر جوي على ليبيا وهو ما قالت انه يظهر استعداد المجتمع الدولي لحماية السكان المدنيين في ليبيا. وقالت وزارة الخارجية في بيان امس الاحد ان فرنسا تعتزم تكثيف جهودها في الساعات القادمة بالتشاور مع الاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومجلس الامن الدولي والمجلس الوطني الليبي المعارض.

ويحقق هذا الطلب واحدا من ثلاثة شروط وضعها حلف شمال الأطلسي يوم الجمعة لفرض حظر جوي على ليبيا وهو التأييد العربي القوي. والشرطان الباقيان هما الدليل على الحاجة إلى المساعدة وصدور قرار من مجلس الأمن الدولي بهذا الشأن. ولا تريد الولايات المتحدة الظهور بمظهر من يقود الجهود للإطاحة بالقذافي ولم تقدم اي عرض لعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وحتى لو اجتمع مجلس الأمن لمناقشة مسألة فرض حظر طيران فمن غير المؤكد تصديقه على قرار يفرض الحظر بعد ان عارضت روسيا والصين الفكرة علنا.

ووفقا لمندوب ليبيا السابق لدى الأمم المتحدة عبد الرحمن شلقم -الذي انضم إلى المعارضة- فإن كلينتون ستلتقي في باريس محمود جبريل أحد أعضاء المجلس الوطني الانتقالي.

يُذكر أن الإدارة الأميركية قد وافقت في وقت سابق على تعيين مبعوث خاص للتواصل مع المعارضة الليبية، لكنها ما زالت ترفض حتى الآن الاعتراف بالمجلس الوطني الانتقالي كممثل شرعي ووحيد للشعب الليبي حتى تتكون لها صورة واضحة عن الموقف الليبي.