انطفأ أمس وميض ’اللؤلؤة’ في الميدان البحريني الذي كان لأكثر من شهر مضى ينبض بتجمع المطالبين بالتغيير السلمي الديموقراطي ونشاطاتهم الشبابية والشعبية، ليتحوّل على أيدي القوى الأمنية إلى حطام ورماد امتزجا بدماء ثلاثة شهداء ومئات الجرحى من المدنيين واثنين من الشرطة، فيما عمّت البحرين حالة من الرعب الذي نشرته الجيوش السعودية والبحرينية والبلطجية، محاصرة القرى ومطلقة العنان لوحداتها الجوية والبرية التي لم توفر المستشفيات من عمليات ’التطهير’ التي نفذت بوحشية.

إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي اتصل بالملكين السعودي والبحريني، أكدت في وسط هذه المذبحة المعلنة في وضح النهار، على ’الصداقة’ التي تربطها بالانظمة الخليجية المتحالفة ضد حياة البحرينيين العزّل، واكتفت بالقول إن المسار الذي يسلكه هذا التحالف ’خاطئ’، داعية إلى ’ضبط النفس’ ومؤكدة رفضها استخدام ’القوة المفرطة’، فيما كانت ايران تحذّر من ’التهديد للأمن الاقليمي’ الذي تشكله أحداث الجزيرة الخليجية ذات الموقع البالغ الحساسية.

ولم يبق في دوار اللؤلؤة إلا الهياكل المعدنية للخيام المحروقة وبقايا أسطوانات الغاز المنفجرة من بقايا المخيم الذي شكل لإسابيع منبراً للأصوات المطالبة بالتغيير في المملكة.

وقال متظاهر طلب عدم الكشف عن اسمه ’لم يكن هناك مجال لأي مقاومة’. وقتل ثلاثة متظاهرين في الهجوم إضافة الى شرطيين اثنين دهسا، كما أصيب العشرات من المتظاهرين، خصوصا جراء تنشق الغازات المسيلة للدموع. وحال انسحاب المعتصمين أمام القوات المدججة بالسلاح والمدعومة بالمروحيات والمدرعات، دون سقوط عدد أكبر من القتلى، فيما قتل شرطي ثالث متأثراً بجراح أصيب بها أمس الأول.

وبعيد شروق الشمس، اقتربت المدرعات ببطء من جهة البحر بينما نقلت عشرات الحافلات قوات مكافحة الشغب الى الدوار. وتمركزت في مواقع أبعد، بالقرب من الشاطئ، قوات من الجيش بثيابها البنية الفاتحة. وأصرت مجموعة صغيرة من الشبان على البقاء في المكان، وبدت المواجهة الدامية محتمة حينها. إلا ان المجموعة عادت وانسحبت خلف دخان القنابل المسيلة للدموع، وزخات الرصاص الحي التي أطلقتها عناصر الشرطة. وتقدمت بعد ذلك قوات الشرطة ببطء الى وسط الدوار وتقدمتها مدرعتان أزالتا العوائق.

وقام رجال الشرطة المسلحون بالرشاشات بتمشيط المكان، فيما قام آخرون بخلع أبواب سيارات مركونة في المكان لتفتيشها. وتم تدمير المنبر الخشبي الذي استخدمه المحتجون لإطلاق هتافاتهم المطالبة بالإصلاح، والتي وصلت ايضا الى المطالبة بإسقاط النظام والأسرة الحاكمة.

وقال النائب المستقيل عن جمعية الوفاق المعارضة خليل مرزوق في البلاد ’هناك ثلاثة شهداء وكثير من الجرحى’ في الهجوم على دوار اللؤلؤة.

واستنكرت جمعيات المعارضة السبع الاعتداء على المعتصمين في دوار اللؤلؤة. وذكرت الجمعيات ’أن هذا الاعتداء هجوم وحشي متعمد قامت به قوات الأمن والجيش البحريني والقوات السعودية على المعتصمين بدوار اللؤلؤة وباستخدام كل أنواع الأسلحة من طائرات الاباتشي والدبابات والرصاص الحي’.

وأكدت ان الهجوم تم من دون سابق إنذار للمعتصمين وبعد عودة المعتصمين إلى الدوار إثر ’مجزرة الخميس الدامي’ وتعهد الأمير سلمان بن حمد ولي العهد بعدم التعرض للمعتصمين كأولوية لتهيئة الأجواء المناسبة للحوار الوطني.

وأصدرت القيادة العامة لقوة دفاع البحرين بيانا جاء فيه ’صباح هذا اليوم الاربعاء الموافق 16 آذار 2011 ميلادية بدأت قوات من الأمن العام والحرس الوطني وبمساندة من قوة دفاع البحرين عملية تطهير دوار مجلس التعاون (اللؤلؤة) والمرفأ المالي ومستشفى السلمانية وما حولها وإخلائها من الخارجين عن القانون الذين روعوا المواطنين والمقيمين وأرهبوهم وأساؤوا للاقتصاد الوطني، وقد تم تنفيذ العملية حسب الخطة الموضوعة لها بكفاءة واحتراف مع مراعاة السلامة للجميع’. وأضاف البيان ’كما تناشد القيادة العامة المواطنين والمقيمين الابتعاد عن التجمهر في المناطق الحيوية وسط العاصمة حفاظاً على سلامتهم’.

وأعلنت قوات الدفاع فرض حظر للتجول ’حتى إشعار آخر’ يسري من الرابعة مساء إلى الرابعة صباحا في معظم مناطق العاصمة المنامة، في بيان نص على ’منع التجمهر أو التجمع أو عقد المسيرات أو الاعتصامات في كل أنحاء المملكة’.

إلى ذلك، أعلن رسميا إغلاق البورصة في البحرين، إضافة الى المدارس والجامعات حتى إشعار آخر. وأكد بيان لوزارة التربية والتعليم نقله تلفزيون البحرين ’إغلاق المدارس والجامعات ورياض الاطفال الرسمية والخاصة حتى إشعار آخر’.