سلمت مجموعة من المسلحين في بانياس أسلحتها بعد مواجهة استمرت يومين بين قوى الجيش التي حاصرت المدينة والمجموعات المسلحة، وسط أنباء عن تصاعد أزمة نقص الخبز والوقود وحليب الأطفال.
وكان الجيش منح مهلة من يوم واحد للاستسلام وفق ما ذكرت مصادر إعلامية محلية، وذلك بالتعاون مع لجان من الأهالي والوجهاء. وتعرضت قرية البيضة لاطلاق نار كثيف من قبل قوات الأمن السورية ورجال مسلحين أوقع خمسة جرحى على الأقل.
وأفاد ناشط حقوقي لوكالة فرانس برس ’يرجح ان يكون سبب الهجوم عزم السلطات على اعتقال انس الشهري المتحدر من البيضة’ مع معاونين له، في إشارة إلى احد ابرز قادة الاحتجاجات في بانياس.
واتخذت الأحداث في سوريا منحيين متوازيين في الأيام الأخيرة، الأول هو باتجاه الحسم الأمني والعسكري في بانياس، والثاني باتجاه التهدئة وإيجاد مخارج تصالحية كالذي جرى في دوما ويجري في درعا حالياً.
في الغضون،استسلمت مجموعة من ستين مسلحا في مدينة البيضا التي حاصرها الجيش،وتوقعت مصادر إعلامية محلية بحسب صحيفة الوطن أن تكون ’المسألة حسمت بتسليم الأسلحة والمطلوبين ليل أمس’، منوهة بأن إنهاء ’التمرد المسلح يسمح بالعودة للحوار مع الأهالي’.
ونقلت الصحيفة عن المصادر نفسها القول ’أن المواجهة في بانياس كانت مع عناصر متشددة’.
وكانت مدينة بانياس شهدت في بعض أحيائها السبت والأحد الماضيين اشتباكات عنيفة، وذلك بعد أن تولّت مجموعة من الجيش الحسم العسكري بعد مقتل تسعة جنود وضابطين برتبة مقدم في كمين، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء السورية سانا.
وردا على ما نقلته منظمة ـ هيومن رايتس ووتش ـ عن شهود عيان قولهم إن قوات الأمن السورية منعت المتظاهرين من الوصول إلى المستشفيات، ومنعت فرقا طبية من علاجهم في درعا ودوما خلال تظاهرات الجمعة الماضي، نفى مصدر مسؤول في وزارة الداخلية هذه الاتهامات موضحاً ’تناقلت بعض وسائل الإعلام والفضائيات أخبارا عارية عن الصحة عما يجري في سوريا واتهامات بأن السلطات منعت وصول الجرحى إلى المستشفى وإسعافهم. وقد وجدت وزارة الداخلية السورية أنه من الضرورة بمكان أن توضح ما حصل في درعا الجمعة وفي بانياس الأحد’.
وقال المصدر بحسب سانا :’نتيجة الأوامر الحازمة التي وُجهت إلى قوات الشرطة بعدم استخدام العيارات النارية ضد المتظاهرين حتى ولو أصيبوا، فإنه وبتاريخ 8 الحالي أصيب 34 عنصرا من الشرطة أمام مديرية الكهرباء في درعا بعيارات نارية، وكانت إصابة بعضهم خطرة، كما تمت محاصرتهم من قبل المسلحين الذين منعوا سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى لنقلهم إلى المستشفى. وبعد جهود مضنية تم وضعهم في سيارات الإسعاف لنقلهم إلى مستشفى الصنمين، وعند ضاحية عثمان منع مسلحون من قرية عثمان سيارات الإسعاف من المرور فعادت باتجاه السويداء رغم بُعد المسافة وخطورة بعض الحالات، ما أدى إلى استشهاد أربعة عناصر نُشرت أسماؤهم في الصحف والتلفزيون السوري’.
وأضاف المصدر أن ’سقوط عدد كبير من الشهداء في الكمين الذي نصبته مجموعة مسلحة واستهدف وحدة من الجيش في بانياس يعود لكون هذه المجموعة المسلحة أطلقت النار بشكل كثيف على حافلة تقل عددا من عناصر الجيش، ثم قامت بقطع الطريق المؤدية إلى الحافلة المستهدفة لتمنع سيارات الإسعاف من الوصول إلى الجرحى والمصابين، كما أن المجموعة أطلقت النار على الطواقم الطبية المتجهة إلى المكان ومنعت حتى السيارات المدنية الأخرى من الاقتراب لنقل المصابين إلى المستشفى. وقد استشهد ضابط ومجند على الفور، فيما بقي الجرحى ينزفون لساعات ما أدى إلى استشهاد سبعة آخرين كان يمكن إنقاذهم لو أن سيارات الإسعاف تمكنت من الوصول إليهم في الوقت المناسب. هذا وتقوم القوات الأمنية المختصة وقوات الشرطة بملاحقة عناصر المجموعتين المسلحتين لإلقاء القبض عليهم وتقديمهم للعدالة’.
من جهة أخرى، قالت صحيفة السفير اللبنانية أن محادثات تجري مع وجهاء في درعا بهدف إيجاد تسوية لوضع المدينة المتأزم منذ ثلاثة أسابيع. وقالت مصادر مطلعة إن نائب الرئيس السوري فاروق الشرع التقى أمس وفداً من وجهاء المدينة للعمل على ’إيجاد تسوية، في ضوء الاتفاق على الالتزام بوقف أعمال الشغب ومظاهر الاحتجاج’. وبحسب الصحيفة فإن وفداً من الوجهاء سيلتقي مع رئيس الحكومة المكلف عادل سفر للنظر في إمكانية ’النظر في تنفيذ ما هو محق من مطالب المدينة’.
الغاء احتفالات الفصح إكراماً لأرواح الشهداء والضحايا
إلى ذلك، أعلن رؤساء الكنائس المسيحية في دمشق أن احتفالات أعياد الفصح المجيد ستقتصر هذا العام على الصلوات والطقوس الدينية في الكنائس فقط، ’نظراً للظروف الاستثنائية العصيبة التي تمر بها سورية وإكراماً لأرواح الشهداء والضحايا الأبرار الذين سقطوا في الأحداث الأليمة مؤخراً، وتعبيراً عن وحدة أبناء الشعب السوري الأبي وترسيخاً للحمة الوطنية’.
وتمنى رؤوساء الكنائس بحسب ما نقلته سانا عن البيان ’أن يعم الأمن والسلام سورية وأن يعيد الله هذا العيد عليها قيادة وشعبا بالخير واليمن والبركات’.
الردود الدولية
وعلى صعيد الردود الدولية، دان البيت الأبيض على لسان جاي كارني المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما ما سماه ’القمع المشين’ للمظاهرات في سوريا وجدد دعوته للرئيس بشار الأسد إلى احترام ’حقوق السوريين’.
ونصحت وزارة الخارجية البريطانية المواطنين البريطانيين بتفادي أي سفر ’غير ضروري’ إلى سوريا، فيما أدانت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة نافي بيلاي استخدام القوة ضد المتظاهرين في سوريا، منتقدة خصوصاً استخدام ’الرصاص الحي’ من جانب القوى الأمنية.
وفي طهران، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست إن ’ما يحدث في سوريا عمل شرير ينفذه الغربيون خاصة الأميركيين والصهاينة’. وأضاف ’يحاولون بمساعدة إعلامهم خلق احتجاج مصطنع في مكان ما أو المبالغة في مطلب لجماعة صغيرة وعرضه باعتباره مطلب الأغلبية وإرادتها’.
وتشهد سورية منذ منتصف الشهر الماضي تظاهرات غير مسبوقة تطالب بإطلاق الحريات وإلغاء قانون الطوارئ ومكافحة الفساد وتحسين الخدمات ومستوى معيشة المواطنين.