الكاتب : أنور بيجو

من قال : أبوابُ النارِ غيرُ أبوابِ الجنة ؟؟

من الثابت لديّ قبل وقوع الأحداث في سوريا ، أن أحداثاً ما ستقع ، وكان رأيي حين تدور بعض الحوارات والنقاشات حول ( الثورات ) التي قامت وتقوم ، أني أفترض في سوريا سباقاً ، يقوم بين طرفين : الدولة والجهات التي لديها مطالب حقيقية وهما طرف واحد ، وبين جهات معادية لسوريا ستستهدفها وهي الطرف الثاني ، وسيحاول هذا الطرف الثاني أن يخرب ويحرق ، ويسبق الدولة في إجراءاتها الإصلاحية إن كانت تفكر بها ، وأن يسبق الذين يمكن أن يخرجوا للمطالبة بالإصلاح ، وحتى أني تجرأت وأعلنت لبعض الجهات هذا الرأي .

وكون الأمر ليس نبؤة ، فقد تكوّن هذا الرأي لديّ ، وقبل وقوع أي حدث في سوريا من المعطيات التالية :

•1- إلى تاريخه لم تنفذ سوريا ما يطلب منها عربياً أو دولياً وفي كل المجالات .

•2- إن المحور الإقليمي الذي تنتمي إليه سوريا في حالة صعود وتقدم .

•3- خروج تونس ومصر لو مؤقتا من دائرة الجهات الضامنة لأمن كيان اليهود .

•4- الإشارات العملية من تحركات شعبية امتدت من المغرب - الجزائر - ليبيا - اليمن - السعودية - عمان - البحرين ... بغض النظر عن شدة هذه التحركات هنا وضعفها هناك .

•5- ليس على حد علمي أن أية دولة عربية غير سوريا صُنفت على أنها دولة داعمة للمقاومة ، وأنها دولة ممانعة .

والنتجية : هل يمكن للمحور الضامن لأمن كيان اليهود ، ولمحور الإعتدال ( أي جميع الدول العربية ) أن يحدث فيه ثورات وتغيير ، أوحروب وقتل وتدمير ، ويمكن أن تستثنى من ذلك الدولة الوحيدة المصنفة على أنها دولة ممانعة ؟؟ .... هل ستصبح ثقافة دعم المقاومة وثقافة الممانعة هي الثقافة التي تضمن استقرار الأنظمة والدول ؟؟ هل يمكن تحمّل انتكاسة جديدة لمحور يتراجع ، وتقدم جديد لمحور هو في الأساس صاعد ؟؟ هل يمكن ترك كيان اليهود أمام سوريا وإيران والمقاومة في لبنان وغزة لكن بدون مصر وتركيا ؟؟ .

أستطيع أن أجزم أن تلك المعطيات ، وتلك ألأسئلة التي وضعها الغرب وكيان اليهود أمامه ، وكذلك دول الاعتدال المعلنة وغير المعلنة ، وكل الذين لهم ثأر شخصي وغير شخصي مع سوريا ، وكون الزمن زمن ثورات وإصلاح ، فإن هذه المعطيات والأسئلة دفعت كل السابق ذكرهم ، يخوضون سباقاً للنيل من سوريا ، قبل أن تبادر الدولة إلى الإصلاح ،وقبل أن يطالب الناس حسب الأصول بالإصلاح .

والهدف :

•1- في الحد الأدنى : إزالة أي احتمال لتعميم ثقافة الربط بين المقاومة والاستقرار .

•2- في الحد الأعلى : صحيح أن إيران تدعم المقاومة في غزة ولبنان ، لكن طريق أي دعم هو سوريا ، بكل ما تعني كلمة طريق من معنى ، أي أنه لا طريق لإيصال أي دعم بدون سوريا ، وبالتالي : المطلب في حده الأعلى ، هو وقف طريق الدعم العملي الوحيد ، والاستفراد بالمقاومتين . ومع انشغال سوريا بأحداثها ، وقبل أن تهدأ مصر وتحدد طريقها ، ها هي بوادر الاستفراد بدأت تلوح في غزة .

أعتقد أن الهدف في حده الأدنى قد تحققت نسبة ما منه ، وحسبما أرى ودون عواطف وحماسة ، وحسبما تشير الوقائع والمعطيات اليومية ، أن الهدف في حده الأعلى صعب المنال ، وأن سوريا مرة جديدة لن تنكسر . ولكن : هل الصراع الدائر اليوم لتكبير نسبة الحد الأدنى ، وللسعي للوصول إلى الحد الأعلى ، هو شيئ يحدث وينقضي وكأنه حالة موسمية ؟؟

أي : هل ما امتلأت به أدبياتنا من مثل ( حرب وجود لا حرب حدود ) و ( صراع مصيري ) و ( حدودك يا إسرائيل من النيل إلى الفرات ) هو شيئ واقعي ؟ أم أنها أدبيات فارغة وضعت لإلهائنا عن حياتنا اليومية ، كما يقول بعضهم ؟

يجب أن نجيب .... بل لابد أن نجيب ، ولا بد أن يجيب الجميع ، فلا يمكن الحديث عن قانون الطوارئ و الفساد والعدالة في توزيع الثروة ، وعن المطالب المعيشية ، والديموقراطية ، والتعددية الحزبية ، وحرية الإعلام ...... دون أن نجيب على سؤال جوهري : ما مصير هذا الصراع - إذا كان حقيقياً - في حال سقطت سوريا إلى هاوية الفوضى تحت دعاوى الإصلاح والتغيير ؟؟

إن الإصلاح والتغيير ، أي التطور إلى الأصلح ، هو قانون طبيعي ، سنته الحياة قبل أن يسنه البشر ، وما سنته الطبيعة لا يمكن لبشر أن يمنعه ، فلا داعي إذن أن يُفهم بأي طريقة من الطرق ، أن هناك أي تلميح إلى أية مبررات لعدم السير إلى الأمام والتطور الإنساني ، بل على العكس تماماً وبقوة .

لكن إذا كانت الدعوة الصريحة إلى الفتنة الطائفية ، وإذا كان القتل والتخريب هما من وسائل مشروع التغيير والإصلاح والمدعوم من الغرب الموالي للحق اليهودي ، فما هو مصير الصراع العربي ( الصهيوني ) ، في حال نجح هذا المشروع ( الإصلاحي التغييري ) ؟؟

مدعوٌ كل سوري ، في السلطة وخارجها أن يفكر في هذا الشأن ، بل مدعوٌ كل عربي يدعي أن فلسطين تعني له الكثير أو ختى القليل .

- ( يتبع )- عن إزالة آثار العدوان على ثقافة المقاومة .