تصاعدت حدة التوتر أمس في مدينة حمص، حيث شهدت الساعات الأولى من فجر اليوم الثلاثاء تدخلا من جانب قوات الأمن لفض اعتصام آلاف المحتجين، الذي تحدثوا بحسب وكالات الأنباء عن وقوع ’مجزرة حقيقية’.

فيما دافع وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، خلال لقائه سفراء الدول العربية والأجنبية في دمشق أمس، عن الطريقة التي تتعامل بها السلطات السورية مع الاحتجاجات، موضحا أن ’التظاهر السلمي أمر نحترمه ولكن قطع الطرق والتخريب والقيام بعمليات الحرق أمر آخر، ولم يعد مقبولا السكوت عنه’، مشيرا إلى أن ’هناك ضغوطا شعبية كبيرة تطالب الحكومة باستعادة الأمن والنظام’.

وكانت مدينة حمص قد شيعت أمس الشهداء الذين تعرضوا لإطلاق نار أثناء الاحتجاجات. كما شيعت بلدة تلبيسة ثمانية من شهدائها، وبينهم العميد عبدو خضر التلاوي وولديه وابن شقيقه الذين سقطوا برصاص قناصة.

وقال شهود عيان ليونايتد برس إنترناشونال إن الآلاف من أبناء حمص والبلدات القريبة اعتصموا في المنطقة الممتدة من الساعة القديمة إلى الساعة الحديثة وسط المدينة.

وأضاف الشهود أن لجانا شعبية كانت تسيطر على مداخل الشوارع المؤدية إلى منطقة الساعة وتخضع كل من يدخل إليها للتفتيش.

وردد المتواجدون بهتافات تطالب بالحرية والوحدة والوطنية ونبذ الطائفية، فيما خلت المنطقة من وجود قوات الأمن التي اكتفت بالمراقبة من مناطق بعيدة.

وكانت وزارة الداخلية أصدرت تعميما في محافظة حمص بمنع دخول الدراجات الآلية إلى المدينة، وذلك ’نظرا لقيام بعض المجموعات المسلحة في المحافظة بتنفيذ مخططاتهم الإجرامية باستخدام الدراجات الآلية’.

وحملت السلطات السورية مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية مسؤولية ما يجري في مدينتي حمص وبانياس.

وقالت وزارة الداخلية في بيان إن ’مجريات الأحداث الأخيرة كشفت أن ما شهد أكثر من محافظة سورية من قتل لعناصر الجيش والشرطة والمدنيين والاعتداء على الممتلكات العامة وقطع الطرقات العامة والدولية إنما هو تمرد مسلح تقوم به مجموعات مسلحة لتنظيمات سلفية ولاسيما في مدينتي حمص وبانياس’.

وذكر البيان أن بعضا من هؤلاء دعا علنا إلى التمرد المسلح تحت شعار الجهاد مطالبين بإقامة إمارات سلفية، على حد نص البيان.

وأشار البيان إلى أن ’ما قامت به هذه المجموعات المسلحة يشكل جريمة بشعة يعاقب عليها القانون بأشد العقوبات’، وشدد على أنه ’لن يتم التساهل مع النشاطات الإرهابية لهذه المجموعات المسلحة التي تعبث بأمن الوطن وتنشر الإرهاب’.

من جهته قال وزير الخارجية وليد المعلم في لقائه مع السفراء العرب والأجانب ’نحن نعتقد أن من يريد الإصلاح يعبر عن رأيه بطريقة سلمية ومن منطلق أن هذا الإصلاح ضرورة وطنية ومن يريد الإصلاح لا يستخدم العنف والسلاح ولا يلجأ إلى التخريب وحرق مؤسسات الدولة وقطع الطرق مؤكدا في الوقت نفسه أن الإصلاح هو حاجة وطنية وهو أيضا عملية مستمرة لا تتوقف ويتطلب الأمن والاستقرار’.

وأكد الوزير السوري أن ’التظاهر السلمي أمر نحترمه ولكن قطع الطرق والتخريب والقيام بعمليات الحرق أمر آخر ولم يعد مقبولا السكوت عنه’ مضيفا أن هناك ضغوطا شعبية كبيرة تطالب الحكومة باستعادة الأمن والنظام’ ومعربا عن الأمل في ’ألا يتكرر ما قام به المسلحون في تلبيسة حتى لا تضطر الدولة لاتخاذ الإجراءات اللازمة’.

وقال المعلم ’نحن لا نعترض على حرية الإعلام ولكننا نعترض على عدم الموضوعية فيه لأن الافتقاد إلى الموضوعية يضر بالمصلحة الوطنية’ مشيرا إلى أن ’الرأي العام في سورية يتساءل عن دوافع هذا الموقف التحريضي’.

على صعيد آخر، نفت الولايات المتحدة العمل على تقويض الحكومة السورية، وقالت إنها تعمل لمساندة المطالبة بالديمقراطية ’مثلما تفعل في مختلف أنحاء العالم’.

جاء ذلك تعقيبا على ما نشرته صحيفة واشنطن بوست نقلا عن برقيات دبلوماسية سربها موقع ويكيليكس على الإنترنت، قالت إن وزارة الخارجية الأميركية مولت سرا جماعات معارضة سورية. وقال المتحدث باسم الوزارة مارك تونر إن على الرئيس الأسد أن يتعامل مع التطلعات المشروعة لشعبه.

وقد ذكرت الصحيفة أن البرقيات الدبلوماسية أظهرت أن الخارجية الأميركية قدمت منذ العام 2006 مبالغ مالية تصل إلى ستة ملايين دولار لمجموعة من السوريين في المنفى لتشغيل قناة بردى التلفزيونية الفضائية التي تتخذ من لندن مقرا لها ولتمويل ناشطين داخل الأراضي السورية.