الكاتب : حازم خضر
طرح دخول الجيش الى مدينة درعا بعد أكثر من خمسة أسابيع على بدء الاحتجاجات ، بعدما تحولت الى ما يشبه الفوضى الشاملة في المحافظة الجنوبية ، أسئلة عريضة حول تأخر اللجوء الى ذلك الحل كما بدا واضحا من أراء الشارع وشرائح مثقفة جرى التعبير عنها في الإعلام الرسمي ، وأيضا درجة نجاعة ذلك الحل وما سيتبعه من إجراءات سياسية تمحو صفحة مؤلمة من حياة المحافظة في الطريق لعودة الحياة الى طبيعتها الى المدينة واستعادة عافيتها وموقعها المتقدم في الحياة السياسية والاقتصادية السورية ، دون أن يعني ذلك بالتأكيد محو أي من مطالب أكدت الدولة في وقت مبكر أحقيتها لدرعا كما لغيرها من محافظات القطر.
وإذا كان الحديث عن تأخير الحسم الأمني له من يؤيده على اعتبار أن التبكير بذلك الحل كان من الممكن أن يحقن دماء ويخفف الضغط والعبء عن الشارع السوري برمته الذي عاش لحظات صعبة بالفعل ،وخصوصا مع كل يوم جمعة فضلا عن جمود كبير في الحياة العامة .. فإنه في المقابل ثمة رأي أخر، لا يقل أهمية ،و ينطلق من أن الحل العسكري قد جاء في وقته استنادا الى ضرورة إعطاء مهل لأهل المحافظة قبل اللجوء للقوة خصوصا وأن وجهاء وشخصيات رفيعة المستوى من المحافظة قدمت وعودا قاطعة للقيادة السورية بالعمل على عودة الأمور الى طبيعتها بعد أن قدموا كل ما لديهم من مطالب وملاحظات وحصلوا بالفعل على معظم طلباتهم ، فيما تجري متابعة ما يحتاج الى وقت وفقا جداول زمنية واضحة.
ويدافع أصحاب هذا الرأي عن وجهتهم بأنه كان من الضروري إعطاء التحرك وقته خصوصا وأنه عند انطلاقته كان سلميا حضاريا شارك فيه كثيرون من منطلق المطالبة بالفعل عن حقوق ومطالب جرى تفهمها بعمق بما فيه ملاحقة من أساء للمحافظة / عزل المحافظ والمسؤول الأمني/ .والانتظار كان مطلوبا أيضا حتى يتضح المآل الأخير للحراك باعتباره ظاهرة جديدة لم تشهدها سورية منذ عقود طويلة وبالتالي وجود أمل أن يؤسس إلى حالة حراك مجتمعي دائم.
لكن بعد فشل الرهان على تلك المعطيات بات من الواضح أن دخول الجيش هو الحل ويشكل خطوة تريح الشارع السوري برمته مع الأمل بأن يشكل الحل العسكري نهاية لحال الفوضى و الخوف التي شكلت العنوان الأهم للحياة السورية خلال الأسابيع القليلة الماضية. وأكثر من ذلك يبدو من الواضح أن مهمة الجيش تسبق المهمة الأبرز من أجل تطبيق الإصلاحات السياسية التي جرى إصدار مراسيمها كما يجري العمل على غيرها / قانون الإدارة المحلية ، والمطبوعات، والأحزاب / وذلك استنادا إلى أنه يستحيل البحث في تطبيق أي إصلاح جدي والانطلاق في تطويره ومعرفة مدى نجاحه دون استعادة الأمن وفرض القانون.
اليوم وبعد دخول الجيش والتضحيات التي يقدمها وحالة الترحيب العارمة التي يلاقيها في كل مدينة وبلدة سورية تؤكد أن طريق استعادة الحياة الطبيعية إلى درعا وغيرها من المناطق الساخنة، قد بدأ بالفعل وبات من المهم البحث فيما بعد هذا المرحلة من خلال إعادة الحياة إلى طبيعتها بمعناها الاجتماعي والبحث في تطبيق حزمة الإصلاحات وقبل هذا وذاك تحصين البلاد من حالات العصابات المسلحة والفكر التكفيري الغريب على المجتمع السوري.
كلا تلك المهام الكثيرة ينتظرها السوريون اليوم وغن كان الملح منها يبدأ بالحالة الأمنية التي لم تعد تنتظر إطلاقا.