الكاتب : حازم خضر

هل اقتنع العالم اليوم بأن حالة الفوضى العارمة في درعا وغيرها من مدن وبلدات سورية لم تعد تمت بصلة بمطالب إصلاحية ’محقة’؟.

أربعة أسابيع كانت أكثر من كافية لتتوضح معالم الصورة ، ومع استمرار الحال الاحتجاجية الفوضوية والتي تحولت الى كوابيس على السوريين مع سقوط ضحايا في كل جمعة بات واضحا أن الإصلاح شعار براق تم الاختباء ورائه فترة وحين تعاملت الدولة معها بجدية كاملة وبما يتقدم على تلك المطالب ويعطيها إطارا مبرمجا يجعلها جزءا من برنامج مجتمعي شامل بدا أن الأمر يتجاوز نوايا كثير من الصادقين والمؤمنين بالفعل بضرورة الإصلاح الى أجندات خطيرة تترجمها بعمق أسئلة كبيرة باتت على لسان كثير من السوريين ومحبي سورية ،بما تمثله من حضور في كل تفصيل من تفاصيل قضايا المنطقة ،عن دوافع تلك الاحتجاجات المتواصلة خصوصا بعدما انتقلت إلى فوضى غير مسبوقة في سورية :حرقا وتدميرا للممتلكات العامة والخاصة واستهدافا لعناصر الجيش والمدنيين الأمنين.

يفرض المشهد العام بعد تسجيل شهداء وجرحى في الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء أكثر من سؤال تداوله السوريون في كل مواقعهم ومنذ خروج أولى التظاهرات بعد صدور المراسيم الإصلاحية الأهم / إنهاء العمل بحالة الطوارئ وإلغاء محكمة امن الدولة وقانون التظاهر السلمي/ ولعل أبسط وأخطر تلك الأسئلة ينطلق من أنه: هل تفترض مطالب الإصلاح ، بعد كل ما تحقق، إراقة تلك الدماء من دماء أبناء الوطن ؟ ويتبعه بأخر عن سر حماس الآخر / أمريكي وفرنسي وبعض العربي / في متابعته للحدث السوري ومحاولة تحويله إلى قضية الساعة ؟.

لا جدال بوجود مطالب محقة ، وكانت أقرت في مشاريع قوانين للمؤتمر القطري التاسع لحزب البعث واجتماعات رسمية عالية المستوى ، وأكثر من ذلك استمع الرئيس بشار الأسد مباشرة لوجهاء وشيوخ من مناطق مختلفة وجرى التجاوب مع المطالب التي تمثل قاسما مشتركا للسوريين جميعا . لكن في المقابل يشكل الاستمرار في الطقس الاحتجاجي بصورته الفوضوية عائقا حقيقيا أمام أي إجراء إصلاحي ،انطلاقا من أن استعادة الاستقرار والأمن مدخل ضروري ليعيش المجتمع ثمار قرارات الإصلاح التي خرجت المظاهرات الأولى من اجلها وجرى إقرارها ويجري العمل على تنفيذ غيرها على مدار الساعة وتشكل أولوية للحكومة الجديدة.

الخارج عامل أخر يعمل على إجهاض الحالة الإصلاحية ويتوضح دوره كل يوم عبر تحريض معلن على بث حالة الفوضى وضرب الاستقرار في الشارع السوري تحت عناوين مزيفة لا تخدم إلا مصالح الغرب وإضعاف سورية الحاضرة في ملفات مزعجة للإدارة الأمريكية بالدرجة الأولى ومشاريعها من الخليج العربي وحتى قطاع غزة.

الحملة المنسقة التي أدارتها واشنطن وباريس وشاركت فيها عواصم أوروبية أخرى تفرض على كل صاحب مطلب شريف الانتباه إلى ما يحدق بسورية بعيدا عن مطالبه التي انتظرها عقودا وتتحمل أياما وأسابيع أخرى وبالتالي المساهمة بإجهاض الفتنة وبالتالي تحمل مسؤوليته في ملاقاة إرادة الإصلاح الصلبة للدولة. الأمر اليوم لم يعد يتعلق بالإصلاح مهما كان سقفه بل بإستعادة استقرار بات مطلبا أكثر إلحاحا ولا بد منه للبدء بتطبيق الإصلاحات